الجمعة , نوفمبر 22 2024

السفير الروسي في دمشق: يجري العمل على وضع إجراءات جديدة للدعم الاقتصادي لسورية

السفير الروسي في دمشق: يجري العمل على وضع إجراءات جديدة للدعم الاقتصادي لسورية

اعتبر مبعوث الرئيس الروسي الخاص لتعزيز العلاقات مع سورية، السفير الروسي في دمشق ألكسندر يفيموف، أن مؤتمر اللاجئين المزمع عقده في دمشق يوم الأربعاء المقبل، مصمم لدعم جهود أولئك المهتمين حقاً بمصير ورفاهية جميع السوريين، بمن فيهم الموجودين خارج سورية نتيجة الحرب، لافتاً إلى أن هذا المؤتمر سيشكل منصة لمناقشة موضوعية لمجموعة كاملة من القضايا المتعلقة بمساعدة السوريين في العودة إلى ديارهم، واستعادة وحدة الشعب السوري.

السفير الروسي في دمشق ألكسندر يفيموف وفي مقابلة خاصة مع «الوطن» لفت إلى أن المؤتمر سيشكل خرقاً للحصار الدعائي والإعلامي الغربي ضد القيادة السورية، وسيمكنها من الوصول إلى السوريين الذين يسعون حقاً للعودة، لكنهم يتحفظون على ذلك بسبب مخاوف موضوعية أو مصطنعة من قبل أحد ما، حيث سيرسل إشارة تفيد بأن سورية تعود إلى السلام وهي مثل الأم، مستعدة لقبول جميع أبنائها، كما سيشكل نوعاً من الاختبار لمدى صدقية شعارات بعض الدول التي تتظاهر بـ«الاهتمام بمصالح الشعب السوري»، معبراً عن قناعته بنجاح هذا المؤتمر، وذلك رغم محاولات تعطيله أو تشويه سمعته بكل الطرق الممكنة.

السفير يفيموف بين عن تحضيرات مكثفة ومعمقة تجري خلال هذه الفترة لعقد الاجتماع الدوري الجديد للجنة المشتركة الروسية – السورية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني في دمشق، كاشفاً بأنه يجري حالياً العمل في موسكو على وضع إجراءات مختلفة جديدة للدعم المادي لسورية، وقال:« نأمل في أنه سيتم اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن قريباً».

يفيموف أكد أن روسيا تعمل في مختلف المحافل الدولية بهدف مواجهة ظاهرة العقوبات أحادية الجانب، التي تعاني منها روسيا أيضاً، وهي فيما يتعلق بسورية، تنتهز كل فرصة لتظهر للعالم أجمع الطبيعة غير القانونية وشبه الإجرامية للعقوبات الغربية، والتي بسببها يُحرم المواطن السوري، وتحت ذرائع مصطنعة تماماً من الحصول على العديد من السلع الأساسية والأدوية ومواد البناء وقطع الغيار والوقود وغيرها من الموارد المهمة الأخرى، مشدداً على أنه «مثلما قامت روسيا بدعم سورية على الصمود في القتال ضد الإرهابيين، فاليوم لن نترك السوريين لوحدهم في مواجهة الإرهاب الاقتصادي».

سفير روسيا في دمشق أكد أن الانتقادات بحق روسيا لا أساس لها من الصحة، مذكراً بأنه بفضل الدعم القوي من قبل روسيا صمدت سورية في وجه أقوى ضربة من الإرهاب الدولي، وتلك القوى التي خططت لتدمير الدولة السورية، وهذا الأمر يكفي بالفعل لإبعاد كل «الشكوك» حول روسيا وصداقتها التاريخية لسورية.

