بئر الهمل في دير الزور.. صندوق معلومات أثرية يعود لمليون عام
لم يكن البدوي الذي حفر بئر وسط صحراء قاحلة يعلم أنه وضع يده على موقع قدم معلومات أثرية وجيولوجية تمتد حتى مليون سنة.
بئر الهمل، أو ما كان يعرف باسم “بير عنوزي” حيث كان يستخدمه البدو لسقاية مواشيهم يقع على بعد كيلومترين إلى الشمال الشرقي من قرية الكوم إلى الشرق من تدمر في محافظة حمص وفي منطقة تعرف اليوم منطقة الكوم. يبلغ عمق البئر 25 مترا على تلة تشبه الهضبة واسع من الأعلى يضيق باتجاه الأسفل، تتراكم داخله سلاسل حتاتية رملية تتوضع ضمنها أكثر من 30 طبقة أثرية على عمق عشرين متر تقريباً. تعود الطبقات الأثرية في الموقع إلى العصور التالية : العصر الحجري القديم الأشولي – اليبرودي – اللفلوازي – الموستيري –السمات العتيلية.
بدء الاستقرار في هذه المنطقة بعد خروج القوات الفرنسية من سوريا ببدو رُحّـل منذ بداية ستينات القرن الماضي. هذا الأمر تطلب حفر للآبار لتلبية الحاجيات المعيشية للإنسان والحيوان، وفي سبعينات القرن الماضي في موفى سبعينات بدأت لبعثة أثرية فرنسية بقيادة جاك كوفان، أحد أكبر أخصائيي عصور ما قبل التاريخ باكتشاف بقايا أدوات صوانية في المنطقة. وهذا أكد له بأن المنطقة مهمة لدراسة آثار عصور ما قبل التاريخ التي ترتبط بالحقبة التي تعود إلى أكثر من عشرة آلاف سنة قبل الميلاد.
في عام 1982 انضم للبعثة البروفسور “جون ماري لوتانسورر” وكانت نظرية أن الإنسان البدائي وفد من افريقيا وانتقل منها إلى آسيا ومن ثم أوروبا سائدة في ذلك الوقت، إلا أن الاكتشافات في منطقة الكون أثبت عكس ذلك، حيث وجدت جمجمة لإنسان بدائي قدر العلماء أنها تعود الى 500- 600 ألف سنة، ما أثبت أن الإنسان البدائي مر من هنا.
لكن البروفسور جون ماري لوتانسور، واصل مع زوجته ابتداء من عام 1997 ولكن ضمن بعثة سورية سويسرية، مهمة التنقيب في موقع بئر الهمل، لقناعته ان الموقع هام جدا.
وهذا ما اتضح فيما بعد و أن الموقع يحتوي على سلسلة من الحقب التاريخية لعصور ما قبل التاريخ تمتد لأكثر من مليون سنة، وان منطقة البادية كانت في عصر من العصور مغمورة بمياه البحر، حيث تم الكشف عن هياكل عظمية لأسماك، لتصبح في عصور لاحقة عبارة عن غابات كثيفة بعد أن عثر في الموقع على هياكل عظمية لغزلان وأسود.
من أهم الاكتشافات الأثرية في البئر هو هيكل عظمي لجمل عملاق في طبقات تعود الى مليون ومليون وخمسمائة ألف سنة ما زالت أنواعها غير معروفة، وحتى هذه الاكتشافات هي محط تحليل ونظريات والتي تفيد بأن الجمال توافدت قبل عشرة آلاف سنة الى المنطقة ثم الى شمال إفريقيا من الأمريكيتين مرورا بآسيا .
البوابة اس واي
اقرأ أيضا :كتاب الظلال من جدران الموت يقتل كل من قرأه.. تعرفوا على أخطر كتاب في العالم