تعلّم من الإسبان.. 8 فوائد للقيلولة لا تعرفها على الأرجح
يقضي العمال الإسبان بشكل عام، ساعات عمل أكثر من أي دولة في أوروبا على الرغم من الصورة النمطية المريحة التي قد نعرفها عنهم. ربما هذه الصورة مرتبطة في أذهاننا بحبهم للسهر من جهة، وما نسمعه عن تقديس نسبة كبيرة منهم لقيلولة الظهيرة.
في بعض المدن والبلدات الإسبانية، تعتبر القيلولة أمرًا مقدسًا للغاية، لدرجة إدراجها في القوانين المحلية لبعض البلديات باعتبارها حقًّا للمواطنين لا نقاش فيه.
في هذه المدن، تغلق المحلات في المدينة أبوابها بين الساعة الثانية والخامسة مساءً، ويبقى الأطفال في منازلهم، وتنخفض الضوضاء للحد الأدنى، ورغم أن هذه الغفوة مرتبطة بالعادات والتقاليد في بعض المناطق حول العالم، فإن الأبحاث والدراسات الحديثة أثبتت أن لها فوائد عديدة على صحة البشر الجسمانية والعقلية والنفسية.
ما هي القيلولة؟
هي تلك الغفوة القصيرة التي تُؤخذ في وقت مبكر من فترة ما بعد الظهيرة، غالبًا بعد وجبة منتصف النهار. وتعتبر فترة النوم هذه تقليدًا شائعًا في بعض البلدان، لا سيما تلك التي يكون الطقس فيها دافئًا. إذ تعد هذه الغفوة شائعة تاريخيًّا في جميع أنحاء دول البحر الأبيض المتوسط وجنوب أوروبا والبر الرئيسي للصين.
التوزيع الجغرافي الحديث للقيلولة يرتبط بشكل واضح بدرجات الحرارة الدافئة، وتناول الطعام بكثرة في وجبة منتصف النهار، إذ يساهم هذان العاملان معًا في الشعور بالنعاس بعد الغداء.
في العديد من البلدان التي يحصل أهلها على هذه الغفوة النهارية، يمكن أن تكون حرارة الصيف لا تطاق في وقت مبكر من فترة بعد الظهيرة، خصوصًا إذا ما كانت درجات الحرارة في الشتاء ليست دافئة، ما يجعل الجسم لا يعتاد على الحرارة المرتفعة، فتصبح استراحة منتصف النهار موضع ترحيب.
ما هو الوقت المحدد للغفوة النهارية؟
القيلولة لا ترتبط بفترة زمنية طويلة كما يظن البعض، أو كما اعتاد البعض من سكان المنطقة العربية، فمفتاح هذه الغفوة وفوائدها يتعلق بالزمن. يمكن أن تؤدي القيلولة السريعة إلى تحسين أدائك وزيادة اليقظة وتحسين حالتك المزاجية. هنا نحن نتحدث عن غفوة ينصح بها بين 10 إلى 20 دقيقة. هذه الفترة القصيرة تجعل الإنسان لا يدخل إلى دورة النوم، والتي إن لم تحصل عليها بالكامل لعدة ساعات، فإنك ستستيقظ وأنت تشعر بالدوار والتعب أكثر من ذي قبل.
عندما تغفو لمدة 10 إلى 20 دقيقة، فإنك تدخل إلى المرحلتين الأولى والثانية من النوم فقط لا غير. هذا يكفي لإنعاشك والحصول على الفوائد المرتبطة بالقيلولة. بينما أثناء النوم الحقيقي، يقوم جسمك بإكمال جميع المراحل الخمس لدورة النوم لعدة مرات. بالنسبة للأشخاص البالغين الأصحاء فإن دورة النوم الكاملة المكونة من خمس مراحل تستغرق بين 90 إلى 110 دقيقة.
عندما تدخل في نوم أعمق، يصبح دماغك أقل استجابة للمنبهات الخارجية، مما يجعل من الصعب الاستيقاظ ويزيد من احتمالية الشعور بالترنح والإرهاق.
8 فوائد للغفوة النهارية
يأخذ الناس غفوة في فترة بعد الظهر لتعويض النوم المفقود أو لمساعدتهم على الشعور بمزيد من اليقظة في فترة ما بعد الظهر. من أشهر هؤلاء، رئيس الوزراء البريطاني الحالي بوريس جونسون، بالإضافة إلى كل من ونستون تشرشل وألبرت أينشتاين وليوناردو دافنشي. الدراسات الحديثة أثبتت وجود كثير من الفوائد لهذه الغفوة النهارية، من بينها:
1- تحسين الأداء
وجدت دراسات مختلفة أن غفوة النهار يمكن أن تزيد من الأداء وتجعلك أكثر إنتاجية في العمل. فقد ثبت أنها تحسن كل من سرعة الحركة وردود الأفعال وحالة اليقظة.