واعتبر يفيموف أن انسحاب الجيش التركي من عدد من نقاط المراقبة في سورية، يظهر بوضوح الاستمرار في تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في شهر آذار 2020 في موسكو، ورغم أن هذه العملية تسير ببطء، لكن هناك كل الأسباب للاعتقاد بأننا سنكمل حتى النهاية، مشدداً على أن العمل سيستمر حتى القضاء بشكل كامل على بؤر الإرهابيين التي ما زالت باقية على الأراضي السورية، مضيفاً في هذا الإطار: « نعتقد بشكل راسخ بأن الوجود العسكري التركي والأجنبي الآخر في سورية، وغير المُنسّق مع دمشق هو كذلك عبارة عن أمر مؤقت».

وجدد السفير يفيموف تأكيد استعداد بلاده الثابت للاستمرار في دفع الحوار الشامل والبنّاء بين السوريين من أجل الاستعادة السريعة لسيادة سورية ووحدتها وسلامة أراضيها وتعزيزها، مبيناً بأنه في حال رغبت كل من الحكومة السورية والطرف الكردي بأي مساعدة روسية لإقامة حوار فيما بينهما، فإن بلاده يسعدها ذلك.

وفيما يلي نص المقابلة الكاملة التي أجرتها «الوطن» مع مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخاص لتعزيز العلاقات مع سورية، السفير الروسي في دمشق ألكسندر يفيموف:

** أبدأ من الملف الأهم حالياً وهو الملف الاقتصادي، وهذه الأولوية تحدث عنها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال زيارته الأخيرة إلى سورية.. في الحقيقة بعد هذه الزيارة كانت الأجواء تفاؤلية جداً وتحدث وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، عن انفراجات خلال أيام وربما أسابيع.. أنا أريد التساؤل عن مصير الاتفاقيات والمشاريع التي جرى الحديث عنها خلال زيارة الوفد الروسي الرفيع إلى سورية مؤخراً؟

= أود أن أذكركم بأن زيارة وزير الخارجية الروسي السيد سيرغي لافروف إلى دمشق مطلع شهر أيلول الماضي، كانت زيارة مزدوجة مع نائب رئيس وزراء روسيا السيد يوري بوريسوف وهو المسؤول المباشر عن تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية مع سورية في الحكومة الروسية، والسيد يوري بوريسوف إلى جانب وزير خارجية الجمهورية العربية السورية السـيد وليد المعلم، هما رئيسان مشتركان للجنة المشتركة الروسية – السورية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني.

وخلال هذه الزيارة أجرى الوفد الروسي محادثات مع الأصدقاء السوريين بشأن التنسيق في جميع مجالات التعاون الثنائي، بما في ذلك تنفيذ المشاريع الروسية الاستثمارية الكبرى والمشاريع الأخرى في سورية، ومن بينها، كما هو معروف، العمل على تحديث وتوسيع الجزء المدني من ميناء طرطوس، وكذلك تحسين الطاقة الإنتاجية لمصنع الأسمدة المعدنية في حمص، وقد تحدثتُ أكثر من مرة عن دور هذين المشروعين كقاطرة لإحياء وتطوير الاقتصاد الوطني في سورية في فترة ما بعد الحرب.

كما تمت مناقشة مشاريع أخرى وهي في مراحل مختلفة من التخطيط والتنفيذ، فعلى سبيل المثال، إعادة الإعمار لنحو 40 منشأة من مرافق البنية التحتية للطاقة في سورية، بما في ذلك مجموعة من محطات الطاقة الكهرومائية، والتي تم بناؤها في وقت سابق من قبل الخبراء السوفييت.

وبشكل عام، لدينا الكثير من العمل الآن، فأمامنا مهام ومسؤوليات واسعة النطاق، وعندما يتم الاتفاق على مشاريع روسية – سورية جديدة وترجمتها إلى خطوات عملية، فإننا سنتحدث عنها بالمزيد من التفصيل.

