الإثنين , ديسمبر 23 2024
شام تايمز
مفاجأة صادمة.. ظهور فيروس قاتل جديد تنقله الخفافيش يُثير قلق العلماء

مفاجأة صادمة.. ظهور فيروس قاتل جديد تنقله الخفافيش يُثير قلق العلماء

شام تايمز

مفاجأة صادمة.. ظهور فيروس قاتل جديد تنقله الخفافيش يُثير قلق العلماء

شام تايمز

في الوقت الذي يحارب فيه العالم ضد فيروس كورونا المستجد. ظهر فيروس قاتل جديد تنقله الخفافيش وأثار خوف العلماء من تفشي وباء جديد.

شام تايمز

وتعتبر آسيا بؤرة للكثير من الأمراض المعدية الناشئة المكتشفة مؤخرا لأسباب عديدة. منها أن المناطق الاستوائية التي تتميز بثرائها بالتنوع الحيوي. تغص بمسببات الأمراض التي تهيء الفرص لظهور فيروسات جديدة.

وأسهمت الزيادة السكانية وتزايد فرص الاحتكاك بين البشر والحيوانات البرية في هذه المناطق في زيادة مخاطر انتقال العدوى.

واكتشفت سوبابورن واشارابلوسادي، مديرة مركز العلوم الصحية للأمراض المعدية الناشئة التابع لجمعية الصليب الأحمر التايلاندي في بانكوك، وزملاؤها الكثير من الفيروسات الجديدة في العينات التي جمعوها من آلاف الخفافيش، وكان معظمها فيروسات كورونا، لكنهم اكتشفوا أيضا فيروسات فتاكة قادرة على اجتياز الحاجز بين الفصائل والانتقال إلى البشر، منها فيروس “نيباه”، الذي تعد خفافيش الثمار العائل الطبيعي له.

وتقول واشارابلوسادي: “هذا الفيروس مصدر قلق كبير لأنه ليس له علاج، ومعدل الوفيات الناجم عن الإصابة به مرتفع”. إذ يترواح معدل وفيات فيروس نيباه بين 40 في المئة و75 في المئة، بحسب المكان الذي يتفشى فيه.

وفي كل عام تستعرض منظمة الصحة العالمية قائمة بمسببات الأمراض التي قد تسبب طوارئ صحية عالمية لتحديد أي هذه الأنواع سيكون له الأولوية في البحث والتمويل. وتركز المنظمة على مسببات الأمراض التي تشكل تهديدا كبيرا لصحة البشر والتي قد تتحول إلى جوائح والتي لا يوجد لها لقاح بعد. وقد وضعت فيروس نيباه ضمن مسببات الأمراض العشرة الأولى في هذه القائمة.

وقد تعزى خطورة فيروس نيباه لأسباب عديدة، منها أن فترة حضانة هذا الفيروس التي يقال أنها قد تصل إلى 45 يوما، تتيح له الفرصة للانتشار، لأن المصاب لن تظهر عليه أية أعراض. وقد يصيب عددا كبيرا من الحيوانات، وهذا يزيد احتمالات انتشاره. وقد تنتقل العدوى إما عبر الملامسة المباشرة أو عبر تناول أطعمة ملوثة بالفيروس.

وتتراوح أعراض المرض من متلازمة تنفسية والتهاب الحلق وآلام في الجسم وتعب عام والتهاب الدماغ، الذي يسبب نوبات التشنج ويفضي إلى الموت.

“في كل مكان”

وفي مدينة باتامبانغ بكمبوديا، تقام سوق في الساعة الخامسة صباحا، حيث ترص عربات مكدسة بالبضائع بجوار أكشاك الفاكهة والخضروات، ويملأ المتسوقون حقائبهم البلاستيكية بالمشتريات. أي أن هذه السوق قد تبدو للوهلة الأولى سوقا عادية، لكنك إذا رفعت رأسك للسماء، ستلاحظ الفرق.

إذ تؤوي الأشجار في السوق الآلاف من خفافيش الثمار المتدلية في هدوء من أغصانها، وتسقط فضلاتها على كل شيء يمر تحت الأشجار. ولو أمعنت النظر في سقف أكشاك السوق لوجدته مغطى بفضلات الخفافيش.

ويقول فيسنا ديونغ، رئيس وحدة علم الفيروسات بمختبر “إنستيتيوت باستير” للبحث العلمي في بنوم بنه: “يمشي الناس والكلاب الضالة تحت هذه الأشجار المملوءة بالخفافيش ويتعرضون لمخلفاتها يوميا”.

وتعد سوق باتامبانغ واحدة من المواقع العديدة التي رصد فيها ديونغ احتكاكا مباشرا بين خفافيش الثمار والحيوانات الأخرى وبين البشر يوميا، وصنفها بأنها من المناطق “عالية الخطورة”، التي تزيد فيها احتمالات انتقال الفيروسات من الخفافيش إلى البشر. ويقول ديونغ: “إن هذا النوع من التعرض للخفافيش قد يتيح للفيروس الفرصة للتحور ليصيب البشر ويسبب جائحة”.

وذكر ديونغ أمثلة عديدة للمناطق التي تكون فيها الحيوانات قريبة من البشر في تايلاند وكمبوديا، مثل الأسواق ودور العبادة والمدارس والمعالم السياحية مثل معبد أنغكور وات، الذي يقول ديونغ إن هناك تجمعات كبيرة للخفافيش فيه. ويزور المعبد 2.6 مليون زائر سنويا.

ووضع ديونغ وفريقه برنامج تعقب باستخدام نظام التموضع العالمي لفهم سلوكيات خفافيش الثمار وفيروس نيباه ومقارنة أنشطة الخفافيش في كمبوديا بنظراتها في مناطق أخرى تزداد فيها فرص انتقال الفيروس إلى البشر، مثل بنغلاديش والهند.

وقد تفشى فيروس نيباه في الماضي في هذين البلدين، ويرجح العلماء أن السبب كان استهلاك عصير النخل الملوث بالفيروس.

إذ تحلق الخفافيش المصابة ليلا في مزارع النخيل وتلعق العصارة أثناء نزولها من النخل إلى الوعاء المعلق لجمع العصارة، وأثناء ذلك، قد تتبول أيضا في الوعاء. ثم يشتري الناس في النهار من الباعة الجائلين في الشوارع العصير الملوث ببول الخفافيش المصابة دون أن يدروا، ثم يصابون بالمرض.

وسجلت 11 حالة تفشي لفيروس نيباه في بنغلاديش من عام 2001 إلى 2011، أسفرت عن إصابة 196 شخصا، مات منهم 150 مصابا.

ولاحظ ديونغ وفريقه أن خفافيش الثمار تطير لمسافة قد تصل إلى 100 كليومتر كل ليلة في كمبوديا للوصول إلى الثمار، ولهذا ربما ينبغي أن يتوخى سكان هذه المناطق الحذر عند تناول الثمار التي ربما قد لوثتها الخفافيش بالفيروس.

واكتشف فريق ديونغ مصدرا آخر محتملا للعدوى، إذ يستخدم سكان كمبوديا وتايلاند مخلفات الخفافيش كسماد للأراضي، ويعتمد البعض على بيع براز الخفافيش في المناطق الريفية كمصدر رزق رئيسي. ويشجع بعض السكان خفافيش الثمار، التي تعرف أيضا باسم الثعالب الطائرة، لتتجمع وتجثم بالقرب من منازلهم حتى يجمعون فضلاتها ويبيعونها.

لكن الكثير من جامعي فضلات الخفافيش لا يعرفون شيئا عن مخاطر الأمراض التي تنقلها. وفي سوق باتامبانغ، عندما سئلت سوفورن ديون، بائعة بيض البط عن فيروس نيباه الذي قد تحمله الخفافيش، أجابت: “هذه الثعالب الطائرة لا تزعجنا، ولم يحدث قط أن أصبت بأي مرض بسببها”.

