هل ستشتعل معركة جنوب سورية؟
حميدي العبدالله
تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية وأخرى عربية بما ذلك مواقع المسلحين عن تحضيرات أميركية- أردنية- إسرائيلية بالتعاون مع الجماعات المسلحة لفتح معركة الجنوب السوري في محاولة للرد على قيام الجيش السوري بتحرير الغوطة.
هل ما يتم نشره يأتي في إطار التهويل للضغط على الدولة والجيش السوري لوقف العملية العسكرية، أم أنه يعبّر عن توجّه جدّي لفتح معركة الجنوب؟
بدايةً لا بد من الإشارة إلى أن المجموعات المسلحة في المنطقة الجنوبية، ومنذ أن بدأ الجيش السوري عملية تحرير الغوطة، صعّدت اعتداءاتها على الأحياء الآمنة في مدينة درعا، كما أنها هاجمت بعض البلدات الواقعة في محافظة السويداء والمتاخمة للحدود الإدارية لمحافظة درعا، وأصدرت بيانات أعلنت من خلالها أن هجماتها على مواقع الجيش السوري وعلى الأحياء الآمنة في درعا تأتي دعماً للغوطة، ولكن الجيش السوري ردّ على هذه الاعتداءات، وظل الوضع هادئ نسبياً في المنطقة.
ولا بد من الإشارة ثانياً إلى أن الجيش الأميركي نفى ما ورد في وسائل الإعلام هذه عن تحركات غير عادية في المنطقة، سواء في التنف أو غيرها من المواقع بالقرب من الحدود السورية.
ومع ذلك يظل السؤال مطروحاً عما إذا كانت المعلومات المتداولة إعلامياً عن قرب شن هجوم على مواقع الجيش السوري في المنطقة الجنوبية يأتي في سياق التهويل ورفع العتب إزاء مسلحي الغوطة، أم أنه اتجاه جديّ لفتح معركة الجنوب؟
واضح لو كان الأمر جدياً لفتحت المعركة منذ اليوم الأول على بدء معركة تحرير الغوطة وليس الآن بعد أن تم تحرير أكثر من 60 من مساحة الغوطة، وانهارت المواقع الدفاعية التي كانت تراهن عليها الجماعات المسلحة التي تسيطر على هذه المنطقة. اليوم أي عمل عسكري عبر المنطقة الجنوبية لن يؤخر عملية استكمال تحرير ما تبقى في الغوطة، ويمكن القول بوضوح إن الوقت بات متأخراً لقيام الجماعات لمسلحة وداعميها بعمل جديّ وفاعل لوقف عملية تحرير الغوطة.
ليس هذا كل شيء، من المعروف أن الجيش السوري وحلفاءه كانوا قد أعدوا العدة في وقت سابق لتحرير المنطقة الجنوبية، وحققوا تقدماً في ذلك الوقت، ولكن الولايات المتحدة والأردن وحتى تل أبيب سارعوا للطلب من روسيا التوصل إلى تفاهم لتكون المنطقة الجنوبية منطقة خفض تصعيد، وكانت المنطقة الوحيدة التي تقبل فيها الولايات المتحدة إجراء تفاوض مع روسيا في ذروة توتر العلاقات بين واشنطن وموسكو للحؤول دون الحسم في المنطقة الجنوبية، لأن اقتراب المعارك من هذه المنطقة لـه تداعيات كبيرة على دولتين حليفتين وركيزتين للنفوذ الأميركي هما «إسرائيل» والأردن.
لم يتغير شيء في هذه الحسابات، بل إن الجيش السوري أصبح أكثر قوةً وأكثر استعداداً لخوض معركة تحرير المنطقة الجنوبية، وقوات النخبة فيه التي تخوض المعارك في الغوطة هي أقرب جغرافياً للمنطقة الجنوبية في هذه الفترة أكثر من أي فترة سابقة.
البناء