الأربعاء , ديسمبر 18 2024
شام تايمز

“قسد” بين خيارين في “عين عيسى”.. تسليمها للجيش السوري أو سيناريو عفرين

شام تايمز

“قسد” بين خيارين في “عين عيسى”.. تسليمها للجيش السوري أو سيناريو عفرين

شام تايمز

تعيش مدينة “عين عيسى” الإستراتيجية بريف الرقة شمال شرقي سوريا، حالة من الترقب والحذر، بعد تصعيد عسكري من قبل الميلشيات “التركمانية” المنتشرة في مناطق سيطرة الجيش التركي، ضد مواقع تنظيم “قسد” الموالي للجيش الأمريكي.

شام تايمز

التصعيد العسكري في محيط “عين عيسى” يترافق مع توقعات عن سعي تركيا لتنفيذ عملية عسكرية جديدة للسيطرة على المدينة، بهدف قطع الطريق الدولي (M4) وإيجاد موطئ قدم للفصائل “التركمانية” الموالية لها على هذا الطريق الحيوي، بعد فشلها بالحصول على ذلك بريف محافظة الحسكة.

في حديث لـ”سبوتنيك”، رأت مصادر ميدانية في مدينة “عين عيسى”، أن التطلعات التركية لزرع الميلشيات التركمانية على أحد مقاطع (M4) بريف الرقة، يأتي بشكل خاص في ظل إصرار روسيا على تحييد الطرق التجارية التي يربط الجهات الأربعة في سوريا، والانسحابات المستمرة للجيش التركي من نقاط المراقبة على الطريقين الدوليين (M4) و(M5) في أرياف حماة وللاذقية وحلب، ما دفعها للمحاولة للحصول على نقاط عسكرية على هذا الطريق الدولي الذي شكل تاريخيا أحد مقاطع طريق الحرير القديم، في مواقع جديدة ومنها ريف الرقة.

وبينت المصادر لـ”سبوتنيك” بأن تنظيم “قسد” يعتمد في الدفاع عن مواقعه في ريف المدينة عبر شبكة أنفاق ضخمة ومعقّدة بدأ بحفرها منذ بداية العامّ 2019 معتمدا على معدّاتٍ متطورة وعمالة رخيصة في مخيّمات النزوح، ومن خلال زرع حقول للألغام في قرى خطوط التماس بعد تهجير سكانها من منازلهم.

وتعيش مدينة “عين عيسى” وريفها الشمالي، منذ أكثر من شهر تصعيداً كبيرا جرّاء قصف المدفعيّة الثقيلة من مناطق انتشار الميليشيات التركمانية الخاضعة للجيش التركي، يصاحبَها عمليات تسلّل كما جرى قرب قرية “صيدا” في 22 تشرين الأول الماضيّ، وكما حدث في 24 تشرين الثاني الماضيّ، عندما تسلّلت مجموعة من الفصائل “التركمانية” إلى قرية معلك ومخيّم عين عيسى، إلّا أنّ المجموعة وقعت في حقل ألغام ممّا أدّى إلى مقتلِ 21 منهم، وتم تسليم جثثهم عبر وساطة روسية.

موقع استراتيجي

وتقول المصادر إن أهمية مدينة عين عيسى، تأتي من موقعها الاستراتيجي المهم على الطريق الدولي (الحسكة- الرقة- حلب) المعروف باسم (M4) الرابط بين شرق سوريا وغربها، وتحاول جميع الإطراف المتنافسة فرض سيطرتها الكاملة على المدينة، فبالنسبة لتنظيم “قسد” الموالي للجيش الأمريكي والذي يسيطر على الجزء الأكبر منها ومن قراها، تعنى خسارته للمدينة خسارة شريان حيويّ مهمّ، وقطع لطريق الإمداد عن مدينتي عين العرب (كوباني) ومنبج بريف حلب، وعزلها عن الرقة ومحافظة الحسكة، وتقطيع كامل لما يسمى (إدارة الأقاليم) التي يديرها التنظيم.

