لماذا أشعلت تركيا الحرب بين أرمينيا وأذربيجان في هذا التوقيت؟
يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب طيب أردوغان لايروق له أن يرى أي استقرار وإن كان مؤقتاً في المنطقة، ففي ظل الهدوء النسبي الذي يسيطر على الجبهات التي تتواجد فيها قوات الاحتلال التركي في ليبيا وسورية، ذهب أردوغان ليشعل نزاع جديد على حدود تركيا الشرقية بين أرمينيا وأذربيجان.
صحيح أن النزاع الأرمني-الأذربيجاني هو نزاع تاريخي على إقليم “ناغورنو كاراباخ” لكنه لم يكن ليشتعل لولا تحريض تركيا للجانب الأذربيجاني للبدء بالحرب، فالحرب اشتعلت بعد المناورات التركية-الأذربيجانية قبل أسبوعين، وتحدّثت تقارير آنذاك عن مساعدات عسكرية كبيرة قدمتها تركيا لأذربيجان خلال المناورات وبعدها، وبشكل خاص تسليمها عدداً كبيراً من الطائرات المسيرة بالسلاح أو من دونه.
حيث يعتبر إقليم “ناغورنو كاراباخ” نقطة صراع بين الجارتين أرمينيا وأذربيجان وتؤكد أرمينيا أنه جزء من أراضيها لكون أكثرية سكّانه من الأرمن فيما تتمسك أذربيجان باستعادة هذا الإقليم باعتباره جزء من أراضيها.
مؤخراً تجددت المواجهات بهجوم من القوات الأذربيجانية على “ناغورنو كراباخ”، وتمكنت القوات الأذرية من تحقيق بعض التقدم، مستفيدة من الدعم الذي قدم من تركيا وتحديداً طائرات “بيرقدار” المسيرة، لكن سرعان ما تمكنت القوات الأرمينية من استدراك الموقف واستعادة أجزاء من الأراضي.
مما لا شك فيه بأن النزاع الحاصل تتداخل فيه مصالح دول الجوار للمنطقة المتنازع عليها كإيران وروسيا وتركيا وحتى الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي الذي تجمعه علاقات وثيقة مع أذربيجان لكن هذا النزاع لم يكن ليحصل لولا التحريض التركي كما أن المواقف الدولية تعكس نفس الأمر إذ أن دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، وإيران، أعربت عن قلقها، ولم تلق بالمسؤولية على أي من الطرفين في بدء الحرب، أما تركيا، برئاسة رجب طيب أردوغان، فوقفت لوحدها لدعم أذربيجان وبشكل علني أكدت وقوفها الكامل في صفها، لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا تشعل تركيا هذا النزاع في هذا التوقيت تحديداً؟
صحيفة الغارديان البريطانية أجابت منذ أشهر على هذا السؤال عندما قالت بأن حمى العلاقة المضطربة بين الرئيس التركي والجيش التركي بعد الانقلاب الفاشل عام 2016، هي سبب في دفع أردوغان جيش بلاده للانشغال في الجبهات الخارجية سواءً في سورية أو ليبيا ومؤخراً في أذربيجان لكي تنشغل عنه ولا تخطط لإسقاطه، وقالت الصحيفة حينها “إن دفع الجيش إلى الصراعات في الخارج له مزايا متعددة بالنسبة لأردوغان، أولاً، إنه يسمح له بالحفاظ على قبضته الحديدية وسيجعل الضباط في الجيش يفكرون مرتين قبل مواجهة رئيسهم”، وأضافت الصحيفة حينها: “هذا يعني أيضاً أنه يعزز موقفه فيما يتعلق بالمجتمع الدولي من خلال تعزيز صورة الرجل القوي الذي تعشقه الجماهير جداً”، ويأتي هذا التدخل الجديد في الوقت الذي أجبرت فيه تركيا على تهدئة الجبهات في ليبيا وسورية بسبب الظروف السياسية التي لا تسمح لها بإشعال المعارك هناك، هذا من جهة.
ومن جهةٍ أخرى يرى مراقبون بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والذي يواصل مؤخراً حديثه القومي والديني يهدف من خلال هذه المعركة إلى رفع معنويات أتباعه وأنصاره في الداخل في ظل تفاقم الأزمة المالية التركية التي أوصلت الليرة التركية إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات، حيث يظهر في الآونة الأخيرة على المنصات الإعلامية الموالية لأردوغان تحريض ضد الأرمن.
وعليه يبدو أن أردوغان سيواصل إشعال حروب الخارج والاستناد على الحديث القومي والديني لإخفاء الفشل الداخلي، لكن لا يدري أحد إلى متى ستبقى المعارضة التركية التي ترتفع نسبتها في تركيا تسكت عن تلك الانتهاكات، إلا إذا كانت تخطط لانقلاب جديد ضد أردوغان قد يظهر في الأيام المقبلة.
رضا توتنجي
اقرأ أيضا: الدنمارك ترحّل لاجئين سوريين لعدة مناطق تعتبرها آمنة منها دمشق