رسائل بالنار تتخطى الحدود الحمراء.. تركيا وروسيا تصعدان في الشمال
بعد قرابة عام كامل على سريان وقف إطلاق النار، الموقّع بين روسيا وتركيا حول منطقة خفض التصعيد الرابعة، شهدت المنطقة في اليومين الماضيين، جولة تصعيد لافت، جرى خلالها قصف أهداف عديدة تتبع للفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة، في شمال غرب سوريا، ما دفع أيضاً الفصائل المسلحة الى الرد بقصف أحياء في مدينة حلب، وقرى واقعة على خطّ التماس بين الجيش السوري والفصائل المسلّحة.
التوتر وصل اليوم إلى حد إعلان وزارة الخارجية التركية، أنها استدعت السفير الروسي في أنقرة، على خلفية الوضع في إدلب وأبلغته قلق أنقرة من استهداف مواقع لمسلحيها في مدينة إدلب السورية، وطالبت وزارة الدفاع التركية، الأحد الماضي، السلطات الروسية بالتدخل لوقف ما وصفته بـ”هجمات الجيش السوري” على مدينة إدلب.
التصعيد في حلب وإدلب يتزامن مع التصعيد الحاصل على جبهات عين عيسى في ريف الرقة، حيث تباينت آراء المحللين حول أسباب هذا التصعيد وحقيقة ارتباطهما ببعضهما، فالبعض أشار إلى أن القصف الروسي جاء رداً على القصف التركي في عين عيسى، في حين اعتبر البعض أنه لا علاقة للحادثتين ببعضهما، مشيرين إلى أن التصعيد في ريف حلب يحمل رسائل بين روسيا وتركيا تتعلق بالاتفاق الذي تم الإعلان عنه بينهما في 5 آذار الفائت، حيث قال الصحفي رضا الباشا في حديث لـ”أثر برس”: “هذا التوتر الروسي-التركي جاء بعد فشل تطبيق اتفاق 5 آذار الذي يقضي بفتح طريق m4، لكن خلال الفترة الماضية حدثت خروقات تركية أفشلت الاتفاق ما تسبب بحالة من التوتر وهذه الحالة اشتدت قبل 3 شهور عندما أقدم مسلحون تابعين للحزب التركستاني على شن هجوم على مواقع للجيش السوري في سهل الغاب وبعدها حدثت توترات متقطعة ، ليكون ما حصل قبل يومين هو أوج التوتر”.
وحول الرسائل الكامنة وراء هذا التصعيد، فأكد محللون معارضون أن موسكو تريد إيصال رسائل إلى أنقرة من خلال استهدافها الشريط الحدودي مع تركيا، وفي هذا السياق رأى الباشا أن تركيا استخدمت في عمليات قصف حلب طائرات استطلاع وهذا الأمر يعتبر رسالة منها بأنها مستعدة للتصعيد، مضيفاً أن “الرد الروسي جاء قاسي جداً وهو قصف منطقة القاح على الحدود التركية بصواريخ بالستية وهذا القصف يحمل رسالتين: الأولى: هي أن القاح تقع على الحدود المباشرة بين تركيا وسوريا فقصف هذه المنطقة يُقرأ بأن الروسي يرسل رسائل بأنه لن يسمح بالمطلق بكسر لخطوط الحمراء بما يتعلق بحلب وبباقي المحافظات السورية، والثاني: هو أن القاح تشكل أحد أهم مقرات المجموعات المسلحة الموجودة في إدلب والتابعة لتركيا”.
لكن اللافت في هذا التصعيد العسكري، أن روسيا لم تتبنى قصف مواقع لتركيا في القاح والأتارب بالقرب من الحدود التركية، وكذلك الأمر بالنسبة لوزارة الدفاع التركية التي أصدرت بياناً حول عمليات القصف التي طالت مواقع مهمة بالنسبة لها، دون أن توجه فيه أي تهمة إلى روسيا، إلّا أن تقارير إعلامية ومعارضة عديدة أكدت أن القصف الذي طال الحدود التركية هو قصف روسي.
يوحي التصعيد العسكري في شمال سوريا، بتراجع التفاهمات الروسية ـ التركية، بعد قرابة عام كامل على سريان وقف إطلاق النار، الموقّع بين روسيا وتركيا، في توقيت تسعى فيه روسيا لإعادة بلورة المشهد السياسي السوري للوصول إلى تسوية تثبت مصالحها في ظل تعنت تركيا لتثبيت خطوطها قبيل الوصول إلى أي تسوية سياسية في البلاد، في مرحلة حساسة تسبق الانتخابات الرئاسية بأسابيع معدودة.
أثر برس