** وماذا عن الزيارة التي قام بها الوفد الاقتصادي السوري مؤخراً إلى روسيا هل جرى الاتفاق على خطوات اقتصادية ملموسة وقريبة بين البلدين؟ هناك أنباء ومعلومات متداولة حول قرض روسي بعيد المدى إلى سورية، ما صحة هذه المعلومات؟ وهل من شروط مرتبطة بهذا القرض في حال جرى الاتفاق بخصوصه؟

= لقد ذكرتم هذه الزيارة في موضعها، والتي قام بها الوفد الاقتصادي السوري رفيع المستوى إلى موسكو، وسأضيف إلى ذلك بأن مثل هذه الزيارة ليست الوحيدة من نوعها، وهي تجري بشكل منتظم، كما تصل وفود من موسكو إلى دمشق أيضاً.

وبشكل عام فإن هناك تواصلاً شبه يومي بين الاختصاصيين في بلدينا، وبالإضافة إلى ذلك فإنه سيُعقد قريباً الاجتماع الدوري الجديد للجنة المشتركة الروسية – السورية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني في دمشق، وهذا يتطلب تحضيراً دقيقاً ومعمقاً، كما يجري حالياً العمل في موسكو على وضع إجراءات مختلفة جديدة للدعم المادي لسورية، ونأمل في أنه سيتم اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن قريباً، وعندما تصبح جميع التفاصيل معروفة، سنتشاركها معكم، وحتى من دون ذلك بالتأكيد ستعلمون كل شيء بأنفسكم.

** لفتني في البيان الذي صدر مؤخراً عن اللقاء الذي جمع المبعوث الروسي الخاص ألكسندر لافرنتييف مع مساعد وزير الخارجية الإيراني علي أصغر خاجي، وجود عبارة تقول إن الطرفين بحثا « مبادرة الجانبين في تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني في سورية » ، كيف ترى روسيا طريقة لمساعدة سورية، التي تعاني اليوم وكما تشاهدون أزمات خانقة يتسبب بها الحصار الأميركي الغربي والإجراءات القسرية ضدها؟

= إن مهمة مساعدة دمشق في كسر العزلة الدولية والتخفيف من تداعيات العقوبات على سورية لها أبعاد عديدة، ومن بينها حشد الدعم للشعب السوري من قبل أصدقاء سورية الحقيقيين في الخارج، وهم موجودون مهما حاولت الأطراف المعروفة أن تحول دون ذلك، وفي هذا الصدد تتوصل روسيا مع شركائنا الإيرانيين إلى رؤية متشابهة حول الوضع الراهن.

وحيثما كان ذلك ممكناً ومناسباً، فإن الجانب الروسي يساعد دمشق أيضاً في إعادة العلاقات مع الدول العربية الأخرى، إذ نعتقد أن عودة سورية إلى «البيت العربي» سيكون لها دور مفيد للغاية في تجاوز الأزمة السورية بشكل عام وفي حل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية المنبثقة منها بشكل خاص، ولكن من الواضح أن هذا «الطريق ذو اتجاهين »، وبهذا المعنى فإنه يجب أن يكون باقي أعضاء جامعة الدول العربية أكثر نشاطاً.

إضافة إلى ذلك، تعمل روسيا في مختلف المحافل الدولية بهدف مواجهة ظاهرة العقوبات أحادية الجانب بحد ذاتها، فكما تعلمون تعاني بلادنا منها أيضاً، وفيما يتعلق بسورية، فإننا ننتهز كل فرصة لنظهر للعالم أجمع الطبيعة غير القانونية وشبه الإجرامية للعقوبات الغربية، والتي بسببها يُحرم المواطن السوري، وتحت ذرائع مصطنعة تماماً، من الحصول على العديد من السلع الأساسية والأدوية ومواد البناء وقطع الغيار والوقود، وغيرها من الموارد المهمة الأخرى.

وبعبارة أخرى، مثلما قامت روسيا بدعم سورية ذات مرة على الصمود في القتال ضد الإرهابيين المسلحين، فاليوم لن نترك السوريين لوحدهم في مواجهة «الإرهاب الاقتصادي».

