الجمعة , نوفمبر 22 2024
الإقليم بين الصبر والحرب

الإقليم بين الصبر والحرب

الإقليم بين الصبر والحرب

لم يكن إغتيال ​العالم​ الإيراني ​محسن فخري زادة​ هو الإستهداف الأول من نوعه للإيرانيين. سبق وان نفذّت ​الولايات المتحدة​ أو ​إسرائيل​ عمليات إغتيال او محاولات إغتيال، بحق قياديين او فاعلين في “جبهات ​المقاومة​” في ​لبنان وسوريا​ و​العراق​ وإيران وعواصم أخرى، منذ عقود مضت، ولا تزال.

المعركة مفتوحة بين عدوّين، سواء خفّت وتيرتها أو تصاعدت بحسب الظروف التي تحتّم التوقيت. مما يعني أن قواعد الإشتباك هي ذاتها لم تتغيّر، رغم أن ​تل أبيب​ و​واشنطن​ لم يعترفا بمسؤوليتهما عن إستهداف زادة في ​طهران​. عملياً، قد تكون مجموعة من “​مجاهدي خلق​” هي من نفذّت العملية تلبية لأجندة إسرائيلية.

اساساً ذكّر الإعلام الإسرائيلي بأنّه في العام 2006، عدّد المتحدث بإسم “مجاهدي خلق” رضا جعفر زادة خلال ​مؤتمر​ صحافي في واشنطن أسماء 21 عالم وفيزيائي “يرتبطون بالمشروع النووي. وكان الإسم الثاني في القائمة هو فخري زادة، وقبله كان اسم ​فريدون عباسي​ الذي كان اصيب اصابة خطيرة عام 2010 في محاولة لاغتياله”. ​ومنذ ذاك المؤتمر الصحافي حصلت محاولات اغتيال لعلماء ​ايران​يين آخرين.

بجميع الأحوال، يطلب المسؤولون الإسرائيليون من وسائل إعلامهم الصمت وعدم الحديث لا إعترافاً ولا تعقيباً على تصريحات إيرانية، لإبقاء ايران في دائرة الضياع، أو تركها تهدد من دون إكتراث. لكن طهران التي توعّدت، ذهبت إلى اتخاذ قرار رفع مستوى التخصيب الى ٢٠%، ويمكن اعتبار هذا القرار بأنه بمثابة ردّ إيراني فوري على عملية الإغتيال.

يقول المفكر العربي كمال الطويل بأن ​الجمهورية​ الإيرانية تعتمد ​سياسة​ “الصبر والصمت بإنتظار الانتهاء من نقطوية صواريخهم في بلاد ​الشام​، مصحوباً برفع منسوب التخصيب لأقصى مدىً ممكن، وبصكهم اتفاق الحرير مع ​الصين​، عندها فقط، تعود ردعية ايران للتوازن مع ​اسرائيل​، صداً وتعرضاً، ويصبح اعتبارها لائقاً أميركياً، لا بل وتصبح العودة لاتفاق عام ٢٠١٥ في اليد”. مما يعني أن الرد الايراني لن يكون ​عسكري​اً في جبهات حربية مفتوحة.

علماً أن تل أبيب تستفيد من أي رد ايراني عسكري، يستحضر بعدها تدخل أميركي في آخر أيام الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ في ​البيت الأبيض​. وهو ما تسعى اليه اسرائيل لإحباط أية نوايا يحملها معه الرئيس الأميركي المُنتخب ​جو بايدن​.

ومن هنا كان اعتراف الإعلام الإسرائيلي بأن إغتيال زادة هو رسالة لبايدن: لا تُقدم على إتفاق مع ايران. في وقت حظيت فيه تل أبيب بغطاء الاغتيالات والهجمات من ادارة ترامب. ويعترف صحافيون إسرائيليون بأن ​”فضاء العمل الاسرائيلي يمكن أن يتقلص اذا قرر بايدن بأن أي عملية لاسرائيل ضد ايران يمكن أن تضر بجهوده للعودة الى ​الاتفاق النووي​، الذي يعتبره اساساً مناسباً لصد المشروع النووي الايراني ووقف قدرتها على تطوير ​السلاح النووي​”.

ماذا لو اشترطت ايران منع واشنطن اي هجمات إسرائيلية للعودة الى التفاوض مع الأميركيين؟.

كل شيء وارد حتى الآن، لكن لا يبدو ان ايران ستشذ عن قرارها بالصمت والصبر في آخر اسابيع الحكم الترامبي. بعدها ستدخل من باب عال الى أي مفاوضات محتملة مع بايدن، بعدما ثبّتت بقرار تشريعي-سياسي العودة الى تخصيب نووي أرفع مستوى.

النشرة-عباس ضاهر