شهور ساخنة في المنطقة
ماجدة الحاج
لعلّها المرحلة الاخطر التي تلفّ المنطقة والتي ستطبع الشهور الثلاث ونيّف الفاصلة عن نهاية العام، بسخونة غير مسبوقة بعد إشهار التطبيع بين دولة الإمارات العربية والبحرين مع “اسرائيل”، وإخراج العلاقات الخليجيّة السريّة من تحت الطاولة الى فوقها، ليبدأ تشكيل معسكر تكتمل اركانه تباعا ضدّ ايران وبطبيعة الحال ضدّ محور المقاومة في المنطقة.. وسائل الإعلام العبرية لا تنفي انّ التطبيع بين “اسرائيل” ودولة الإمارات هو اتفاق عسكري وأمني بين الجانبَين ضدّ ايران، وانّ الهدف من عمليّات التطبيع مع الدول الخليجية، هو تشكيل تكتّل واسع ضدّ “العدوّ المشترك”، وسيكون للكيان العبري موطئ قدم في مياه الخليج. “سنحاصر ايران من الشمال والجنوب، وسنُواجهها –عبر الإمارات” في ساحتها الخلفيّة وبطنها الرّخوة” –بحسب تعقيب صحيفة “اسرائيل ديفنس” التي “بشّرت” في عددها الأخير، ب”سعي اسرائيلي-اميركي يجري خلف الكواليس، لجرّ العراق الى قافلة المطبّعين مع “اسرائيل”،التي ستنجح بمعيّة حلفها الى “تكسير” الجسر الذي يربط بين طهران وحلفائها على امتداد المنطقة- وفق اشارتها.
مؤشرات تطوّرات خطيرة ومتسارعة مُرتقبة منذ البدء بإشهار تطبيع الدول الخليجية تباعا مع “اسرائيل” –والتي سينضم اليها 5 او 6 دول وفق ما اعلن الرئيس الأميركي، وتأتي وسط تقارير صحفيّة غربية، كشف إحداها- بعد استبيان آراء جنرالات “اسرائيليين “حاليّين وسابقين، عن “سيناريوهات ستظهر نتائجها قريبا في ايران، كما حيال حزب الله في لبنان-عبر وكلاء داخليّين، على ان يتكفّل تنظيم “داعش” ب “اشعال” ساحتّي سورية والعراق، و”تنشيط” دوره في شمال لبنان –بواسطة أجهزة استخبارات “حليفة”، وتتكفّل “اسرائيل” بدورها وفق سيناريو جديد، ب”سحق” حركة انصار الله اليمنيّة عبر “الوكيل” الإماراتي… ولكن، لإيران ومحور المقاومة.. رأيٌ آخر!
طهران التي لم تنتظر طويلا للرّد على اعلان التطبيع بين “اسرائيل” ودولة الإمارات، عبر المبادرة سريعا الى اطلاق مناورات عسكرية في مياه الخليج على مساحة مليونَي كيلومتر تحت اسم “ذو الفقار99 ” استمرّت على مدى ثلاثة ايام، وشاركت فيها قوّات برّية، بحريّة وجوّية، آثرت تمرير مناوراتها على وقع رسائل ناريّة باتجاه “من يهمّهم الأمر” من البوّابة اليمنيّة..فتزامنا مع انطلاق المناورات الإيرانية يوم الخميس الفائت، بادرت حركة “انصار الله” بهجوم عنيف الى دكّ هدف عسكري “هام” في العاصمة السعودية الرياض لم توضح ماهيّته حتى اللحظة، وذلك غداة استهداف مطار ابها السعودي بهجمات مركّزة على مدى ثلاثة ايام، على وقع معلومات سُرّبت عن احد قادة الحركة الميدانيّين، افادت انّ الهجوم الواسع والمركّز على المطار السعودي، مردّه رصد هبوط طائرات “اسرائيلية” فيه باغتتها المسيّرات الهجوميّة التابعة للحركة.
اللافت انّ الرسالة اليمنيّة ” مُرّرت” مع اخرى لا تقلّ اهميّة في غير ساحة من ساحات محور المقاومة عقب اعلان التطبيع بين الإمارات و”اسرائيل”، ليس اوّلها واقعة انفجارَي دبي وابو ظبي بشكل متزامن قُبيل ساعات من هبوط طائرة “التطبيع” الإسرائيليّة على الأرض الإماراتيّة، مرورا بالحدث الأمنيّ الهام في شمال فلسطين المحتلة-قرب الحدود مع لبنان، حيث نجح “مجهولون” بدخول قاعدة عسكريّة كبيرة في الجليل، وأطبقوا على كميّة كبيرة من الأسلحة والعتاد “الإسرائيلي” وعادوا ادراجهم بسلام.. قبل ان يُتوّج ذاك الخرق الأمنيّ بحدث آخر غير مسبوق، كشفه شريط فيديو مصوّر نشره حساب “أنتل سكاي” يوم الأربعاء الماضي، ووزّعته جهة تُطلق على نفسها اسم “حركة حريّة”، أظهر ضبّاطا من “الموساد” الإسرائيلي وقعوا أسرى في قبضة الحركة!
