هآرتس: الأسد حسم الحرب ومطلب تنحيته غير قابل للتطبيق
تحدثت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلي، عن أن هناك خلافات في الرأي بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” حول عدد من القضايا أبرزها مستقبل سوريا، وفيما يلي نص المقال المنقول إلى العربية لـ”عاموس هرئيل”:
واشنطن، التي تتعافى من 4 سنوات غريبة في عهد الرئيس دونالد ترامب، تعود تدريجياً إلى أداء منظم نسبياً. هذه ليست مجرد لقاحات للكورونا، يتم توزيعها الآن بمعدل قياسي في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
منذ حوالي شهر، أصدرت الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن، وثيقة بعنوان “دليل مؤقت لاستراتيجية الأمن القومي”. الوثيقة القصيرة المكونة من 18 صفحة، هي نوع من المسودة المؤقتة، تفصل التحديات التي تواجه الأميركيين في السياسة الخارجية، وبشكل غير مباشر، أولويات معالجتها.
ينظر إلى الصين على أنها التهديد الإستراتيجي الرئيسي للولايات المتحدة. روسيا تأتي بعدها. لم يرد ذكر “إسرائيل” في الوثيقة إلا مرة واحدة ولم يتم ذكر حلفاء أميركا الآخرين في المنطقة، مثل السعودية ومصر على الإطلاق.
وبحسب الوثيقة، ستسعى الإدارة إلى تحديد “الحجم الصحيح” للوجود العسكري في الشرق الأوسط “من أجل مواجهة إرهاب القاعدة وداعش وردع العدوانية الإيرانية”.
ويوصف التزام الولايات المتحدة بأمن “إسرائيل” بأنه “صارم”، ولكن في نفس الوقت، تذكر الإدارة أن القوة العسكرية ليست هي الحل لمشاكل المنطقة وأن “الشيك المفتوح” لن يُمنح لأصدقاء الولايات المتحدة لاستخدام القوة تنتهك خلاله القيم التي تؤمن بها.
إن الاطلاع على الوثيقة يعزز الانطباع بأنه بصرف النظر عن استمرار الموقف المتشدد تجاه الصين، تسعى الإدارة الجديدة إلى إحداث تحول شبه كامل من الإرث المشكوك فيه للرئيس السابق في مجال العلاقات الخارجية. أما بالنسبة للشرق الأوسط، فإن بايدن ورجاله يسعون جاهدين للتدخل المحدود فقط.
وتُظهر الوثيقة أن الإدارة تحدد إيران على أنها مشكلة، لكنها من وجهة نظرها تتطلب معالجة نقطوية، وليس استراتيجية شاملة. بالنظر إلى التوترات بين الولايات المتحدة والصين وروسيا، لن يكون الرد جزءاً من سياسة منسقة مع القوى الأخرى. ومع الكيلومتراج السلبي (العداد) لعلاقات بايدن مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يبدو أن تأثير “إسرائيل” سيكون محدوداً، على الأقل طالما لم يتم تشكيل حكومة بديلة.
ويجب على “إسرائيل” أيضاً أن تعترف بمحدوديتها. الهجمات المتعددة في إطار المعركة بين الحروب، وأيضاً اتفاقيات التطبيع مع دول الخليج، تعمل على تحسين مكانتها، لكنها لا تفرض انعطافة استراتيجية على كل المنطقة. لم ينجح ترامب في ثني الإرادة الإيرانية، ويبدو أن اتفاق طهران الموقع مع الحكومة الصينية قبل أسبوع قد يوفر لها دعماً اقتصادياً قوياً إلى حد ما للسنوات القادمة.
وذكر موقع “Politico” الإخباري الأميركي في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن الولايات المتحدة ستقدم قريباً اقتراحاً جديداً لإيران، بهدف إعادة الاتفاق النووي إلى طاولة المفاوضات، والذي انسحبت منه إدارة ترامب في أيار 2018.
وفقاً للنشر، عرض الأميركيون على الإيرانيين رفع العقوبات عنهم جزئياً مقابل وقف نشاط أجهزة الطرد المركزي المتطورة وحصر تخصيب اليورانيوم بنسبة 20٪. ويتحدث الموقع عن ضغوط من الجناح اليساري للحزب الديمقراطي على بايدن للسعي لاتفاق سريع وشكك في رغبة الرئيس في ذلك.
