تركيا تهدد بعملية عسكرية في سوريا… لماذا الآن وكيف سترد دمشق؟
في تهديدات جديدية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن بلاده ستذهب لتطهير أوكار الإرهاب في سوريا إن لم يتم الوفاء بالوعود المقدمة لهم.
وقال: “تركيا ما تزال ملتزمة بمذكرة التفاهم التي أبرمتها مع روسيا بشأن إدلب في 5 مارس/ آذار الماضي، لكنها في الوقت نفسه لن تتهاون حيال عدوان النظام”، حسب تعبيره.
وطرح بعضهم تساؤلات بشأن أسباب التهديدات التركية، وما الذي يمكن أن يحدث في حال أقدمت أنقرة على تنفيذ عملية جديدة في سوريا، وكيف سيكون رد الحكومة.
تهديد تركي
ووفقا لوكالة “الأناضول”، أضاف أردوغان: “قضينا على الممر الإرهابي المراد إقامته على طول حدودنا وأثبتنا أن أشقاءنا السوريين ليسوا وحدهم”.
وتابع الرئيس التركي: “وجودنا الفاعل سيتواصل ميدانيا حتى يتحقق الاستقرار على حدودنا الجنوبية (مع سوريا)”.
وأشار إلى أن “تركيا لن تقبل بأي خطوة من شأنها التسبب بمأساة إنسانية جديدة في إدلب السورية”. وأكد أردوغان: “سنواصل إزعاج كافة الأطراف التي تكن العداء لبلادنا وشعبنا”.
وأوضح أن “الأطراف التي تلتزم الصمت إزاء التنظيمات الإرهابية والدول الداعمة لها تضع كافة المبادئ الأخلاقية والقانونية والحقوقية جانبا عندما يتعلق الأمر بتركيا”.
تهديد احترازي
الخبير العسكري السوري العميد عبد الحميد سلهب، قال إن “التهديدات التركية لسوريا ليست وليدة هذه اللحظة وإنما منذ عام 2011، وذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك عندما قامت وقصفت بلدة أشتبرق السورية وشاركت المجموعات الإرهابية بشكل مباشر بالقتال، وتصدى لهم بواسل الجيش السوري وتم ردهم على أعقابهم”.
وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “أردوغان لم ينس المعارك في سراقب السورية وسميت أم المعارك وقتها بين الجيش السوري والقوات التركية وتم سحق قواتهم في سراقب وتحريرها منهم”.
وتابع: “الجيش السوري أصبح شرسا للغاية، وقادرًا على الصد والرد على أي معتد، وهذه التهديدات لا تقدم ولا تؤخر”.
وأكد أن “سوريا ليس لها أي علاقة بالنزاع الأرميني الأذربيجاني، وهذا التهديد هو من باب الاحتراز لكي لا تبدأ سوريا بتحرير دإلب وتشتيت الجهود التركية”.
استنزاف سياسي وعسكري
من جانبه قال الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي والاستراتيجي، وعضو سابق في الوفد الحكومي المفاوض في جنيف، إن “من الواضح أن ملفات الاستنزاف السياسي والعسكري بدأت تتزايد ثقلًا على كاهل تركيا، وتتسبب لها بالصداع”.
وأضاف في تصريحات لـ “سبوتنيك”، أن “أردوغان ورط تركيا في سوريا باحتضان مجموعات إرهابية متقاتلة فيما بينها، وعبر الغزو المباشر أيضاً، وانخرط في الصراع الليبي وفتح جبهة للصراع الهاجع مع اليونان، واستدرج إليه العداء الفرنسي والعقوبات الأوروبية على خلفية أطماعه غير المشروعة بالتنقيب في مياه المتوسط”.
وتابع: “ويغذي اليوم صراعا جديدًا قديمًا في القوقاز، ويتورط في هذه الملفات جميعها بصورة علنية، ولذلك فإن تصريحاته حول توسيع تورطه السابق في إطار ما أطلق عليه عملية “نبع السلام” ليست إلا تهديدا بتوسيع المأزق التركي على الصعيد الإقليمي، وهو تهديد لتركيا عمليا بإغراقها في مستنقع جديد، فكلما اتسع نطاق تورط أردوغان جغرافياً، فهذا يعني استنزاف تركيا سياسياً ومالياً وعسكرياً، وزيادة حجم العداء للدور التركي الإقليمي القائم على سياسة العدوان ودعم الإرهاب”.
وأشار إلى أن “أولوية التخطيط الاستراتيجي لدى أي دولة يجب أن تنصب على الحفاظ على سلامة أرضها ووحدتها الجغرافية والوطنية، ولكن الحكومة التركية في ظل أردوغان بعثرت جهودها في ساحات متعددة بلا طائل، بحيث انخفضت لديها قدرات الردع إلى حدود دنيا”.
وأكمل: “تركيا كدولة لديها إمكانيات اقتصادية وعسكرية وبشرية كبيرة لا يستهان بها، ولكن على الرغم من ذلك فهذه القدرات أقل من أن تمكّن تركيا من أن تلعب الدور الذي ندبها إليه أردوغان، وهو دور ضامن الأمن أو “موزع الأمن” إقليمياً”.
وبين دنورة أن “أردوغان يواجه تحديا صعبا، فهو سيستمر في دفع ثمن مساعيه السابقة والمستمرة لنشر الفوضى في سوريا، ما دام عاجزاً او غير راغب بالاقتناع بأن الصيغة الوحيدة لضمان الأمن والاستقرار لتركيا هي صيغة الأمن الإقليمي الجماعي”.
واستطرد: “إذا أقدم أردوغان على توسيع نطاق عدوانه في مناطق الشمال الشرقي فهو سيضع نفسه في إطار الصدام المباشر مع المؤامرة الأمريكية لتعزيز النزعة الانفصالية التي تديرها قسد، وإذا تجاهل الأمر فسيزداد العبء الأمني والاستراتيجي على تركيا في ظل عدم القدرة على ضبط الحدود الجنوبية الشرقية، وبالمحصلة تتراجع قدرته على إدارة ملفات تورطه على الساحة السورية، وتتفاقم مآزقه الداخلية والخارجية على حد سواء”.
يذكر أن الرئيس التركي قد أعلن في وقت سابق، أن تركيا لا تزال ملتزمة بمذكرة التفاهم التي أبرمتها مع روسيا بشأن إدلب.
وقال “تركيا ما تزال ملتزمة بمذكرة التفاهم التي أبرمتها مع روسيا بشأن إدلب في 5 مارس/ آذار الماضي، لكنها في الوقت نفسه لن تتهاون حيال عدوان النظام”، حسب تعبيره.
وأضاف: “إذا واصل النظام انتهاكه للهدنة والشروط الأخرى للاتفاق، فإنه سيدفع ثمن ذلك خسائر فادحة جدا، كما أننا لن نتسامح مع المنظمات المظلمة التي تقوم بأعمال استفزازية من أجل إفشال وقف إطلاق النار في إدلب”.