واقعة الأسر هذه التي يكتنفها الغموض حتى اللحظة، وتُحيط بها علامات استفهام سيّما انّ الجهة التي مرّرت شريط الفيديو تعمّدت على ما يبدو ايصال رسالتها الى تل ابيب بشكل غامض لفكّ شيفرتها، أُحيطت بتكتّم شديد ودونما اي تعليق من جانب “اسرائيل”، كما من الجانب الآخرـ الذي تقصّد تمرير الشريط في هذا التوقيت بالذات، كما ربط تبنّيه بجهة غير معلومة. الحركة “المجهولة” الى الآن، حدّدت بالشريط المُتداول وبالصوت والصورة، اسم احد الضباط الأسرى الذي عرّف عن نفسه ويُدعى ديفيد بن روزي، فيما آثرت عدم تحديد اسم ضابط آخر يجلس الى جانبه، ووضعت علامات اشارة فوق ثالث وقع ايضا في الأسر!
رغم مرور اسبوع كامل على نشر شريط الأسرى المصوّر، الا انّ الصّمت المطبق حياله يبقى سيّد الموقف، سوى بعض المعلومات المسرّبة الشحيحة التي المحت الى انّ ما ظهر في مضمون الشريط استحوذ على اهتمام كبير في الأروقة الأمنيّة والإستخباريّة “الإسرائيليّة”، سيّما انّ الضابط الذي عرّف عن نفسه معروف في جهاز “الموساد”، وبالتالي، فإنه لو تمّ التأكد من اختفاء الضباط الثلاثة، فإنّ “اسرائيل” امام عمليّة خرق امني “معادي” غير مسبوقة.. خصوصا انّ تعقيبا نُقل عن نائب مدير وكالة الإستخبارات الأميركية السابق جون ماكلولين، رجّح فيه “جدّية” واقعة الأسر-“التي ستبقى الى حين تخضع لرقابة صارمة من قِبل السلطات الإسرائيلية، في مقابل تكتّم مماثل على ضفّة الجهة المنفّذة ” حتى تحديد الوقت المناسب”- وفق اشارته.
وعليه، فإنّ مرحلة اخرى قد بدأت في المنطقة على متن اعلان الحرب -من بوابة التطبيع، ضدّ ايران ومحور المقاومة.. فأن يكون لإسرائيل بعد ابرام الإتفاق العسكري والأمني مع الإمارات –ومع من سيليها، قواعد عسكرية في المنطقة، وموطئ قدم في مياه الخليج وسقطرى وباب المندب في وجه ايران، فهذا يعني انّ الأخيرة اصبحت “متحرّرة” من الآن وصاعدا من ايّ ضغوط على حركة “انصار الله” اليمنيّة، ل “تحييد” الإمارات عن هجماتها، والتي ستكون في دائرة الردّ المباشر في حال ايّ اعتداء”اسرائيلي” يطال ايران – وفق ما اعلنه على الملأ مساعد رئيس البرلمان الايراني للشؤون الدولية حسين امير عبد اللهيان.
هذا من دون اغفال التهديدات غير المسبوقة التي وجّهها قائد اركان الجيش الايراني حبيب الله سياري على متن مناورات “ذو الفقار 99″ الخميس الفائت، حيث حذّر من” اي خطأ استراتيجي يرتكبه العدوّ تجاه بلاده، لأنّ الرّد وجغرافيّة الحرب لن يقتصرا على منطقة غرب آسيا” !
لا يُغفل مراقبون ومحللون عسكريون الإشارة الى انّ الإمارات بإعلانها التطبيع مع “اسرائيل” شرّعت ابوابها امام المفاجآت اليمنيّة “غير السارة”.. مفاجآت على الأرجح ستكون مدوّية وبلا حدود جغرافيّة، ربطا بإلغاء طهران منذ الآن كل القيود والخطوط الحمر من امام حلفائها في المنطقة بعدما بات امنها القوميّ مهدّدا الى حدّ خطير..
بحسب ما نقل مصدر في صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، عن نائب تشيكي لم يُحدّد اسمه، فإنّ لديه معلومات عن مستجدات غير مُتوقعة ستمتد من لبنان مرورا بالعراق، وصولا الى اليمن.. ” الا انّ المفاجأة الكبرى التي لم تعد بعيدة– وفق معلوماته، ستكون مزدوجة في سورية.. بدءا بحدث استراتيجي هام شمالا، وزيارة لزعيم دولة اوروبية غير متوقعة الى دمشق للمرّة الأولى منذ عام 2011 !
النشرة