السبت , نوفمبر 23 2024
هل تتجه ايران وتركيا للصدام في الشرق الاوسط؟

هل تتجه ايران وتركيا للصدام في الشرق الاوسط؟

هل تتجه ايران وتركيا للصدام في الشرق الاوسط؟

تبادلت طهران وأنقرة إنتقادات عالية النبرة دفعت البلدين لإستدعاء سفرائهما وتوجيه رسائل شديدة اللهجة. فهل يتجه الصراع على النفوذ بين إيران وتركيا نحو صدام واسع؟ وكيف تستفيد أميركا من هذا الخلاف؟

بدأت كرة الثلج بالتدحرج نحو التصعيد الكلامي بين البلدين بعد إعلان السفير الإيراني في العراق ايراج مسجدي أن بلاده “ترفض التدخل العسكري التركي في العراق، وتالياً فأن القوات التركية يجب أن لا تكون مصدر تهديد للأراضي العراقية بأي شكل من الأشكال”.

فرد عليه السفير التركي في بغداد فاتح يلدذ (أبو عشقم) بالقول أن “السفير الإيراني هو آخر من يعطي الدروس لتركيا حول إحترام الحدود العراقية”.

وجاء هذا التراشق الكلامي بعد أن قالت تركيا أنها تريد الدخول إلى مدينة سينجار العراقية لطرد حزب العمال الكردستاني المصنف على لائحة الإرهاب والمسؤول عن عمليات إرهابية في تركيا، فرد “الحشد الشعبي” العراقي بالإعلان أنه “سيقاتل القوات التركية إذا دخلت ويعتبرها قوات عدوة”.

وإعتبرت أنقرة أن رد “الحشد الشعبي” – وليس الحكومة العراقية – هو بمثابة رد إيراني على قاعدة أنها تصنف الحشد كقوة إيرانية تحركها طهران وليس قوة عراقية تحت إمرة رئيس الوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة.

وكذلك إعتبرت تركيا أن إيران تريد حماية “حزب العمال الكردستاني” وتعتب على الحشد لعدم إعلانه الذهاب إلى سنجار لمقاتلة الحزب الكردي الموجود في المدينة، وتالياً فأن أنقرة تعتقد أن إيران تريد تثبيت نفوذها في المنطقة وحيازة أوراق متعددة تستطيع من خلالها مفاوضة الإدارة الأميركية التي يرأسها جو بايدن لجلبه إلى طاولة المفاوضات ورفع العقوبات الشديدة عنها.

أما طهران فتعتبر أنه كلما دخلت القوات التركية مدينة تحتلها لا تتركها أبداً إلا بعد معارك دامية. وهذا ما حصل في مدينة سراقب السورية التي حررها الجيش السوري وحلفائه بعد معارك ضارية شارك فيها على الجبهة المقابلة الجيش التركي بآلياته وطائراته المسيرة إضافة إلى حلفائه السوريين.

وإحتلت تركيا مدينة عفرين وأنشأت فيها 120 مدرسة دينية تابعة لحزب “العدالة والتنمية” تعلم فيها التوجه الإسلامي الإخواني وكذلك غيرت مناهج الدراسة فيها لتصبح جزءاً من “أمبراطورية” الرئيس رجب طيب أردوغان الذي إنتشر نفوذه إلى جنوب القوقاز (أذربيجان) وقطر وليبيا وسورية والعراق.

وتوجد قوات تركية في مدينة بعشيقة العراقية منذ أعوام رغم مطالبة حكومة بغداد بإنسحابها وهي الدعوات التي لا تلقي أي صدى.

وتريد أنقرة تقليص كمية المياه المتدفقة إلى نهر الفرات مما تسبب بهجرة أكثر من مليون مزارع عراقي بعد الجفاف الذي أحدثه بناء السدود التركية.

وتعتبر إيران – بحسب مصادر مسؤولة في طهران – أن “التدخل التركي بدأ في سورية بخطة إحتلال الشمال السوري وحلب وإدلب وحمص وحماه وضمهم إلى تركيا لولا دخول إستانة على الخط وأخذ إيران وحفائها بدعم لطيران الروسي.

وقد غضبت تركيا عندما إستطاع الجيش السوري عزل خمسة عشر مركزاً عسكرياً تركياً في معارك تحرير سراقب وإعتبرت أن إيران هي المسؤولة عن خرق “التوازن” غير المعلن.

وترى أنقرة أن طهران تلعب ورقة المقاومة العراقية لضرب تطلعاتها. إلا أن تركيا لا تدرك أن العراقيين لن يسمحوا لأحد بإحتلال بلادهم وأن العبث بالساحة العراقية من قبل أميركا وإسرائيل وتركيا هو خط أحمر إيراني لن يسكت عنه”.

لا شك فيه أن إيران لا تريد حماية “حزب العمال الكردستاني”، بل على العكس فأن التعاون الأمني – الإستخباراتي بين طهران وأنقرة وصل إلى أعلى المستويات.

فقد أدى تبادل المعلومات بين البلدين إلى منع هجمات أرهابية كثيرة ومتعددة وقد وصل الأمر إلى مساعدة تركيا لـ”حزب الله” اللبناني – عن طريق إيران – بالكشف عن مخاطر تتربص به.

وتالياً فأن هذه الأزمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة ولا يوجد أمام البلدين إلا التفاهم لأن الخيارات محدودة أمامهما في مواجهة سياسة بايدن “فرق تسد” وتقسيم العراق وعدم إستقراره وإستمرار الإحتلال لسورية ودعم أميركا للأكراد الإنفصاليين في سورية وإبقاء العقوبات على الدول الشرق أوسطية وغيرها.

وكذلك تجد تركيا نفسها أمام إدارة أميركية ذكية ومستعدة للخيارات العسكرية أو الخيارات القاسية والتي أراد بايدن في ضربه للحدود العراقية – السورية أن يفك الإرتباط ويسلخ عن نفسه صيغة أن إدارته هي نفسها إدارة باراك أوباما التي لم تقم بعمليات عسكرية مباشرة مثل قصف الحدود العراقية التي قام بها بايدن بعد أكثر من شهر من بداية تسلمه الإدارة.

ولا تريد إيران من خلافاتها مع تركيا أن تدفع الأمور إلى صدام تستفيد منه إسرائيل وأميركا، وأن الثوابت في العلاقة راسخة تمكّن الطرفين من تنظيم خلافاتهم العديدة والعمل على إحتوائها. وتالياً فأن العلاقة الإستراتيجية التركية – الإيرانية هي التي ستنتصر لمواجهة خطر أكبر من الممكن أن يأتي من أميركا.

ومن المستبعد، في هذا الإطار، قيام أحد البلدين بتقديم أوراق إعتماده إلى إدارة بايدن التي ستحافظ على عمق الأزمة في الشرق الأوسط ومن المتوقع أن تغذيها لا أن تطفؤها. ولهذا فلا أزمة جديدة في الأفق بين طهران وأنقرة، فالأمر يقتصر تراشق كلامي مع الحفاظ على إختلاف في الرؤية السياسية للمنطقة.

ايليا ج. مغناير
(الراي الكويتية)

اقرأ ايضاً:مشروع قانون في مجلس الشيوخ الأمريكي لإلغاء الصلاحيات “الحربية” لبايدن بعد الهجوم على مواقع في سورية