ولا يسعني هنا إلا أن أذكر بالجهود الروسية ذات الطابع الثنائي مع سورية، إذ إنه من المهم أن ندرك أن التعاون الاقتصادي بين موسكو ودمشق يتم بناؤه الآن مع التركيز على مهمة مساعدة السوريين في حل القضايا الاقتصادية الأكثر حدة، فنحن نبني خططنا ونعطي الأولوية لتلك المشاريع على وجه التحديد، التي ستساهم في عودة البلاد إلى حياة سلمية كاملة، مما يضمن استقرار اقتصادها في ظروف مواجهة الضغوط الدولية الشديدة، والتي تفاقمت اليوم بسبب تحديات جديدة مثل وباء فيروس كورونا.

واسمحوا لي أن أذكركم مرة أخرى، بأن روسيا تبذل كل هذه الجهود لدعم سورية، فعلى سبيل المثال تزودها بالقمح مجاناً، حيث جرى تزويدها هذا العام حتى الآن بنحو 100 ألف طن، وذلك رغم الظروف التي تواجهها روسيا نفسها جراء تداعيات العقوبات الغربية، ووباء «كورونا».

** سعادة السفير أود السؤال حول الدور الإنساني الذي تقوم به روسيا في سورية.. تعرضت سورية مؤخراً لكارثة وطنية من خلال احتراق مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، هل يمكن الاطلاع على الدور الذي لعبته روسيا في هذا الإطار، وماذا عن الدور الإنساني عموماً لروسيا في سورية؟ وأود الإشارة هنا إلى حملة التشكيك الممنهجة التي تظهر بين الحين والآخر في العلاقة التي تجمع بين روسيا وسورية, ربما البعض بحاجة دائماً للتذكير بطبيعة العلاقة بين البلدين؟

 

= لأكون صريحاً، أنا مستغرب جداً من أن شخصاً ما في سورية لا يزال لديه مثل هذه الأسئلة والشكوك، وخاصة على خلفية ما قد قلته لك بالفعل، وحتى أنا بنفسي اضطررت أحياناً للاستماع إلى الاتهامات، على سبيل المثال، بأن روسيا «لا تساعد بشكل كافٍ» السوريين.

للأسف، غالباً وبمرور الوقت يتم محو الكثير من ذاكرة الناس، بما في ذلك تلك الأشياء التي لا ينبغي نسيانها على الإطلاق، وأود أن أذكركم أنه بالضبط بفضل الدعم القوي من بلدنا صمدت سورية في وجه أقوى ضربة من الإرهاب الدولي، وتلك القوى التي خططت لتدمير الدولة السورية، وفي رأيي هذا الأمر يكفي بالفعل لإبعاد كل « الشكوك » حول روسيا وصداقتها التاريخية لسورية.

وحتى الأسوأ من ذلك، هو أن «الهجمات» على بلدنا والشركات الاقتصادية الروسية العاملة في سورية تستند إلى تكهنات ومعلومات خاطئة أو مأخوذة من سياقها، كما يحدث على وجه الخصوص مع شركة «ستروي ترانس غاز» التي تنفذ مشروعاً معروفاً في ميناء طرطوس، فممثلو الشركة يردون على جميع الانتقادات بشكل منطقي وعلى أساس الحقائق، ويوضحون بالتفصيل أن الشركة لا تنتهك التزاماتها التعاقدية، وتلتزم بالقانون السوري ومصالح الموظفين السوريين، علاوة على ذلك تحاول شركة «ستـروي ترانس غاز» حتى تحسين ظروف العمل في مؤسستها، وتفي بالتزاماتها بدفع الرواتب والمدفوعات الأخرى المستحقة للموظفين، وتقوم الشركة بكل هذا على الرغم من حقيقة أنها، مثل سورية بأكملها، تواجه أيضاً عواقب العقوبات الغربية ووباء فيروس «كورونا».