تغيير العالم

تزايدت فرص الاحتكاك بين البشر والخفافيش بالتوازي مع النمو السكاني، الذي دفع البشر لتغيير كوكب الأرض وتدمير المواطن الطبيعية للحيوانات البرية لتلبية الطلب على الموارد. وكل هذا أدى إلى انتشار الفيروسات حيوانية المنشأ.

وكتبت ريبيكا وايت وأورلي رازغور من جامعة إكستر: “إن تغيير استخدامات الأراضي، عن طريق إزالة أشجار الغابات والزحف العمراني والتوسع الزراعي، يساعد في انتشار مسببات الأمراض حيوانية المنشأ ويزيد مخاطر انتقالها إلى البشر”.

ويعيش 60 في المئة من سكان العالم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، حيث تسارعت وتيرة الزحف العمراني على الأراضي الزراعية. وقد تسبب تدمير المواطن الطبيعية للخفافيش في إصابة البشر بفيروس نيباه في الماضي. ففي عام 1998، تفشى فيروس نيباه في ماليزيا وراح ضحيته 100 شخص.

وخلصت دراسات إلى أن حرائق الغابات وموجات الجفاف أجبرت الخفافيش على الانتقال من مواطنها الطبيعية إلى أشجار الفاكهة التي كانت تنمو في المزارع التي تربى فيها الخنازير.

وأشارت دراسة إلى أن الفيروسات التي تؤويها الخفافيش تزداد كلما تعرضت للضغوط. ولهذا فإن إجبارها على الانتقال من مواطنها الطبيعية واحتكاكها بأنواع لم تحتك بها من قبل، قد ساعد على انتقال الفيروس من الخفافيش إلى الخنازير ومن ثم إلى المزارعين.

وتعاني آسيا أيضا من ارتفاع معدلات إزالة أشجار الغابات، وفقدان التنوع الحيوي. وقد دمرت مساحات كبيرة من الغابات من أجل تكثيف إنتاج بعض المنتجات، مثل زيت النخيل، أو إقامة مناطق سكنية أو لتربية المواشي.

وتعيش الخفافيش في الغالب في الغابات الكثيفة التي تكثر فيها أشجار الفاكهة. وعندما تدمر مواطنها الطبيعية، قد تبحث عن حلول بديلة، فقد تستوطن المنازل أو أبراج المعابد.

لكننا أدركنا الآن، أن الخفافيش كانت مصدرا لأمراض خطيرة، ليس نيباه وكوفيد-19 فحسب، بل أيضا إيبولا ومتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد والوخيم “سارس”.

غير أن القضاء على الخفافيش قد يزيد الأمر سوءا. وتقول تريسي غولدستاين، مديرة مختبر “وان هيلث إنستيتيوت”: “تؤدي الخفافيش أدوارا غاية في الأهمية للبيئة”، فهي تلقح أكثر من 500 نوع من النباتات، وتتغذى على الحشرات، وتساهم بذلك في مكافحة بعض الأمراض التي قد تصيب البشر، إذ تحد من انتشار الملاريا من خلال تناول البعوض.

وتشير إلى أن قتل الخفافيش قد يؤدي إلى أثر عكسي. وتقول: “إن المجتمعات الحيوانية عندما تقل أعدادها تتكاثر، وبذلك ستزداد مخاطر انتقال الأمراض إلى البشر. لأن القتل يؤدي إلى زيادة أعداد الحيوانات الناقلة للفيروسات”.

أسئلة تحتاج لإجابات

ولا تزال هناك أسئلة عديدة لم يعثر أحد على إجابات لها بعد، منها لماذا لم يتفش فيروس نيباه في كمبوديا، بالنظر إلى كل عوامل الخطر التي رصدها العلماء؟ هل هي مسألة وقت، أم هل تختلف خفافيش الثمار في كمبوديا عنها في ماليزيا؟ وهل يختلف الفيروس في كمبوديا عنه في ماليزيا؟ وهل تختلف الطريقة التي يخالط بها البشر الخفافيش في البلدين؟

وتتطلب الإجابة عن هذه الأسئلة مجهودا عالميا جماعيا، إذ يتعاون العلماء والأطباء البيطريين وخبراء حفظ الحياة البرية وحتى أفراد المجتمع لفهم نوعية الأمراض التي نواجهها وسبل تجنب مخاطر الجوائح.

