التقنين الكهربائي يفرض نمط حياة جديدة على الأسر السورية
تمضي “أميمة ثابت” كالكثير من السوريين يومها في انتظار الكهرباء، تترقب أوقات التقنين وتحفظ بدقة واتقان أوقات الانقطاع والوصل.
تقول “ثابت” في حديثها :«أستيقظ في السادسة صباحا في وقت وصل التيار الكهربائي لأنجز ما علي من واجبات منزلية من غسيل وكوي وضخ للمياه وتسخين للسندويش، هو عمل أنجزه بأقصى سرعة لأن الوقت المحدد ثلاث ساعات ولابد من استثمارها بأقصى جهد».
“أمية فياض” تحفظ أيضاً مواعيد انقطاع ووصل التيار الكهربائي جيداً فتقوم قبل النوم بتحضير وجبة الغسيل، وتضعها في الحوض وتختار البرنامج استعداداً لقدوم الكهرباء لتكسب الساعتين أو الثلاث من الكهرباء عندما يتم وصلها.
ترتب “فياض” الموظفة عملها ومهامها كل أسبوع بما يتوافق مع موعد قدوم الكهرباء حتى مواعيد استيقاظها ونومها أيضا، والغريب أنها لا تطالب بإلغاء التقنين وإنما البقاء عليه كما هو فأقصى حلم اليوم حسب تعبيرها أن تبقى مواعيد التقنين ثابتة ولا تغيير فيها.
في الوقت نفسه تحاول “فداء هنيدي” في قرية “الرحى” موظفة أيضا مواصلة السهر حتى الواحدة، لتكون الكهرباء متوفرة لاستخدام المكواة وتحضير ملابس ابنها طالب الجامعة، وملابسها وملابس زوجها وأحياناً تحاول بعد الكوي تشغيل الجلاية التي تستعملها غالباً مرة كل شهر، تقول:«استخدامها بات رفاهية وأساسا الكهرباء ضعيفة في النهار وإن وجدت في الليل لا أستخدمها يكفيني انتظار الغسالة».
ذاكرة السوريين انتعشت بشكل قهري ليحفظن التوقيت الذي يختلف من أسبوع لآخر، ويقسمون الساعتين أو الثلاث لعدة مهام أكثرها إلحاحاً الغسيل، إضافة إلى ضخ الماء إلى الخزان ومكنسة الكهرباء وغيرها الكثير.
تقول “هنيدي”:«ببساطة هي أيام وليال مرهقة فهل سيرتاح من يستيقظ مرتين أو ثلاثة في الليل ليكسب ساعة كهربا؟ لكننا نتحمل فهناك واجبات تأخيرها سيخلق فوضى، لكنها تشكل إزعاج للأم والزوج والأولاد».
“هند نعيم” التي تعود عند الرابعة إلى منزلها من وظيفتها تعتبر يومها سعيداً إن وافق توقيت وصل الكهرباء مع عودتها، لأنها ستعد الغداء في وقت قصير ثم تنظف البيت بالمكنسة الكهربائية، و أضعف الإيمان فإن أولادها سيسعدون بمشاهدة التلفزيون، وتتمكن من الاسترخاء لبعض الوقت.
أما “نوال سعيد” وهي ربة منزل فقد غيرت مواعيد تنظيف الأطباق والمسح إلى أوقات الانقطاع لتتمكن من استخدام الخلاط لتحضير الطعام والفرن الكهربائي حتى وإن اضطرت لتحضير الغداء قبل الواحدة وتقول :« نعالج الواقع بما بين أيدينا فغياب الكهرباء أجبرنا لسنوات على إيجاد طرق مختلفة في الطعام والتنظيف وكل الأعمال المنزلية».
مشاهد كثيرة ترافق وصل التيار الكهربائي، نرى فيها نساء ورجال يسابقون الزمن لإنجاز أبسط الاحتياجات وأكثرها إلحاحاً مع ترك كثير من الاحتياجات التي باتت للترفيه، ويبدو أنها ستبقى من المنسيات إلى أجل غير محدد على وتر قصيدة القطع والوصل غاية الحلم.
سناك سوري – رهان حبيب