إن الوضع الذي ذكرته بخصوص إطفاء الحرائق التي اندلعت في سورية مؤخراً مهم أيضاً، ففي الآونة الأخيرة ارتبطت به العديد من الانتقادات بحق روسيا والتي لا أساس لها من الصحة، وآمل بألا تكون هذه الهجمة العدائية مقصودة، لكنها تظهر بسبب المعلومات الخاطئة، وهي أن أحداً لم يُدرك أن مجموعة القوات الجوية – الفضائية الروسية المنتشرة في خارج حدود روسيا قد لا تمتلك معدات مكافحة الحرائق اللازمة تحت تصرفها، ومع ذلك فإنه في أول فرصة انضمت قواتنا إلى عملية مكافحة الحرائق، وذلك بمشاركة كل من طائرات الهليكوبتر والطائرة المجهزة خصيصاً التي وصلت من روسيا، حيث قامت كلها بشكل إجمالي بعشرات الطلعات الجوية يومياً، وساهمت مساهمة مهمة في إطفاء تلك الحرائق.

كما أن روسيا تقدم مساعدات إنسانية أخرى، وكما أسلفت بخصوص توريدات القمح المجانية إلى سورية، والتي حصلت لثلاث مرات على الأقل في عام 2020.

وأود التذكير بأن روسيا نقلت إلى سورية معدات واقية ومطهرات وأنظمة اختبار وأجهزة التنفس الصناعي، وكلها ضرورية لمواجهة جائحة COVID-19.

وفي عام 2019 تمّ إرسال مجموعة كبيرة من الأطفال السوريين المتضررين من الأعمال القتالية إلى روسيا للعلاج وإعادة التأهيل، وفي السنة ذاتها وبفضل الأموال من روسيا تمت إعادة الإعمار لإحدى المدارس التي تتسع لـ1200 تلميذ في برزة بضواحي دمشق، كما يتم تنفيذ الأعمال الإنسانية أخرى من قبل العسكريين الروس التي قد تكون أصغر نطاقاً أحياناً، ولكنها أكثر تكراراً، حيث تشمل مناطق يصعب الوصول إليها في سورية.

وأود أن أذكر بالمساعدة الروسية لسورية من خلال الأمم المتحدة، فإذا أخذنا بعين الاعتبار جميع المشاريع التي تدعمها موسكو في الفترة ما بين 2018-2020 من خلال مختلف مؤسسات الأمم المتحدة، في مجال الصحة والزراعة والمعونة الغذائية والتعليم وإدارة مخاطر الألغام وما إلى ذلك، فإن مجموع المساعدة في هذا المجال يصل إلى نحو 40 مليون دولار، وهذا يحدث في حين تقوم فيه دول عديدة وخاصة الدول الغربية، بعكس ذلك، عبر تقليص تمويلها للأمم المتحدة ومشاريعها، بل وأكثر من ذلك لا تسمح باستخدام أموال المانحين لتلبية احتياجات الحكومة السورية الشرعية.

 

** بعيداً عن الملفات الاقتصادية أريد طرح بعض الأسئلة المرتبطة بالميدان.. تركيا انسحبت من عدد من نقاط المراقبة، وقيل إن هذا الانسحاب جرى بتنسيق روسي تركي، كيف تقيّمون تطبيق تركيا لاتفاق موسكو خصوصاً وأن بنوداً أساسية في هذا الاتفاق لم يتم تطبيقها حتى الآن لجهة فتح طريق (4-M) أو طرد الإرهابيين من منطقة إدلب؟

= إن حقيقة سحب الجيش التركي لوحداته من عدد من نقاط المراقبة له في سورية، ولاسيما في مورك الواقعة غربي محافظة حماة، تُظهر بوضوح الاستمرار في تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها في شهر آذار 2020 في موسكو.