إذا كنت تشعر بالتعب ولكن لديك عمل أو تدرس لإنجازه، فقد يكون من الأفضل لك أن تأخذ غفوة سريعة بدلًا من احتساء القهوة. بالمقارنة مع الكافيين، يمكن أن تؤدي القيلولة إلى تحسين الذاكرة والتعلم.
2- التعلم المعزز
بناءً على دراسات مختلفة، يمكن أن تؤدي الغفوة إلى تحسين مهارات التعلم لديك. لا يقتصر دور هذه الدقائق على تحسين تركيزك وذاكرتك فقط، ولكن الدراسات وجدت أيضًا أن القدرة على تعلم معلومات جديدة تتحسن فورًا بعد الاستيقاظ.
3- خفض ضغط الدم
أظهرت الأبحاث أن القيلولة يمكن أن تخفض ضغط الدم بشكل ملحوظ. ووجدت دراسات أنها أدت – في المتوسط – إلى خفض ضغط الدم بمقدار 5 ملم زئبق. هذا مشابه أيضًا لأخذ جرعة منخفضة من دواء ضغط الدم، والذي عادة ما يخفض ضغط الدم من 5 إلى 7 ملم زئبق.
4- مزاج أفضل
يمكن أن تحسن الغفوة مزاجك، إذ تعزز مستويات الطاقة وتساعدك على التغلب على الركود في فترة ما بعد الظهر. وربطت الأبحاث القيلولة أيضًا بزيادة الإيجابية وتحمل أفضل للإحباط.
5- تحسين الذاكرة
تلعب أيضًا دورًا مهمًّا في تخزين الذكريات. إذ يمكن أن تساعدك على تذكر الأشياء التي تعلمتها في وقت مبكر من اليوم، كما تعمل على منعك من نسيان أشياء مثل المهارات الحركية والإدراك الحسي والتذكر اللفظي أيضًا.
6- المساعدة على السهر
إذا كنت تعلم أنك لن تحصل على قسط كبير من النوم لليلة أو ليلتين بسبب السفر، على سبيل المثال، فمن الأفضل أن تستعد من خلال غفوة في وقت مبكر بدلاً من تناول الكافيين. لكن هنا، كلما طالت الدقائق، كان أفضل.
7- فوائد للقلب
يمكن أن تساعد هذه الدقائق من الغفوة النهارية قلبك، فالأشخاص الذين حصلوا على قيلولة طويلة نسبيًّا لمدة 45 إلى 60 دقيقة، تحسن أداء قلبهم بشكل واضح نتيجة انخفاض ضغط الدم.
8- النوم في المساء
على الرغم من أنه قد يبدو أمرًا غير منطقي، فإن أخذ غفوة أثناء النهار يمكن أن يساعد كبار السن على تحسين النوم ليلاً. هنا نحن نتحدث عن الغفوات التي لا تزيد عن 30 دقيقة بين الساعة الواحدة والثالثة مساءً جنبًا إلى جنب مع التمارين المعتدلة، مثل المشي والتمدد في المساء.
وأخيرًا.. قصة القيلولة عند الإسبان
القيلولة أو «سييستا» بالإسبانية، هي واحدة من أبرز جوانب الحياة الإسبانية، والمرتبطة بتلك الفترة في وقت ما بعد الظهيرة عندما يتوقف كل شيء في إسبانيا، من الناحية النظرية، حتى يتمكن الناس من الراحة وأخذ غفوة. يعود تقليد القيلولة إلى آلاف السنين، في حين نشأ التقليد الحديث منها في إسبانيا.
وبالنسبة لأصول هذه الممارسة في إسبانيا، يعتقد أن حرارة الصيف الحارقة السائدة في الغالب في مناطق الجنوب قد حفزت أولئك الذين يقومون بأعمال زراعية لأخذ قسط من الراحة لتجنب الفترة الأشد حرارة من اليوم.
أما في المدن، فقد تزامن الوضع الاقتصادي السيئ في إسبانيا في سنوات ما بعد الحرب الأهلية الإسبانية مع ظهور كل من الاقتصاد الحديث والتحضر. في ذلك الوقت، كانت استراحة طويلة في منتصف النهار – مع النوم أو بدونه – ضرورية لأولئك الذين يتنقلون بين الوظائف بدوام جزئي الذي كان شائعًا في فترة الاقتصاد المتعثر تلك.
ونظرًا لتأثير إسبانيا الواسع، فإن القيلولة شائعة في الدول الناطقة بالإسبانية في جميع أنحاء العالم، وكذلك اليونان وإيطاليا والفلبين ونيجيريا، على سبيل المثال لا الحصر. لكن ربما تراجع الآن هذا التقليد وأصبح رفاهية إلى حد ما في وقت انتشرت فيه مكيفات الهواء والمكاتب المعزولة وتفضيل الناس العمل مبكرًا والعودة مبكرًا لمنازلهم.
ساسة بوست
اقرأ أيضا: شقيقة ستيفاني صليبا تخطف الأضواء منها.. شاهدوا جمالها