إثيوبيا تتحدى القاهرة والخرطوم وتعلن المضي قدماً في الملء الثاني لسد النهضة.. والسيسي يحذر!
أعلنت وزارة الخارجية الإثيوبية، مساء الثلاثاء 6 أبريل/نيسان 2021، إصرارها على المضي قدماً في الملء الثاني لسد النهضة خلال شهر يوليو/تموز المقبل، وذلك انطلاقاً من إعلان المبادئ الذي وقعته مع مصر والسودان عام 2015.
حيث قالت الوزارة، في بيان لها، إنه سيتم تنفيذ ملء سد النهضة في السنة الثانية، كما هو مقرر وفقاً لإعلان المبادئ (DoP)، مُشدّدة على أن “المواقف المناهضة لملء السد قبل إبرام اتفاق ليس لها أساس في القانون، وتتعارض مع حق إثيوبيا الأصيل في استخدام مواردها الطبيعية، وهذا أمر غير مقبول”.
كما أضافت أنه جرى الاتفاق خلال مفاوضات كينشاسا بالكونغو على “استمرار المراقبين الثلاثة في العملية (جمهورية جنوب إفريقيا، والولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي)، وأجريت مناقشات بشأن التعزيز المقترح لدور المراقبين. وبناءً على ذلك، وافقت إثيوبيا، بتصميمها للحفاظ على الملكية الكاملة للعملية التفاوضية من قِبل البلدان الثلاثة وسلامة العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي، على قبول دور المراقبين لتبادل المعلومات والاقتراحات عندما تطلبها البلدان بشكل مشترك، بينما لم يتم قبول موقف مصر والسودان بمنح المراقبين نفس دور الاتحاد الإفريقي”.
مصر والسودان رفضا المسودة
البيان الإثيوبي أوضح كذلك أن أديس أبابا، في ختام مفاوضات كينشاسا، أيدت “مشروع البيان المُقدم من رئيس الاتحاد الإفريقي مع تعديلات طفيفة. لكن مصر والسودان رفضا المسودة مطالبين بدور للمراقبين ليحل محل الدول الثلاث والاتحاد الإفريقي”، مؤكداً أن القاهرة والخرطوم اتبعتا “نهجاً يسعى إلى تقويض العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي، وإخراج الأمر من المنصة الإفريقية. كما عرقلتا استئناف المفاوضات برفضهما مسودة بيان تضمن المداولات خلال الاجتماع الذي استمر لمدة يومين، حاولتا عرقلة العملية”.
فيما شدّدت إثيوبيا على أنه لا يمكنها أن تدخل في اتفاق من شأنه أن يحرمها من حقوقها المشروعة الحالية والمستقبلية في استخدام نهر النيل، مكررة التأكيد على موقفها الداعم لعملية المفاوضات الثلاثية، الأمر الذي من شأنه الحفاظ على سيادة الدول، وسلامة العملية التي يقودها الاتحاد الإفريقي”، محملة مسؤولية فشل المفاوضات الأخيرة إلى دولتي مصر والسودان.
لكن أديس أبابا توقعت أن يتم استئناف المفاوضات من جديد خلال الأسبوع الثالث من أبريل/نيسان 2021، وذلك بناءً على دعوة من رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، فيليكس تشيسكيدي.
الاستغلال “غير المدروس” للأنهار الدولية
في المقابل، حذر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، الثلاثاء، من تداعيات إصرار “بعض الأطراف” (لم يسمها) على إقامة مشروعات عملاقة لاستغلال الأنهار الدولية “بشكل غير مدروس”، مضيفاً: “قارتنا الإفريقية تتكبد باستمرار خسائر هائلة نتيجة للأحداث المناخية القاسية الناجمة عن تغير المناخ، خاصة ما يتعلق بتفاقم أزمات الشح المائي ببعض دولها ومن ضمنها مصر”.
جاء ذلك في كلمة له خلال مشاركته، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، في اجتماع دولي إفريقي حول تغير المناخ، نظمه “بنك التنمية الإفريقي”، تحت عنوان “حوار التداعيات الطارئة لجائحة كورونا وتغير المناخ في إفريقيا”.
شارك في المؤتمر الدولي، بحسب بيان للرئاسة المصرية، “عدد من رؤساء الدول والحكومات الأفارقة (لم يسمها)، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، ولفيف من رؤساء المنظمات الدولية”.
حيث أضاف السيسي أن ذلك “بات يهدد مستقبل شعوبنا ويؤثر على أمنها وسلامتها، لا سيما في ظل إصرار بعض الأطراف على إقامة مشروعات عملاقة لاستغلال الأنهار الدولية (تتشارك فيها أكثر من دولة) بشكل غير مدروس”.
البرهان يدعو للحرص على “الاستقرار”
إلى ذلك، دعا الفريق عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للجيش السوداني، الثلاثاء، “الجميع” إلى الحرص على “السلام والاستقرار”.
كان البرهان قد التقى مع ضباط الجيش السوداني برتبتي العميد واللواء في مباني القيادة العامة للجيش بالعاصمة الخرطوم، وفق بيان للجيش الذي أشار إلى أن اللقاء تناول الوضع السياسي والعسكري الراهن.
في السياق ذاته، قالت وزارة الري والموارد المائية السودانية، الثلاثاء، إن ما وصفته بالتعنت الإثيوبي في مفاوضات سد النهضة يحتم على السودان التفكير في كل الخيارات الممكنة لحماية أمنه ومواطنيه بما يكفله له القانون الدولي، مضيفة: “اختتمت اليوم في كينشاسا، جولة مباحثات حول سد النهضة الإثيوبي دون إحراز أي تقدم بسبب هذا التعنت”.
الوزارة السودانية أشارت، في بيان، إلى أن إثيوبيا “رفعت السقف للمطالبة ببحث قسمة مياه النيل” خلال المفاوضات، مؤكدة أن “إصرار أديس أبابا على مثل هذه التحركات الأحادية يمثل انتهاكاً للقانون الدولي”.
فشل مفاوضات كينشاسا
بعد فشل المحادثات الثلاثية الأخيرة بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، أعلن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الثلاثاء 6 أبريل 2021، أن بلاده ستتجه مع السودان للمؤسسات الدولية بعد انتهاء مفاوضات كينشاسا بالكونغو دون تقدم، مشدّداً على أن بلاده لن تقبل بأي ضرر مائي يقع عليها أو على السودان.
جاء ذلك في تصريحات متلفزة أدلى بها شكري، رداً على سؤال بشأن “الخطوة التالية بعد فشل مفاوضات العاصمة الكونغولية بشأن السد”.
فيما أوضح شكري أن “هناك تنسيقاً كاملاً ووحدة للموقف مع السودان بالبدء في إطار التوجه إلى المؤسسات الدولية”، مضيفاً: “نلجأ للمنظمات الدولية ومجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، وجميع الأطر متاحة ولا بد أن تكون فاعلة في القضية منعاً للانزلاق نحو أي توتر والتأثيرات السلبية على المنطقة”.
“إثيوبيا ترفض كافة المقترحات والبدائل”
في وقت سابق من يوم الثلاثاء، أعلنت الخارجية المصرية، في بيان، أن المحادثات التي انعقدت في العاصمة الكونغولية كينشاسا، “لم تحقق تقدماً، ولم تتوصل إلى اتفاق بشأن إعادة إطلاق مفاوضات السد”، مشيرة إلى أن “إثيوبيا رفضت المقترح الذي قدمه السودان وأيدته مصر بتشكيل رباعية دولية تقودها جمهورية الكونغو التي ترأس الاتحاد الإفريقي للتوسط بين الدول الثلاث”.
بيان الخارجية المصرية شدّد على أن أديس أبابا رفضت أيضاً “كافة المقترحات والبدائل الأخرى التي طرحتها مصر وأيدتها السودان من أجل تطوير العملية التفاوضية، لتمكين الدول والأطراف المشاركة في المفاوضات كمراقبين من الانخراط في المباحثات والمشاركة في تسيير المفاوضات”.
جاءت تصريحات شكري، وبيان الخارجية غداة ختام اجتماعات عقدت في كينشاسا، الأسبوع الجاري، اعتبرتها القاهرة في وقت سابق “فرصة أخيرة” للتوصل إلى اتفاق حول ملء وتشغيل السد الإثيوبي المتعثرة مفاوضاته.
كانت مفاوضات كينشاسا الخاصة بأزمة سد النهضة قد انطلقت، السبت 3 أبريل/نيسان 2021، على مستوى الخبراء بالدول الثلاث، قبل أن تعقد على مدى يومي الأحد والإثنين بمشاركة وزارية.
الأمم المتحدة تدعو لـ”حل وسط”
في السياق ذاته، دعت الأمم المتحدة، الثلاثاء، كلاً من مصر والسودان وإثيوبيا إلى التوصل لحل وسط والتعاون فيما بينهم بشأن ملف سد النهضة.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، عبر دائرة تلفزيونية مع الصحفيين بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
كان المتحدث يرد على أسئلة الصحفيين بشأن موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من اختتام مفاوضات كينشاسا دون إحراز أي تقدم.
حيث قال دوجاريك: “رسالتنا للأطراف هي مواصلة التعاون وتسوية الملف ونحن من جانبنا مستمرون في حث الأطراف على مواصلة جهودها لاتخاذ خطوات ملموسة للتوصل إلى اتفاق”، مضيفاً: “مبادرة رئيس الاتحاد الإفريقي فيليكس تشيسيكيدى بعقد اجتماع كهذا أمر مُرحب به، ونحن نعيد التأكيد على جاهزيتنا لدعم هذه الجهود بالشكل الذي ترتضيه الأطراف”.
كان فيليكس تشيسيكيدي، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية ورئيس الاتحاد الإفريقي والوسيط في المفاوضات، قد افتتح المحادثات بين الأطراف الثلاثة في وقت سابق اليوم. وقال: “أدعوكم جميعاً لبداية جديدة.. لفتح نافذة أو عدة نوافذ للأمل.. لانتهاز الفرص الجديدة.. لإشعال شعلة الأمل”.
تأتي جولة المفاوضات الجديدة عقب 3 أشهر من تعثر المفاوضات، التي يرعاها الاتحاد الإفريقي، وبعد تحذير للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، في 30 مارس/آذار الماضي، من المساس بحصة بلاده من مياه نهر النيل، حملت أقوى لهجة تهديد لأديس أبابا منذ نشوب الأزمة قبل 10 سنوات.
يشار إلى أن أديس أبابا تصر على الملء الثاني للسد، في يوليو/تموز المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق، فيما تتمسك القاهرة والخرطوم بالتوصل إلى اتفاق يحافظ على منشآتهما المائية ويضمن استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، و18.5 مليار متر مكعب بالترتيب.
عربي بوست
اقرأ أيضا: الرئيس الأسد يصدر مرسوما يمنح إعفاءات لمستثمرين في حلب