صحيح القول إن هذه العملية تسير ببطء، ولكن هناك كل الأسباب للاعتقاد بأننا سنكمل هذا العمل حتى النهاية، وهذا ليس كلامي، بل ما تفضل به وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ختام زيارته إلى دمشق في شهر أيلول.

كما أن منطقة خفض التصعيد في إدلب أصبحت الآن أهم منطقة بالنسبة لجهود روسيا وتركيا، علاوة على ذلك، منذ توقيع الاتفاقيات المذكورة، ازدادت مساحة إدلب الخاضعة لسيطرة حكومة الجمهورية العربية السورية بشكل كبير، إضافة إلى ذلك، فإن العمل المشترك لتحييد الجماعات الإرهابية يخلق ظروفاً ملائمة لمواصلة العملية السياسية، ولعودة اللاجئين والمشردين داخلياً إلى منازلهم.

وفي هذا السياق، أود تأكيد أهمية العمل في صيغة أستانا، والتي تضم إيران أيضاً، إضافة إلى روسيا وتركيا، بالطبع هناك اختلافات في مناهجنا والمواقف بشأن النزاع في سورية، ولكن توجد أيضاً رغبة مشتركة في ضمان عدم تكرار ما حدث بالعراق أو ليبيا، في سورية، بأي حال من الأحوال، وأعتقد أننا نجحنا في ذلك بالفعل.

كما أنه من الجدير الإشارة إلى أن صيغة «أستانا»، تستند إلى الاحترام غير المشروط لسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة أراضيها، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد، وعدم جواز محاولات التحريض على المشاعر الانفصالية فيها وخاصة من الخارج.

أما بؤر الإرهابيين التي ما زالت باقية على الأراضي السورية، فيستمر القضاء عليها، وستُدمّر مع الوقت بشكل كامل، وفي الوقت نفسه فإننا نعتقد بشكل راسخ بأن الوجود العسكري التركي والأجنبي الآخر في سورية، وغير المُنسّق مع دمشق، هو كذلك عبارة عن أمر مؤقت ولا شيء غيره.

** سبق أن استقبلت روسيا وفداً كردياً، التقى عدداً من المسؤولين الروس وعلى رأسهم السيد سيرغي لافروف، بقاء هذا الوفد في موسكو لأيام، دفع ببعض التحليلات للاعتقاد بوجود وساطة روسية بين الحكومة السورية و«الأكراد»، أين أصبح هذا الملف وماذا عن الدور الروسي فيه؟

= أعتقد أنه من المهم أن أذكركم أنه طوال الصراع الحالي في سورية، قدمنا مراراً وتكراراً موسكو كمنصة، لمختلف القوى السياسية السورية، وذلك لنتحدث معها بأنفسنا، وكذلك لمنحها الفرصة للتحدث فيما بينها، ولعلمكم تم تنفيذ الأسلوب نفسه ليس فقط مع السوريين، ولكن على سبيل المثال مع الأطراف الفلسطينية أو الليبية.

وخلال الاتصال الذي تتحدثون عنه بين وزير الخارجية الروسية ورئيس المجلس التنفيذي لـ«مجلس سورية الديمقراطية» إلهام أحمد، جددت روسيا استعدادها الثابت للمواصلة في دفع الحوار الشامل والبنّاء بين السوريين من أجل الاستعادة السريعة لسيادة سورية ووحدة وسلامة أراضيها وتعزيزها، وكذلك لتهيئة الظروف للتعايش المتناغم والتنمية لجميع المكوّنات العرقية والدينية للمجتمع السوري.

ونتمنى لأكراد سورية أن يعيشوا في وئام مع بقية سكان بلدكم، إذا رغبت كل من الحكومة السورية والطرف الكردي بمساعدة روسيا في إقامة حوار فيما بينهما، فيسعدنا مساعدتهما.

