ترامب يطرق باب الأسد.. أبعد من ملف المخطوفين؟
ماكشفت عنه صحيفة وول ستريت جورنال بأن وفداً أميركياً يضم مساعد ترامب لشؤون الإرهاب كاش باتل قد زار دمشق سراً لبحث ملف المخطوفين او المحتجزين الأميركيين في سورية، لم يكن من حيث دلالة السلوك وتوقيته بالشيء الجديد،
فالمحاولات الأميركية بهذا المعنى لفتح قنوات اتصال مع دمشق لم تتوقف، وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو كان قد أعلن بأن الرئيس ترامب قد أرسل رسالة للأسد في مارس الماضي لمعرفة مصير الصحفي الأميركي اوستن تايس، وهو نفسه أي بومبيو عندما كان مديراً للمخابرات المركزية الأميركية في العام 2017 قد تواصل مع علي مملوك لذات الغاية،
مايؤكد ان الهدف المعلن من التحرك الأميركي لم يكن طارئاً على المشهد، ولا يشكل في هذا التوقيت كما قال البعض، اعترافاً أميركياً بشرعية الأسد ،وأن محاولات إسقاطه كانت فاشلة أو عقيمة، فبعد عشرة سنوات من الكباش الدامي وصراع المحاور في سورية، أدركت الولايات المتحدة منذ السنوات الأولى للحرب عقم إسقاط الأسد،
وهي منذ فترة ليست بالقصيرة سواء مع وصول ترامب للحكم، او خلال الفترة الرئاسية لأوباما وتحديداً اواخرها، كانت تعلن انها تريد تغيير سلوك النظام وليس إسقاطه ، تماماً كاستراتيجيتها فيما يتعلق بنظام الحكم في طهران، على الأقل بالمُعلن والمُصرّح به من المسؤولين الأميركيين.
خطوة الجانب الأميركي في توقيت تسعى فيه الولايات المتحدة لإنهاء حلقات مسلسل التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني، وإخراجه بالصورة المثالية وإن كان عنوان الزيارة بحث ملف المخطوفين، فإن تلك الخطوة ستكون بوابة وممهد لثلاثة أمور رئيسة :
الأول : تكرار ذات العرض على الأسد ” مع إغراءات أكثر ” والذي حمله الوفد الأميركي في العام 2018 عندما التقى علي مملوك أيضاً، لجهة انسحاب القوات الأميركية من سورية مقابل انسحاب الإيرانيين من كامل الجغرافية السورية، وأن يكون للولايات المتحدة حصة في قطاع النفط السوري ودور في إعادة الإعمار، وتزويد واشنطن بملف عن أسماء” الجهاديين” الأجانب، وقتها كان رد اللواء مملوك صارماً وقطع الطريق على أية فرصة للمرونة في شكل العلاقة الأميركية مع دمشق،
وأن الأخيرة تنظر للأميركي انه محتل، وإنها اي دمشق جزء من محور تربطها به علاقة متينة وقوية، لكن مع تداعيات تشديد الحصار على دمشق، والعقوبات الاقتصادية وقانون قيصر، وتدهور الوضع المعاشي في الداخل السوري، تعتقد الولايات المتحدة أنه ثمة فرصة لاستغلال ” الوضع المأزوم” الذي تعيشه الحكومة السورية، وإمكانية إحداث اختراق بعينه فيما رفضته دمشق قبل عامين، مقابل رفع الحصار الاقتصادي.
الأمر الثاني : هو متعلق بما أعلنه الأسد مؤخراً وفي رد على سؤال من وكالة روسية حول إمكانية أن تسير دمشق على خطا الإمارات والبحرين في التطبيع مع إسرائيل، فكان جواب الأسد أن ذلك ممكن إذا ما أعادت إسرائيل الأرض السورية التي تحتلها في الجولان، من هنا يمكن أن تكون المفاوضات بشأن المخطوفين الأميركيين بوابة لتجديد المفاوضات بين دمشق وإسرائيل وبرعاية أميركية، مايجعل ذلك لو حدث ” حلقة استراتيجية” في مسلسل التطبيع.
الأمر الثالث : إن نجاح أو إنفاذ الأمرين السابقين سيضمن تراجع الأسد عما يصرح به دائماً ويهدد به لجهة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الأميركي.
الغريب أن ترامب طرق باب الأسد، وعلى عكس المثل الشعبي” اللي بيطرق الباب بيسمع الجواب “، لم يعلق الجانب السوري الرسمي حتى الآن على تسريبات الزيارة، وفي صمت دمشق إشارة استفهام تبددها الأيام القادمة.
الدكتور محمد بكر(كاتب صحفي فلسطيني)
اقرا ايضاً: نيوزويك تكشف المطالب التي حملها اللواء عباس ابراهيم الى الأمريكيين من دمشق