هل يصلح المال ما أفسده السابقون في قاطرة التنمية السورية ؟
أيهما أفضل وأجدى اقتصادياً وإنتاجياً وعائدية: أن تطالب وزارة الصناعة بزيادة اعتماداتها الاستثمارية في 2021، أم المطالبة بتطوير المؤسسات أو الشركات الصناعية القائمة حالياً، والتي تقوم بعملية الإنتاج لعدد من المنتجات والسلع التي تحتاجها أسواقنا..؟
بمعنى آخر، أن تذهب تلك الزيادة – في حال تم الموافقة عليها – لتمكين الشركات فنياً وإنتاجياً ومالياً، أي أنها ستكون من أسباب نهضة صناعية قائمة على وسائل إنتاج حديثة متطورة تحقق الجدوى الاقتصادية، وبالتالي قيماً مضافة أكبر وأشمل تعزز قدرة تلك الشركات على المنافسة كماً ونوعاً، محلياً وخارجياً، توازياً مع تحقيق أعلى مواصفات الجودة..؟
برأينا أن الإجابة على سؤالنا تقتضي دراسة معمقة تستند إلى تحليل واقع قطاعنا الصناعي عامة، والعام خاصة، تحليلاً علمياً وعملياً، خاصة بعد التصريح الأول لوزير الصناعة الجديد، وهو “أن القطاع الصناعي السوري يحتاج لموازنة دولة لمدة عامين”..!!
لسببين لا ثالث..!
لن ندخل في تقويم التصريح “الثقيل في عياره” نظراً لما يرتبه من مسؤولية ومهام ومتطلبات، كما لن نسأل معاليه: على أي شيء استند في تحديد كلفة إعادة إعمار قطاعنا الصناعي، ليكون على مستوى ما يؤمل منه ويعول عليه؟ لاسيما وأن التصريح يحمل في طياته نوعا من مفهوم الاستحالة، حتى اليأس، في القدرة على الوصول لما نهدف، في ظل الظروف الحالية..! لكننا وفي ضوء ما سلف، نقول: إن مطالبة وزارة الصناعة من رئاسة مجلس الوزراء بزيادة اعتماداتها الاستثمارية في مشروع الموازنة العامة للدولة، للعام القادم 2021، بنحو 10.045 مليارات ليرة، لتصبح 55.045.005.000 ليرة .
وفق تأكيد الدكتور إياد مقلد مدير التخطيط في وزارة الصناعة– بدلاً من 45 مليار ليرة، وعرضها على المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي، للنظر بإمكانية التخصيص بالاعتمادات الإضافية.. نقول: لن تجد طريقها للقبول، لسببين: أولهما أن عددا من المشاريع المطروحة تمت مناقلته من سنوات مضت، كـ “خط الجينز” ومشروع ” معمل العصائر” مثلاً، رغم أهميتهما بنسب مختلفة.
أما ثانيهما فيتمثل بوجود عدد من الصعوبات والعراقيل التي تحول دون ذلك.. صعوبات من المشتبه أن تكون أقرب للتعطيل من متنفذين قادرين على حرف القرار الصناعي، بوجهات لا تضر بمصالحهم ،وما يخططون له من أعمال ومشاريع مماثلة، ولنا في مشروع معمل العصائر تجربة وعبرة ودليل..!
سبب التدني..
كما ونستند في رأينا بعدم موافقة المجلس الاقتصادي الاجتماعي على الزيادة، إلى الانخفاض الكبير في نسبة تنفيذ الخطة الاستثمارية، وتنفيذ خطط مؤسسات القطاع العام الصناعي عن النصف الأول من هذا العام، التي اطلعنا عليها، حيث تظهر تواضع أداء هذا القطاع نتيجة القصور في حلحلة مشاكله وصعوباته، بشكل كلي وجزئي..!
مستندنا هذا كان حجتنا أمام مدير التخطيط.
الذي أكد لنا، أن سؤالنا هو الأول من نوعه صحفياً، والمتمثل بعدم منطقية تدني نسب التنفيذ استثمارياً وإنتاجياً، وفي الوقت نفسه تطالب الوزارة برفع الاعتمادات الاستثمارية،..!
الدكتور مقلد أوضح عدم دقة الطرح، مبيناً أن تدني نسب التنفيذ في النصف الأول سببه المدد الزمنية التي تأخذها الإجراءات الإدارية حين تريد المؤسسات والشركات تأمين متطلبات الاستثمار والإنتاج.
حيث تحتاج لدراسات وبعدها دفاتر شروط فنية ومالية. وبعد الموافقة على الدفاتر، تحتاج الموافقة على طرح العروض، ومن ثم الإعلان عنها مرة وثانية وثالثة، وحين لا يتقدم أي عارض أو مستثمر (خاصة في ظل الظروف الحالية..) يصار إلى الموافقة على عقود بالتراضي،. وهكذا دواليكم، من دورة مستندية تحتاج لوقت، وهذا أغلبه يتم في النصف الأول من العالم، لذلك تكون النسب متدنية، بينما نلمس ارتفاع النسب في نهاية النصف الثاني من العام..!؟.
تجربة وعبرة..!
ردا على توضيح مدير التخطيط، نقول مع احترامنا لرأيه: قد يكون في الأمر صحة حين نتحدث عن مبررات وأسباب تواضع المؤشرات الإنتاجية، لكن بالنسبة للمشاريع نعتقد أن الأمر مختلف وغير دقيق. فمثلاً، كلنا نتذكر الشركات العشرة التي قدمت عروضها لإقامة معمل العصائر، زمن الوزير الأسبق أحمد الحمو، وقد سمعنا منه شخصياً أن المعمل “قاب قوسين..”، وأن كل الأمور منتهية، لكن فجأة انطفأ كل شيء، ليطالعنا خبر معمل للعصائر في الساحل لرجل أعمال معروف..!.
الخيار الأنسب..
كلنا نتمنى ونأمل أن يتحقق لقطاعنا العام الصناعي، خاصة، ما يليق به وبتاريخه ودوره، وما وصل إليه في مرحلة ما من عزًّ وازدهار، حتى غدت العديد من شركاته ماركات عالمية، لكن التمني والآمال شيء، والواقع شيء آخر، فكيف إن كان الحال وصل لحد احتياج موازنة دولة لمدة عامين!؟
ورغم كل ذلك، نؤكد أن إدارة المتاح والممكن من الإمكانيات في المرحلة الراهنة هو الخيار الأنسب للموازنة والمواءمة بين ما يجب تأمينه من اعتمادات لتحسين المؤشرات الإنتاجية، في ظل وسائل الإنتاج القائمة، والواجب تجديدها وتطويرها، وبين توفير التمويل لإقامة المشاريع الجديدة.. وهنا يأخذنا الطرح لقانون التشاركية الذي لم نعد نسمع عنه شيئاً..!
البعث
اقرأ أيضا :محاولات إنعاش مكثفة لمشروعات الفقراء