أرباح عالية للمكاتب العقارية.. ١٠٠ ألف إيجار الغرفة في المزة ٨٦ وضريبتها أقل من ألف ليرة!
وصل إيجار الغرفة الواحدة مساحة 10 أمتار مفروشة بصوفاية وسرير وبراد صغير مع حمام في منطقة المزة 86 بدمشق إلى ١٠٠ ألف ليرة سورية في حين الرسوم المترتبة على عقد الإيجار أقل من ألف ليرة كون المبلغ المحدد بعقد الإيجار 5000 ليرة والرسوم سيدفعها المستأجر بدلاً من المؤجر. الصحفية زينب حسين مستأجرة مع أختها غرفة مفروشة مقابل٦٠ ألف ليرة منذ ٦ أشهر وتقولقبل شهرين أخبرنا صاحب الغرفة أنه رفع الإيجار إلى ٧٥ ألف ليرة، واليوم طلب منا ١٠٠ ألف مع بداية شهر شباط أو علينا إخلاء الغرفة مع منية وأسطوانة «أنا صايرلي أجرها بـ ١٢٥ ألفاً»، ونحن غير موقعين على عقد إيجار بل طلب منا التوقيع على سندات أمانة.
مدقق الحسابات في شركة خاصة ومطلع على أسعار العقارات وحركة البيع والشراء والإيجار في المزة غدير حمود يرى أن سبب ارتفاع الإيجارات يعود إلى استغلال الطلب الكبير على البيوت في المزة، وتحكم أصحاب المكاتب والسمسرة على بعضهم، وانفلات عملهم دون حسيب أو رقيب، والدليل على ذلك الانتشار الكبير للمكاتب العقارية كونها تعمل دون تصنيف أو رقابة مالية ولا يتم تشميلها بالضرائب والرسوم، والكثير من المكاتب تهرب من عقود الإيجار السنوية وتؤجر بموجب سندات أمانة تتحكم بالمستأجر مع كل ارتفاع جديد بالأسعار، وغالبيتهم يطلبون دفع الإيجار سلفاً لعدة أشهر ومبلغ تأمين إضافي. وأشار حمود إلى أن إيجار الغرفة مفروشة كان بداية العام الماضي يتراوح بين ٣٠ و٤٠ ألف ليرة حسب المكان وجودة الفرش، وسعرها يتراوح بين ٣ و٤ ملايين ليرة، أما اليوم مع بداية عام ٢٠٢١ المكاتب تطلب أسعاراً فلكية ومنهم من يطلب أكثر من 100 ألف حسب المنطقة والفرش ولا يوجد سعر بيع غرفة مكسية أقل من ١٠ ملايين ليرة..
هذا الكل يطلب عن حالات البيع الحقيقية إن وجدت في حدودها الدنيا. وأضاف حمود: هناك عدد من التجار في المزة يقلبون عقاراتها بالبيع والشراء، لكن غالبيتهم وقعوا في عجز مالي نتيجة الطمع لتحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح، وهذا نسمعه بشكل يومي من خلال المطالبات وعدم الالتزام بالتسديد ومواعيد التسليم. الرجل الستيني المتقاعد أبو محمد يجلس في مكتب عقاري بانتظار زبون لكي يحظى بعمولة لقاء بيع أو إيجار أي غرفة، والفوز بالعمولة الذي يعتبرها مدخولاً إضافياً تساعده على العيش ويقول: صحيح أن الإيجارات غالية وغير منطقية ولا يوجد عمليات بيع محققة إلا ما ندر لكن الطلب عليها كبير، ما يدل أن بعض العائلات وخاصة المهجرة من المناطق الشرقية لديها القدرة على الدفع، وهذا ما رفع من ثمن الإيجارات والعقارات في المزة. لدينا أزمة ضمير وأخلاق من وجهة نظر الخبير العقاري المهندس محمود. م ويرى أن أفضل سلعة في العرف التجاري تسترد ثمنها خلال عشرة أعوام، وإذا افترضنا أن سعر الشقة في منطقة المزة مساحتها ٧٠ متراً بـ٢٥ مليون ليرة، والغرفة الواحدة تشكل أقل من ثلث البيت من ناحية المساحة فيفترض أن يكون سعرها في أفضل الأحوال ٧ ملايين ليرة، وإذا قسمنا المبلغ على عشر سنوات سيكون الإيجار في أحسن الظروف أقل من ٦٠ ألف ليرة، هذا إذا افترضنا أن وضع الغرفة ديلوكس وفي مكان مرغوب والاستثمار في أعلى طلب خلال ١٠ سنوات.
وأشار الخبير محمود إلى أن رفع الأسعار والجشع القائم سببه الطلب الكبير والأزمة في سورية، والحل من وجهة نظره يكون بالمبادرة إلى إنشاء سكن شعبي تملكه الدولة كما هو السكن الشبابي وتخصيص جزء منه للإيجار الشهري أو السنوي، وخاصة في المدن الكبيرة التي تكثر فيها الإيجارات لغايات السكن الدائم أو السكن المؤقت. واعتبر الخبير محمود أن أي محاولة ضغط على المكاتب ورفع الضرائب أو الملاحقة الناقصة من قبل البلدية دون تضافر جميع الجهود ستنعكس حتماً على المستأجر، وستكون عبئاً إضافياً على المواطن لأن المبالغ التي ستدفع ستُحصّل من جيبة المستأجر والحل الأمثل يكمن في تخفيف الطلب بفتح مناطق عقارية جديدة شعبية أسوة بالسوق الشعبي.
والسؤال: من يراقب عمل المكاتب العقارية أو يلاحق أرباحهم بالضرائب، أو يدرك حجم الديون والمشاكل التي يولدها البعض من جراء عمليات النصب والاحتيال على المواطنين، وهل سننتظر صحوة الضمير أم هناك حلول إسعافية يمكن القيام بها؟
الوطن
اقرأ أيضا: