(الوهمي × الوهمي) = حقيقي.. وهذا ما يجب؟!
منطقياً وحسابياً واقتصادياً، لا جدال في أن أي تحسّن في سعر صرف العملة الوطنية أمام الدولار يجب أن ينعكس على قوتها الشرائية، وحكماً على انخفاض أسعار السلع والخدمات، وعليه فأية معادلة لا تؤدي لتلك النتائج المنطقية نقدياً ومالياً، لا تعدّ صحيحة.
استناداً لذلك، سيقول قائل: إن ما طرأ من تحسّن في سعر الصرف هو تحسّن وهمي لا حقيقي.
لكننا لو أردنا الإنصاف وتحكيم المنطق، فنعتقد أن ما تمّ من تحسّن على سعر الصرف (تخفيضه) هو تحسّن حقيقي، حتى وإن كان وهمياً، كونه نتج عما لوّحت به الجهات المعنية من عصا إجراءات حقيقيّة وفعلية لضرب كل من سوَّلت وتسوّل له نفسه المضاربة بالعملة.
نجاحها في القدرة على التخفيض وبزمن قياسي، يؤكد أن ما كان قبل أيام من ارتفاع جنوني في سعر الصرف، هو وهميّ وبفعل فاعل، وعليه إن كان هناك من يرى أنه تخفيض وهميّ، فنرى نحن أن “التخفيض الوهمي” ذهب بـ “الارتفاع الوهمي”، وهذا منطق ندّعي صحته، وإلاَّ بماذا يُفسّر هذا التخفيض، الذي أعقبه مباشرة، حالة من الجنون والارتباك لتجَّار وصنَّاع المنتجات والسلع، وإحجامهم السريع عن تزويد الأسواق بمتطلباتها اليومية!!.
ما حدث خلال ما فات من أيام، من الأهمية والضرورة الحفاظ عليه أولاً، والبناء عليه ثانياً، أي يجب الحفاظ على استقرار سعر الصرف مدة معقولة، كي تستقر الأعمال ودورة رأس المال وبالتالي الأسعار، ومن ثم البناء فيما يمكن أن يعزّز استقرار سعر الصرف واستدامته لأكثر من عام على الأقل، وهنا ندخل في ملف الاستثمار والإنتاج الحقيقي ودعمه على مختلف الصعد، وتحديداً، ما يستحق الدعم منه فعلاً، لا ريعاً.
ومما يقتضي البناء عليه أيضاً، إعادة النظر بإيراداتنا من القطع الصعب وقنواته، ووضع حدّ لتمنّع بعض التّجار عن إعادة القطع، أما في موضوع الحوالات من الخارج للداخل، فمن الحكمة إحداث نوع من التوازن النسبي ما بين السعر الرسمي لسعر صرفها، وبين السعر الموازي، حيث – ونقولها بصراحة – لا هذا مقبول ولا ذلك أيضاً، هذا إن كنا منطقيين وواقعيين، ولا نريد ضرب رأسنا في الحائط، لعلَّ وعسى نستطيع وتستطيع إجراءات التدخل، استدامة نتائجها، ولا نعود لتكرار الفعل وردّ الفعل، سواء أكان حقيقياً أم وهمياً.
ضبط هذا الملف الحساس، يعني وبكل تأكيد، ضبطاً لقطاعاتنا الاقتصادية والاستثمارية والإنتاجية، وبالتالي ضبطاً واستقراراً وإعادةً تدريجية للقدرة الشرائية لنقدنا الوطني، وحفاظاً على سلتنا من العملات الصعبة وزيادتها.
لأنه وبكل صدق وشفافية، لا يمكننا، وفي مثل هكذا واقع شاذ ومدان، تجاوز السؤال المرير وهو: لماذا لا ينعكس التحسّن في سعر الصرف بالسرعة والفعالية نفسها على القوة الشرائية لعملتنا الوطنية وعلى أسعار السلع والخدمات، مثلما ينعكس عليها مباشرة حين يرتفع سعر الصرف ولو لليرة واحدة فقط، يقابلها زيادة مباشرة في أسعار السلع وبعشرات الليرات على الأقل؟!!.
إن لم نتخذ القرار الصحيح والصائب، سنجد أجهزتنا التنفيذية أمام السؤال الامتحان وهو: أين يذهب ذلك الفارق وبجيوب وخزائن من..؟.
إن لم نقدر على الضبط لأي سبب كان: موضوعياً أو غير موضوعي، فعلينا العمل على استعادة ما يتمّ المضاربة به ويُسرق من جيوبنا وجيوب الخزينة العامة تحت مسميات، ما أنزل بها من سلطان!!.
البعث
اقرأ أيضا: 8 آلاف ليرة طبق البيض وتجار يحتكرون المادة