** سؤالي الأخير هو بخصوص مؤتمر اللاجئين الذي سيعقد في سورية في الـ11 والـ12 من الشهر الجاري، ما الهدف الأساسي لعقد هذا المؤتمر، وهل أنتم متفائلون بخصوص أي نتائج مفترضة له؟

= كما تعلمون منذ عام 2018 انطلقت وبدعم نشط من روسيا، حملة لإعادة السوريين إلى وطنهم، وعلى الرغم من أن مهمة خلق الظروف الملائمة للعودة الآمنة والطوعية للاجئين والنازحين داخلياً، منصوص عليها بوضوح في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، فإن المجتمع الدولي لا يبذل أي جهود ملموسة في هذا مجال، بل وفي بعض الأحيان يبدو أنه على العكس من ذلك، حيث يتم عمل كل شيء ممكن لكي لا يصل السوريون إلى وطنهم، ولدينا انطباع بأن الأطراف المعادية لدمشق تحوّل قضية اللاجئين إلى أداة جديدة للضغط على القيادة السورية غير المرغوب بها من قبلها، ففي هذه الحالة لا أحد من الأطراف المذكورة يفكر في السلامة لعدة ملايين من السوريين، الذين يجدون أنفسهم في الخارج، أو في ملاجئ مبنية على عجل داخل سورية.

المؤتمر المذكور والذي سيعقد في دمشق، مصمم لدعم جهود أولئك المهتمين حقاً، بمصير ورفاهية جميع السوريين، بمن فيهم الموجودين خارج سورية نتيجة الحرب.

ونعتبر هذا المنتدى منصة لمناقشة موضوعية للمجموعة الكاملة من القضايا المتعلقة بمساعدة السوريين في العودة إلى ديارهم واستعادة وحدة الشعب السوري.

ومن جانبنا نتوقع وصول وفد كبير إلى دمشق من مختلف الوزارات والمؤسسات الروسية، حيث يخطط الخبراء الروس لإجراء اتصالات هادفة وغنية المضمون مع زملائهم السوريين، للبحث في الخطوات العملية لمساعدة السوريين على العودة وإعادة اندماج اللاجئين، ومن المفترض كذلك أن يتم تسليم دفعة كبيرة من المساعدات الإنسانية الروسية للسوريين على هامش المؤتمر.

وبالنسبة للقيادة السورية، ومن خلال هذا المنتدى الدولي من المهم جداً لها أن تخترق الحصار الدعائي والإعلامي الغربي، والوصول إلى المواطنين الذين يسعون حقاً للعودة إلى سورية، ولكن يتحفظون على ذلك بسبب مخاوف موضوعية أو مصطنعة من قبل أحد ما، وهذه هي الطريقة الوحيدة لإرسال الإشارة التي تفيد بأن سورية تعود إلى السلام وهي، مثل الأم، مُستعدة لقبول جميع أبنائها.

وبالطبع سينظر المؤتمر أيضاً في خطوات عملية ملموسة حول كيفية تسهيل إعادة اللاجئين، وإعادة اندماجهم وخلق ظروف معيشية مواتية وآمنة لهم.

لقد أرسل الجانب السوري بالفعل عدداً كبيراً من الدعوات إلى جميع الأطراف المعنية، دعونا نرى أياً منها سيستجيب حقاً،. وبالنسبة للكثيرين، سيكون هذا نوعاً من الاختبار في مدى صدق شعاراتهم وتظاهرهم بـ«الاهتمام بمصالح الشعب السوري».

ومن جانبنا، نحن مقتنعون بنجاح هذا المؤتمر، ولدينا عدد كاف من هؤلاء الذين يتشابهون معنا في التفكير، وفي الوقت نفسه يوجد هناك أيضاً من يحاول ومنذ لحظة الإعلان عن خطط عقد المؤتمر، تعطيله أو تشويه سمعته بكل الطرق الممكنة، وبالنسبة لنا ولأصدقائنا السوريين، فإن هذه الهجمات هي مجرد تأكيد أن المؤتمر القادم من الضروري إجراؤه وفي هذا الوقت بالتحديد.

سيلفا رزوق-الوطن