من الإعلام إلى صائغة إكسسوار… “بطلة رواية” سورية تحاكي الواقع الأليم وتعايشه بنجاح… صور
كيف تحمل بطيختين بيد واحدة؟.. مثل شعبي سوري يقصد به أنه من الصعب أن تعمل عملين بآن واحد، لكن في هذه الظروف التي تحكم سوريا، على السوري أن يحمل 4 بطيخات بكلتا يديه، بل ويضع واحدة على رأسه أيضا.
تخرجت الفتاة السورية ذو الـ26 عاما، رامه، من كلية الاعلام بجامعة دمشق منذ 3 سنوات، وعملت في اختصاصها بإحدى الإذاعات المحلية، قبل أن تجد نفسها، وكما يقال بالسوري “مسبعة الكارات”، تحمل مسؤوليات أسرتها وحلمها ونجاحها على عاتقها.
رامه خليل تروي لوكالة “سبوتنيك” قصتها، بعد أن تركت الإعلام “مؤقتا” وتفرغت لهواية جميلة اكتشفت موهبتها فيها منذ الصغر وحولتها لمصدر كسب ممتع بالنسبة لها، بالإضافة لعدة أعمال أخرى.. تقول رامه:
حكايتي مع الإكسسوارات والخرز بدأت من أيام الطفولة.. من درس الفنون الجميلة بالمدرسة خلال ورش عمل عن كيفية صناعة الإكسسوارات و تنسيق الهدايا وصنع كروت المعايدة.
وتضيف “طبقت تعليمات صناعة هذه الأشياء في المنزل وكانت تلقى إعجاب أهلي وآنسة الرسم فأصبحت هواية أمارسها في أوقات الفراغ”.
وتكمل، “حياتي الجامعية بدأتها بالعمل بعدة مواقع إلكترونية إخبارية لأكتسب خبرة في فنون الإعلام الإلكتروني وبعدها انتقلت للعمل في مجال التسويق والمبيعات في عدة شركات وعند التخرج أدركت أن أجعل من هوايتي مشروعاً قوياً أخرج به إلى النور”.
وتوضح، “بدأت بشراء المواد الأولية وخلق تصاميم جميلة لتصبح بأبهى حلة بين الناس، وكل يوم كنت أتطور به عن سابقه وهوايتي تلك بدأت بالنضوج فعلاً، فقمت بإنشاء صفحات خاصة بمشروعي على وسائل التواصل الاجتماعي وقمت بتصوير الاكسسوارات بطريقة فنية ملفتة مع العلم بأنني مصورة فوتوغرافية أيضاً وبعد التصوير كنت أنشرها على الصفحة لتلقى إعجابات من الأصدقاء والمعارف وهنا بدأت مرحلة التسويق والانتشار لهذا المشروع”.
وفي العودة لمجال الاعلام ولماذا تركت رامه الإذاعة وتفرغت لهوايتها بالرغم من أن صفة “اعلامي” هي حلم للكثيرين، تجيب رامه بالقول: إن “الفرصة المناسبة لم تأتي بعد”، وتضيف:
لقب الإعلامية كبير جدا وفضفاض والشخص يجب أن يكون له باع طويل في هذا المجال ليطلق عليه هذا اللقب الرائع، نعم لقد كان حلما وحققت أولى خطواته بدراسته أكاديمياً، وثاني خطواته بالعمل في مجالاته واكتساب الخبرة، ولكن يبدو لم تأتي الفرصة المناسبة لي بعد، وأشدد على كلمة المناسبة لأن الفرص كثيرة ولكن ليست كلها مناسبة.
وتستطرد، “نعم كنت بإذاعة (نينار) منسقة الإعلام والتسويق ولقد أضافت لي كثيراً، وبالنسبة للعودة لهذا المجال أنا لم أبتعد بل بقيت ولكن بشكل متواضع من حين لحين أكتب بعض المقالات وأدقق غيرها لباقي الزملاء الجدد، وإن التقيت بفرصة مناسبة لي فحتماً لن أدعها تهرب مني”.
رامه الموهوبة بعدة مجالات، خزف وتصوير ومونتاج وتسويق، رامه الاعلامية والزوجة والأم.. تعيش في بلد تخنقه الظروف الاقتصادية السيئة المتوالية بعد الحرب والعقوبات الجائرة، كيف ترتب أولوياتها، وأدوارها الاجتماعية والمهنية؟ تجيب:
بعد حرب بدأت عندما كنت في الثانوية واستمرت 10 سنوات أهلكت البلاد والعباد وأنا الآن أم لطفل وأحمل مسؤولية المنزل كزوجة، أرى أن عملاً واحداً لا يكفي وبالأخص أن الوضع المعيشي السوري للفئة الغالبة سيء جداً.
وتوضح، “غلاء فاحش والراتب الوظيفي لا يكفي لاستأجار منزل، ولن أكتفي بالنظر مكتوفة الأيدي عاجزة عن التصرف، لذا أخذت قراراً أن أضع خطة عمل تناسب حياتي كأم وكصاحبة عدة مشاريع مثل الاكسسوارات “هاند ميد” والتصوير الفوتوغرافي ومجال الدبلجة والتفريغ والإعداد والتسويق الإلكتروني، خطة جيدة قدر الإمكان أستطيع من خلالها أن أوازن بين حياتي الشخصية وبين حياتي العملية، طبعاً زوجي يساعدني دوماً لتنجح هذه الخطة. وأريد أن أنوه لنقطة مهمة أن عائلتي هي أولى اهتماماتي ومن أجلها أقوم بتلك المشاريع كلها ولأنني سورية فحتماً لن أبقى بلا عمل”.
وتضيف بهذا السياق، “الهدف من العمل ليس تحقيق المردود المادي فقط بل هناك المردود المعنوي الذي هو الطموح والرغبة بالتطور واكتساب المعارف والخبرات، ومن هذا المنطلق كان زوجي الداعم الأكبر لي ولأهدافي المختلفة، وكان يساعدني قدر الإمكان في إعطائي النصائح و توجيه الملاحظات التي ساهمت بثبات مشاريعي الصغيرة على الطريق الصحيح الناجح”.
وبما أن عددا كبيرا من السوريين سافروا من بلادهم للبحث عن فرصة أفضل دراسية كانت أو مهنية، تختم رامه مع “سبوتنيك” بالقول: “السفر مهم جدا للشخص كي يتعرف على بلد جديد وثقافات جديدة، ولكن الأهم أن تكون الفرصة ملائمة ليتغير الحال للأفضل طبعا، لأنه ليس كل سفر يعني نجاح بل هو وسيلة مهمة لنبدأ خطوات جدية لتحقيق النجاح”.