صحيفة البعث تقترح إصدار عملة جديدة
إصدار ورقة الـ 5000 ليرة لم يكن مفاجئاً لأي متابع للشأن المالي والاقتصادي، فمنذ سنوات كشف مصرف سورية المركزي أنه لا يستبعد إصدار أوراق نقدية كبيرة في المستقبل، مبرراً ذلك بأنه يسهم في حل مشاكل إتلاف الأوراق المهترئة واستبدالها بفئات جديدة مناسبة.
لا ندري إن كان لبنان مثالاً، فهو منذ أكثر من عقدين من الزمن أصدر أوراقاً نقدية كبيرة بعد تراجع حاد في سعر صرف عملته الوطنية! كما أن تداول ورقة بقيمة 500 يورو في أوروبا، وألف فرنك في سويسرا، لا يعني أن حالنا يشبه حال الدول التي تصدر عملات كبيرة، خاصة تلك التي لا تعاني من تضخم كبير!
الخشية الدائمة لدى المواطنين هو أن إصدار أوراق نقدية كبيرة يعني اعترافاً رسمياً بانخفاض سعر الصرف بشكل دائم، والدليل أن التقرير الأخير للمركزي كشف أن التضخم تجاوز 139% في عام 2020 مقارنة بعام 2019، في حين وصل الرقم القياسي لأسعار المستهلك حتى شهر آب من عام 2020 إلى (2107.8 بالمئة) مقارنة بعام 2010 سنة الأساس المعتمدة بسلة المستهلك، ونكرر الرقم صادر عن المصرف المركزي!
صحيح أن إصدار ورقة بألفين لم يؤثر على سعر الصرف حينها، لكنه قطعاً مؤشر على التضخم، وبالتالي فإن إصدار ورقة بخمسة آلاف لن يؤثر في الاقتصاد، فالتأثير حصل منذ سنوات، وهو مستمر ولن يتوقف في الأمد القريب، والأوراق الكبيرة هي اعتراف بالواقع لا أكثر.!
بدلاً من النقاش حول تأثير أو أسباب إصدار عملات كبيرة، نقترح مناقشة جدوى إصدار عملة جديدة، وهذا المقترح قد يكون أكثر جدوى وأفعل اقتصادياً مع بدء تعافي الاقتصاد السوري، ودوران عجلة الإنتاج التي ستتزايد سرعتها خلال السنوات القادمة!
نحن لا نقول بإصدار عملة جديدة سريعاً، وإنما نسأل: لماذا لا يناقش مثل هذا المقترح مثلما تناقش الجهات المعنية إصدار أوراق نقدية كبيرة في المستقبل، والسؤال هنا: ألا تعتبر الورقة النقدية الكبيرة إصداراً جديداً؟
لقد بدأت مصر مثلاً بمناقشة تغيير عملتها وقد تنفذه قريباً، ولعل السؤال هنا: لماذا تغير الدول العملة الوطنية؟
الأسباب كثيرة: انتشار التزوير، وتداول العملة الوطنية في السوق السوداء، وارتفاع التضخم بمعدلات لا يمكن التحكم بها، وانخفاض العملة أمام القطع الأجنبي، وتهريب الأموال إلى الخارج في حالة الحروب.. إلخ.
ظاهرة تغيير شكل العملة منتشرة في العالم، فقد سبق أن قامت الهند، وفنزويلا، وتركيا، والأرجنتين، والبرازيل، واستراليا، وتركمانستان، وانكلترا، والمغرب بمثل هكذا تغيير.
لقد تمكنت الهند مثلاً بعد تغيير شكل عملتها من القضاء على الفساد والتهرب الضريبي، وتنظيف البلاد من الأموال السوداء.
وفي تركيا بعد أن بلغ سعر صرف الليرة التركية نحو 1.5 مليون ليرة للدولار، قامت الحكومة التركية باستبدال العملة القديمة وسحبها من التداول في عام 2005، وطرحت بدلاً عنها العملات الجديدة الخالية من الأصفار.
السؤال الآن: هل يدرس المصرف المركزي جدوى تغيير العملة الوطنية، أم أنه سيكتفي بدراسة جدوى إصدار ورقات نقدية كبيرة؟
علي عبود
SNS
اقرأ ايضاً:بينها مليارات لسوريين.. ما مصير ودائع العملاء في بنوك لبنان؟