كيف تكتب: شجرة أم شجرت ؟!!
د. كامل جميل ولويل
يتساءل كثيرون وهم يقرأون القرآن الكريم عن كتابة بعض الكلمات، فيقولون نحن نكتب كلمة (شجرة) في مقالاتنا وصحفنا بالتاء المربوطة ولكنها لا تأتي في القرآن بالتاء المربوطة وانما تأتي مرة بالمفتوحة ومرة بالمربوطة، وهذه آيات تضمنت هذه الكلمة، قال سبحانه في سورة البقرة آية 35 «ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين» كتبت التاء مربوطة، ومثلها الآية التاسعة عشرة من الاعراف، اذ قال سبحانه «ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكونا ملكين»، وقد وردت هذه التاء المربوطة في عدة مواضع، ولكنها في مواضع اخرى لم تكتب مربوطة بل كتبت مفتوحة، قال سبحانه في سورة الصافات آية 62 «اذلك خير نزلاً ام شجرت الزقوم» كتبت مفتوحة وكذلك في سورة الدخان آية 43، اذ قال سبحانه «ان شجرت الزقوم طعام الاثيم» وقد وردت هذه التاء المفتوحة في عدة مواضع شأنها شأن المربوطة، ما سر ذلك، ولماذا؟
السر العام في الكتابات كلها انها تمثل قراءة النبي صلى الله عليه وسلم التي أُوحيت اليه، لقد قرأ النبي الشجرة بلفظين هما التاء والهاء، قرأ وصلاً ومن دون توقف قال: ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا، وقرأها مرة ثانية بالوقف أي: ولا تقربا هذه الشجرة، فقرئت في الوقف بالهاء، اذاً تكتب مربوطة، واما اذا لم تقرأ الا بالتاء وبالتاء وحدها فانها عندئذ تكتب بالتاء المفتوحة، لم يقرأ النبي (صلى الله عليه وسلم) : ان شجرة – الزقوم، لم يقف عليها مطلقاً فقد اضيفت كلمة (شجرة) الى كلمة (الزقوم)، والمضاف والمضاف اليه في اللغة العربية يعدان كالكلمة الواحدة، ان كلمة (الشجرة) معرّفة باللام، والتعريف بالـ يمنع الاضافة، فكلمة الشجرة معرفة (بالـ) ولذلك جاز قراءتها وحدها، لانها تعد كلمة منفردة ومستقلة.
ان هذه القواعد اللغوية ليست حكراً على كلمة الشجرة او كلمة شجرة، وانما هي عامة على كل كلمة تنتهي بالتاء المربوطة او المفتوحة في القرآن الكريم كله، ولذلك كتبت كلمة (المدينة) في القرآن كله بالتاء المربوطة، لأنها جاءت معرفة بالـ، ولم تأت مضافاً الى اسم آخر، ولكن كلمة (امرأة) جاءت في القرآن بوجهين، مرات بالتاء المفتوحة، ومرات بالتاء المربوطة، وهذه امثلة عن مواضعها لندرك، سبب هذا الاختلاف في الكتابة، قال سبحانه في سورة يوسف «وقال نسوة في المدينة امرأت العزيز تراود فتاها عن فسه قد شغفها حباً» آية 30، كتبت بالتاء المفتوحة، لماذا؟ لقد جاءت كلمة (امرأة) مضافة أي امرأة مضاف والعزيز مضاف اليه، فالكلمتان في اللغة كأنهما كلمة واحدة، ولكنها في سورة النساء في الآية 12 جاءت مربوطة، قال جل وعلا «وان كان رجل يورث كلاة او امرأة وله اخ او اخت فلكل واحدة منهما السدس» لم تقع امرأة لأسم آخر، فجاز قراءتها على الوجهين بالتاء وصلاً وبالهاء وقفاً، ولذلك كتبت بالتاء المربوطة، ونلاحظ في الآية كلمة (كلالة) واظن ان اخي القارئ يدرك سبب كتابتها بالمربوطة وفقاً للقاعدة، واخيراً اقول: اللهم اشرح صدورنا لمعرفة كتابك الكريم.
الراي