سوريون عاتبون على روسيا.. كنا نأمل مساعدتنا في إطفاء الحرائق
اندلعت في سوريا مجموعة من الحرائق الكبيرة توزعت مابين السويداء وريف حمص ومناطق الساحل السوري في محافظتي طرطوس واللاذقية وأجزاء من ريف إدلب .
برنامج “ما وراء الحدث” وفي تغطية خاصة استضاف شهود عيان ومسؤولين في القطاع الحراجي للحديث عن عن هذه الحرائق ومدى فداحة الخسائر التي تسببت بها.
المهندس نورس نضال جروج مدير المركز الثقافي السابق في مشتى الحلو ريف في طرطوس ومن أهالي قرية عيون الوادي بريف محافظة حمص قال لـ “سبوتنيك”: “الوضع لا يوصف بكلمات، الوضع مأساوي مئات الدونمات من الأراضي الحراجية وعشرات الدونمات الزراعية أتت عليها النيران، هذه الثروة النباتية هي مصدر عيش الأهالي. هذه المنطقة كانت جنة ومصور صغير لسوريا ويعيش فيها كل الأطياف السورية. في الحقيقة كان هناك مخطط لاستهداف هذه المنطقة بفعل الحرائق الهائلة ولقد شاهد أهالي المنطقة مجموعة من المخربين الذين قاموا بإفتعال الحرائق وتمت مطاردتهم من قبل الأهالي ولم يتم إلقاء القبض عليهم. من المستحيل أن تكون هذه الحرائق طبيعية وإذا تابعنا الانتشار الجغرافي لهذه الحرائق نرى أنه لايمكن أن تكون بفعل الطبيعة. ماجرى مخطط له ومدروس ومنظم وهدفه إفقار أهالي المنطقة وتهجيرهم”.
وتابع جروج “سجل في منطقتنا حوالي 42 حريقاً في وقت واحد وتم التعامل معها فوراً من خلال تكاتف جميع أهالي القرى بدأت باستخدام جذوع النار وبحفر الخنادق لمحاصرة النيران الكبيرة أو كانت تنطفىء في بعض الأماكن عند الوصول إلى حد حريق قديم ولاتعد تجد ما تحرقه خاصة في ظل إمكانات ضعيفة لدى مؤسسات الدولة بعد عشر سنوات من الحرب لايمكننا مطالبة الدولة بما يفوق طاقتها وسيارتي إطفاء لا يوفي بالغرض في مثل هذه الظروف والحالات،كما وصل يوم أول أمس ليلاً 100 من جنود الجيش لدعم الأهالي ومساعدتهم في إطفاء الحرائق التي أتت على أرزاق الناس وتسببت بتهجير عدد كبير والحمد لله لايوجد ضحايا بشرية سوى بعض حالات الإختناق التي تمت معالجتها لكن الخسائر المادية هائلة”.
وأضاف جروج “هذه المنطقة من أجمل مناطق سوريا السياحية ضربت فيها السياحة منذ عام 2015 بشكل شبه كلي.المنطقة تعتمد في عيشها على مصدرين فقط هما السياحة وفي العام الماضي كما نعلم المردود السياحي كان صفر بسبب الوضع الاقتصادي السيئ وأزمة البنزين، ومصدر الرزق الثاني لأهل المنطقة هي زراعة الأشجار المثمرة والتي أتت عليها هذه الحرائق فقضت عليها، التأثير لايشعر به الناس الآن لكن سيكون بعد سنوات كبير جداً، هناك من فقد آلاف أشجار الزيتون و الأشجار المثمرة الأخرى من الدراق والتفاح عدا عن أن المنطقة تحولت من جنة خضراء إلى صحراء سوداء بشكل كئيب لم يبقى فيها عرق أخضر خاصة في الوادي تحت جبل السيدة. نحن كنا نأمل من الحليف الروسي تقديم المساعدة لم نرى أي محاولة للإغاثة في ظل هذا الوضع المأساوي ولم نرى أي مساعدة إلا بعد قدوم عناصر الجيش العربي السوري في ظل عدم وجود أي إمكانات لمواجهة هذه الحرائق. هناك من يفتعل هذه الحرائق و يريد أن ينتقم من أهالي المنطقة في محاولة لتهجيرهم وتدمير الجمال الباقي في سوريا .
الكاتب والمحلل السياسي، خالد فهد حيدر، من أهالي قرية نحل العنازة بمدينة بانياس قال لـ “سبوتنيك”. “انتشرت النيران وامتدت إلى قرى عديدة ،الدردارة وصولا ً المرانة ومن ثم العنازة وقضت على مساحات واسعة من كروم الزيتون والأشجار المثمرة والحراج الطبيعية والاصطناعية. المشهد العام في سوريا بكل تأكيد فيه إشارات استفهام وتعجب في أن يندلع 100 حريق في مئة موقع على إمتداد الساحل السوري من حدود لواء اسكندرون شمالاً وحتى حمص جنوباً، مناطق من أجمل بقاع الأرض. منطقة البسيط وبلوران ومنطقة وادي قنديل وريف القرداحة حيث انتشرت عدة حرائق من بينها 7 حرائق كبيرة إذاحترقت قرية بكاملها وفي سربيون ووصلت النيران إلى منطقة المزارع والأتوستراد الدولي والحمد لله تم إخلاء السكان بسلام.