وكانت مدينة عين عيسى تعتبر العاصمة الإداريّة والسياسيّة لـ “قسد” فقد كانت تحتضنُ ما يسمى “المجلس التنفيذيّ” وما يسمى “المجلس العامّ” وما يسمى “مجلس سوريا الديمقراطيّة” و”الماليّة العامّة”، التابعة لما يسمى “الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا” قبل نقلها إلى مدينة الرقّة إبّان العملية التركية التي استهدفت مدينة تلّ أبيض في تشرين الأول 2019، بعد انسحاب مفاجئ لأهم القواعد الأمريكية في المنطقة القريب من المدينة في مقر اللواء 93.

وتضيف المصادر: “من طرف أخر، فالهجوم الذي شنته الميلشيات التركمانية الموالية للجيش التركي على مدينتي رأس العين بريف الحسكة وتل ابيض بريف الرقة، فتح المجال للجيش العربي السوري وبدعم روسي كبير، للانتشار على طول الحدود الشمالية مع تركيا، ووصلت طلائع الجيش السوري إلى عين العرب بريف حلب والطبقة وعين عيسى وتل ابيض بريف الرقة، وإلى ريف رأس العين والدرباسية وعامودا وصولاً إلى أطراف المالكية بريف محافظة الحسكة، وكل ذلك يعني الاقتراب بشكل أكبر من حقول النفط الإستراتيجية للبلاد”.

هذا الانتشار العسكري أوجد للجيش العربي السوري نقاطاً عسكرية مهمة في مدينة عين عيسى بعد غياب استمر لمدة 6 سنوات متواصلة خصوصاً في الجهة الجنوبية من المدينة، مع إنشاء قاعدة عسكرية للقوات الروسية فيها، لذلك فمن المتوقع ألا يفرط الجيش العربي السوري بهذه المدينة مهما كانت النتائج، والتي تعتبر بوابة مهمة لعملياته المستقبلية في تحرير آبار وحقول النفط والغاز والمساحات الزراعية الخصبة بزراعة القمح في مناطق شرقي سوريا.
“خيار عفرين”

وحول مصير المدينة الاستراتيجية، أكدت المصادر أنّ تنظيم “قسد” أمام خيارَين لا ثالث لهما: الأول يمكن تسميته بخيار “عفرين” حين أصر التنظيم على القتال والدفاع عن تلك المدينة في ريف حلب الشمالي الغربي، ومن ثم خسارتها بسبب التفوّق التركيّ بالأسلحة والعتاد، وأما الخيار الآخر فتسليم المدينة للجيش العربي السوري وعودة مؤسسات الدولة السورية والسكان النازحين إليها بشكل كامل، وحماية الآلاف من المدنيين من التهجير القسري، وهذا بالضبط ما يعمل عليه الجانب الروسيٍ الذي طلب بشكل رسمي من تنظيم “قسد” في اجتماع ثلاثي عقد الأسبوع الماضي، وضم ممثلين عن الجيش العربي السوري و”قسد”، تسليم المدينة للجيش السوري وإنشاء مربّع أمنيّ في المدينة على غرار مدينتي الحسكة والقامشليّ لقطع الطريق على أي عملية تشنها الميلشيات التركمانية الموالية للجيش التركي.

وتابعت المصادر: “في بادئ الأمر، ونتيجة ضغط أمريكي واضح، رفضت قيادة تنظيم “قسد”، العرض الروسيّ، مؤكدة اصراراها في الوقت نفسه على القتال، إلا أنها ما لبثت أن عادت بعد ساعات للقبول بإنشاء نقاط مشتركة بين جميع الأطراف في محيط المدينة من جهة الغرب والشمال والشرق، لمراقبة وضبط الخروقات التركية للتفاهمات السابقة”.

واعتبرت المصادر في حديثها لـ”سبوتنيك” بأن التفاهم والاتفاق الجديد سيمهد الطريق أمام تسليم المدينة وريفها بشكل كامل لقوات الجيش العربي السوري، خلال الأيام القادمة، وإلا فستشهد المدينة وريفها، خصوصاً الجزء الواقع تحت سيطرة تنظيم “قسد”، معركةً غير متكافئة مع الجيش التركي والفصائل “التركمانية”، في ظل مؤشّرات تدلّ على تحضير الجيش التركيّ لعمليّةٍ عسكريّة على مدينة “عين عيسى” وبلدة “أبو راسين” ومدينة “الدرباسية” في ريف محافظة الحسكة.

شام تايمز
شام تايمز