نافذة الوقت ضيقة: الانتخابات الرئاسية الإيرانية ستجرى في حزيران/يونيو المقبل، ويمكن اعتبار القضية النووية حساسة للغاية بالنسبة للمفاوضات خلال الحملة الانتخابية.
مر ما يقرب من عامين “منذ تراكمت انتهاكات إيران للاتفاق النووي”، رداً على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وتجديد العقوبات. “إسرائيل” تحذر من هذه الخروقات التي تختصر الوقت الإيراني للولوج إلى القنبلة، لكن هناك مسؤولين في الاستخبارات يعتقدون أن هذه إجراءات تحد بشكل أساسي، وتهدف إلى استئناف المفاوضات بشروط مريحة لطهران.
وفي ظل الاتصالات الأولية التي أدت إلى المحادثات المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، تتواصل العمليات الهجومية المنسوبة لـ “إسرائيل”.
التقرير في “وول ستريت جورنال” والتفاصيل الإضافية التي ظهرت في صحيفة “هآرتس” أزالت بعض الغموض عن الحرب الاقتصادية – وسلسلة العمليات البحرية ضد مهربي النفط من إيران إلى سوريا، والتي حصل معظمها في البحر الأبيض المتوسط.
بذات الوقت تتواصل الضربات الجوية والهجمات السيبرانية المتبادلة. خلف بعض الهجمات الأخيرة، مثل تلك التي تعرضت لها شركة التأمين شيربيت قبل بضعة أشهر، تم في “إسرائيل” تشخيص بصمات إيرانية في “إسرائيل”، بعضها مرتبط بشكل غير مباشر بالنظام.
ومن المتوقع أن يستمر تبادل الضربات من قبل الجانبين. كما يقف الإيرانيون وراء هجومين استهدفا سفينتين تجاريتين إسرائيليتين، وقعا في غضون شهر تقريباً. وعلى الرغم من عدم اهتمام إيران و”إسرائيل”، وكذلك حزب الله، بمواجهة عسكرية واسعة النطاق، يبدو أن المعركة بين الحروب بتشعباتها المختلفة، تترك الاستقرار الإقليمي النسبي على المحك.
يكفي الآن أن تنحرف قنبلة “إسرائيل” عن هدفها في أحد الهجمات وتقتل مستشارين إيرانيين أو عناصر من حزب الله، من أجل تدهور الأطراف إلى يوم قتالي يتم خلاله تبادل النيران الثقيلة. عندما يتم النظر في حجم الهجمات في السنوات التسع الماضية، من الغريب أن هذا لم يحدث حتى الآن.
كما أن هناك خلافات في الرأي بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” حول مستقبل سوريا، فمنذ سبع سنوات، في ذروة الحرب الأهلية السورية، أوصت “إسرائيل” أن تعمل إدارة أوباما على الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، ورفضت الإدارة ذلك. الآن انقلبت المواقف. الأسد حسم عملياً الحرب بمساعدة روسية وإيرانية هائلة، على الرغم من أن سوريا لا تزال في محنة كبيرة واستمرار وقوع حوادث محلية بأحجام كبيرة في المناطق التي فيها سيطرة النظام قليلة، لكن الأميركيين الآن هم يطالبون بإزالة الأسد، كشرط مسبق لتسوية في سوريا، بينما تعتقد “إسرائيل” أنه لم يعد مطلباً قابلاً للتطبيق.
“إسرائيل” ستكون مسرورة برؤية حل تتدفق فيه مبالغ مالية كبيرة من السعودية ودول الخليج لإعادة إعمار سوريا، بدعم أميركي وروسي، وخروج جميع القوات الأجنبية ( وعلى رأسهم إيران وحزب الله). ربما نظرت روسيا في مثل هذه الخطوة بشكل إيجابي، مقابل رفع بعض العقوبات الغربية عنها. لكن كما هو معروف العوائق كثيرة: التوتر بين روسيا والولايات المتحدة، والعلاقات بين بايدن والعائلة المالكة السعودية، والمطالبة الأميركية بتنحية الأسد، الذي يعتبر أمراً غير قابل للتطبيق من الأطراف الأخرى.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الميادين وإنما تعبّر عن رأي الصحيفة حصراً
المصدر: الميادين
اقرا ايضا: الهدنة التركية الإيرانية منذ ثلاثة قرون توشك على الإنتهاء