وتابع: أنا لا أستطتع أن أقبل بمنطق نشوب 100 حريق بوقت واحد في منطقة محددة وبيئة إجتماعية ولها ملامج معينة إلا أن تكون هذه المناطق مستهدفة بذاتها وبشكل مقصود. أن يحدث هذا العدد من الحرائق في طرطوس في اللاذقية هناك محاولات لإحداث حالة انقلاب في المزاج العام وإحداث تغييبر ديموغرافي، وحتى لا نبدوا مغفلين وعلى المستمع يجب أن يعلم أننا نحن أبناء فلاحين ونعرف كيف تنشب الحرائق. من قام بافتعال هذه الحرائق ضليع جداً بموضوع الطقس وبمعرفة اتجاه الرياح ولن أذهب إلى أبعد من ذلك من حيث العبث بالطقس من ظاهرة (zaharp) أو الغاز لتغيير المناخ والطقس، أعتقد أن من أشعلها يدرك تماما أن مؤسسات الدولة في سورية عاجزة عن التعامل مع هذا العدد الكبير من الحرائق بهذه الضخامة و هذه المساحات الواسعة وفي هذا الطقس مع الريح شرقية وهذه الحرارة”.
https://www.facebook.com/agriculturalSyria/posts/3390936011023051
وأضاف حيدر “بصراحة سأنقل صوت الشارع الذي لم يعد ما يعبر عنه همسا.لقد شعرنا بالفرح الغامر والطمأنية والأمان عندما وصل الروسي الى “حميميم” خاصة في الساحل السوري في مسار الحرب العدوانية التي تتعرض لها سورية، ولكن الحلفاء لم يكونوا على مستوى المسؤولية التي يجب أن يكونوا عليها لا في مسألة الطاقة الكهربائية أو المازوت والغاز والبنزين، وأنا أقول صراحة من يريدني أن لا أموت لايكفي منه هذا الموقف و عليه أن يساعدني في أن أحيا وإن كانوا قد قاموا بعمل ما فلم يصل إلى الشارع السوري . الحليفان الروسي والإيراني قد قصرا في تقديم المساعدة وهناك إشارات استفهام تجاه ذلك وعلى الأصدقاء الروس والإيرانيين أن يجيبوا عليها، هناك حسرة لعدم تدخل الصديقين الروسي والايراني للمساعدة في اطفاء هذه الحرائق سواء طلبنا منهم ذلك أم نطلب لأن هذه المناطق والساحل السوري بالتحديد الآن مفجوع ومنكوب وبوضع مأساوي بسبب هذه الحرائق ولايمكن لأي مؤسسة أن تقدر حجم الخسائر في الوقت الحالي هناك خسائر هائلة في الممتلكات وفي أرزاق الناس”.
بدوره سامر عيسى رئيس دائرة الإستثمار بقسم الحراج بهيئة تطوير الغاب علق لـ “سبوتنيك”:”بالحقيقة هذه الحرائق لها أثر كبير جداً على البيئة والغطاء الحراجي الموجود بجبال اللاذقية وبسلسلة جبال اللاذقية المحصورة بين محافظات حماه وحمص وطرطوس واللاذقية وجزء من محافظ ادلب الحرائق التي حصلت تجاوزت كل تخيلات العقل البشري لأول مرة نرى مثل هذه الحرائق وبهذا العدد وهذه الكثافة عندما تهب الرياح الشرقية الجافة يحدث عندنا عدد غير محدود من الحرائق في محافظتي طرطوس واللاذقية، الحريق بالمجمل هو تدمير للغطاء الحراجي وكل ماهو موجود على وجه الأرض في موقع الحريق،النبات الحراجي الموجود في سلسلة جبال اللاذقية أغلبه عريضات الأوراق والنباتات الحراجية وجزء لا بأس فيه من الصنوبريات وهذا الغطاء النباتي يساهم في تماسك التربة في المنحدرات وحول القرى الحراجية وإحتراق هذا الغطاء يؤدي إلى إنهدام التربة فيما بعد عند هطول الأمطار.نحن نعلم الهطولات المطرية الغزيرة في مناطق الساحل”.
وأضاف عيسى “الخسائر لاتعوض وسيحل مكان النباتات المحترقة نباتات تدل على التدهور كنبات التربان والبلانة إذا لم يعالج مكان الحريق بالتشجير، وهذا يحتاج إلى سنوات. غابات عمرها مئات السنين تموت للأسف بلحظات، هناك خطط سنوية ولدينا خطط للتطوير الحراجي وتسهيل مرور الآليات لإطفاء الحرائق وإنشاء خطوط نار حول القرى للحد من خطورة تمدد النار عند إقترابها من القرى الحراجية بالإضافة إلى الخطط الإنتاجية وإدخال أنواع مناسبة للطوابق البيوحراجية المعروفة وإدخالها في هذا الموقع لأن أي حريق يجب دراسته بعد الحريق من الناحية البيوحراجية ودراسة أنواع الأشجار التي يجب تحريجها في هذا الموقع، والثروة الحيوانية والحشرات الأمر كبير جدا لايمكننا الآن أن نحيط بكل تفاصيله .الغابة عبارة عن مجتمع كامل متكامل حيواني نباتي حشري فطري حتى الأحياء الدقيقة الموجودة في التربة تموت ماجرى خسارة كبيرة جداً”.
وتعاني طواقم الإطفاء في مختلف المحافظات السورية ضغطاً هائلاً جراء تهالك التجهيزات والعربات، بعد نحو عشر سنوات من استخدامها المكثف، لتلافي الأضرار المتراكمة التي نجمت عن الأعمال الإرهابية من حرائق وتفجيرات وقذائف صاروخية كانت تنهال على مختلف المناطق السكنية الآمنة.
اقرأ أيضا: خبير زراعي: ثلاث خطوات رئيسية للحد من انتشار الحرائق في سورية