وعندما عثر ديونغ على فيروس نيباه في عينات مأخوذة من خفافيش، أرسلها إلى ديفيد ويليامز، رئيس مجموعة التشخيص المعملي للأمراض الطارئة في المركز الأسترالي للتأهب لمواجهة الأمراض. ويعد مختبر ويليامز واحدا من عدد من المختبرات حول العالم التي يسمح لها بزراعة الفيروسات وتخزينها، ولا سيما لأن فيروس نيباه، نظرا لخطورته، تعده حكومات من العوامل التي من المحتمل أن تستخدم كسلاح في هجمات إرهابية بيولوجية.

ويضم فريق ويليامز نخبة من أفضل الخبراء في العالم، واستطاعوا بأدواتهم التشخيصية، التي لا يوجد مثيل لها في معظم المختبرات، زراعة الفيروس الخطير من العينة الصغيرة لإجراء الفحوصات اللازمة لفهم الطرق التي يتناسخ بها هذا الفيروس وينقل العدوى ويسبب الأمراض.

وعندما سألت ويليامز عما إذا كان بناء المزيد من المختبرات ذات الإجراءات الأمنية المشددة، مثل هذا المختبر، قد يعجل بالكشف عن الأمراض المضرة، أجاب بأن بناء مختبرات آمنة (توضع فيها إجراءات صارمة لمنع تسرب الفيروسات) في بلدان مثل كمبوديا، قد يعجل بالتعرف على هذه الفيروسات وتشخيصها، لكن بناء هذه المختبرات وصيانتها يحتاجان لتكاليف باهظة.

وتعهد جو بايدن بإعادة تمويل مشروع “بريدكت” الذي امتنعت إدارة ترامب عن تجديد تمويله بعد انتهاء مدته. وتعمل واشارابلوسادي على تأسيس مبادرة جديدة بالتعاون مع إدارة المتنزهات الوطنية والحياة البرية وحفظ النباتات في تايلاند، التي ستتيح لها جمع المزيد من العينات من الخفافيش والحيوانات البرية لفهم الأمراض التي تؤويها والمخاطر التي تمثلها للبشر.

ويبحث فريق ديونغ عن سبل لتمويل مهمتهم القادمة للكشف عن مسببات الأمراض في الخفافيش في كمبوديا والبحث عن إصابات أخرى لم يبلغ عنها بين البشر.

ويقول ديونغ: “إن مراقبة فيروس نيباه على المدى الطويل، ستساعدنا في توفير المعلومات الكافية للسلطات المحلية حتى تضع التدابير الوقائية اللازمة لمنع انتقال الفيروس إلى البشر والتسبب في جائحة أوسع نطاقا”. ويحتاج العلماء لهذه المعلومات لتطوير اللقاح المضاد لهذا الفيروس.

وعن إنجازات مشروع بريدكت تقول واشارابلوسادي: “ضرب مشروع بريدكت مثالا في كيفية الكشف عن الفيروسات الجديدة المنتقلة من الحيوانات البرية، ولهذا عندما عثرنا على التسلسل الجينومي لفيروس كورونا، لم يكن الأمر مفاجئا. لكننا اكتسبنا خبرة كبيرة”.

ويأمل ديونغ وواشارابلوسادي أن يستمر التعاون بينهما للقضاء على فيروس نيباه في جنوب شرق آسيا، وصاغا مقترحات لمراقبة الفيروس في المنطقة معا، ويعتزمان تسليمها لوكالة الحد من التهديدات الدفاعية، وهي هيئة حكومية أمريكية تمول المشروعات التي تهدف للحد من التهديدات التي تمثلها الأمراض المعدية.

اقرأ أيضا: كيف تساعد مكملات الزنك في علاج نزلات البرد؟

شام تايمز
شام تايمز