ما وراء اشتباكات القامشلي: محاولة لعرقلة الانتخابات؟
أيهم مرعي
تشهد مدينة القامشلي توتّراً أمنياً كبيراً على خلفيّة الاشتباكات المستمرّة بين قوات «الدفاع الوطني» التابعة للحكومة السورية، وقوات «الأسايش» التابعة لـ»قسد». وفيما تتواصل الجهود الروسية الرامية إلى إعادة الهدوء إلى المدينة، من دون أن تنجح إلى الآن، تسري في الأوساط الحكومية اتهامات لـ»قسد» بمحاولة إيجاد ذريعة لمنع إجراء الانتخابات الرئاسية في مناطقها
الحسكة | يعيش حيّ طيّ، والأحياء الجنوبية لمدينة القامشلي، حالةً من التوتّر المتصاعد، بعد اندلاع اشتباكات بين قوات «الدفاع الوطني» وقوات «الأسايش»، وسط معلومات عن محاولة الأخيرة توسيع نطاق سيطرتها في المدينة، ليشمل «طيّ» والأحياء المحيطة به. ويأتي هذا التوتّر في وقت تستعدّ فيه الحكومة السورية لإجراء الانتخابات الرئاسية، في ظلّ حديث عن إمكانية وضع صناديق انتخابية تابعة للحكومة في مناطق سيطرة «قسد»، ليكون ذلك بادرة إيجابية، ومساهمةً في تطوير الحوار بين الطرفين، وصولاً إلى إنجاز تفاهمات على الأرض.
ويُرجّح العديد من المصادر الحكومية أن تكون في خلفية التوتّر الأخير محاولة لإيجاد ذريعة لعدم مشاركة مناطق سيطرة «قسد» في الاستحقاق الدستوري، وتعطيل إجراء الانتخابات حتى في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري في محافظة الحسكة، بينما تتّهم قيادات كردية كلّاً من الحكومة السورية والجانب الروسي بافتعال المشكلة لكسب تعاطف سكّان المنطقة، ودفعهم نحو المشاركة في التصويت. وفي الوقت الذي أصدرت فيه «الأسايش» بياناً اتّهمت فيه «الدفاع الوطني» بمهاجمة قواتها «في محاولة لزعزعة أمن واستقرار المنطقة»، نفت مصادر ميدانية، تحدّثت إليها «الأخبار»، هذه المعلومات، مؤكدةً أن «مَن افتعل المشكلة هم عناصر من الأسايش». وبيّنت المصادر أن «هؤلاء حاولوا اختطاف قيادي في الدفاع الوطني على حاجز شارع الوحدة، ما أدّى الى اندلاع اشتباكات امتدّت إلى أطراف حيّ طي». كما تحدّثت عن «وجود نيات مسبقة لدى الأسايش للسيطرة على حيّ طيّ، الذي يحتضن عدداً كبيراً من عناصر الجيش السوري والقوّات الرديفة»، معتبرة «الحادثة ذريعة لتنفيذ مخطّطات معدّة مسبقاً، من خلال استقدام تعزيزات عسكرية ضخمة إلى المنطقة». ورأت مصادر حكومية، من جهتها، أن ما تقوم به «قسد»، ليس سوى «تنفيذ للمخطّطات الأميركية، الهادفة إلى زعزعة استقرار المنطقة، وافتعال أحداث أمنية قبل الانتخابات الرئاسية، بعد الفشل في إعادة إحياء داعش في البادية السورية».
لم تصمد الوساطة الروسية طويلاً بعدما اقتحم «الأسايش» مقرّاً لـ«الدفاع الوطني»
في غضون ذلك، فشلت المساعي الروسية في التخفيف من حدّة التوتر، وإنجاز تسوية تنهي الاحتقان وتعيد الأمور إلى نصابها، بعدما كانت قد تمكّنت من إبرام اتّفاق أوّلي بين «الدفاع الوطني» و»قسد» أول من أمس، سرعان ما انهار لتعود الاشتباكات وتتوسّع رقعتها باتجاه الأحياء الشرقية من المدينة. وفي هذا السياق، أعلن «الدفاع الوطني» سيطرته على أحد مقارّ «الأسايش» العسكرية في حيّ حلكو، بعد اشتباكات تخلّلها إعطاب مصفّحة أثناء محاولتها التسلّل باتجاه أطراف حيّ طيّ، فيما دخل عناصر من «الأسايش» إلى الأطراف الشمالية للحيّ المذكور، وتمكّنوا من التسلّل إلى إحدى مفارز «الدفاع الوطني» في المنطقة، مع فشل محاولاتهم في تحقيق تقدّم ميداني إضافي.
ومع اشتداد حدّة المواجهات بين الطرفين، يعمل الجانب الروسي على إعادتهما إلى طاولة الحوار، والبحث في أسباب الأحداث الأخيرة، والعمل على معالجتها بطرق سلمية. وفي هذا الإطار، أكّدت مصادر مقرّبة من الجانب الروسي، في حديث إلى «الأخبار»، أن «مركز المصالحة الروسي في مطار القامشلي نجح اليوم (أمس الخميس) في تثبيت وقف إطلاق النار بين الطرفين، مع الاتفاق على نشر الشرطة العسكرية الروسية على خطوط التماس في حيّ طيّ، لكن سرعان ما تعرّض مقر للدفاع الوطني في الحيّ لهجوم، ما أدّى الى تعطيل الاتفاق، وعودة التوتّر من جديد في ساعات ما بعد الظهر». ولفتت المصادر الى أن «هنالك إصراراً روسياً على ضرورة منع خروج الأمور عن السيطرة، وإعادة الطرفين إلى طاولة الحوار، وإنجاز تسوية تنهي التوتر القائم في المدينة»، متوقّعة أن «تنجح الجهود الروسية في وقف إطلاق النار، وإعادة الهدوء إلى المدينة، ومنع امتداد الاشتباكات فيها».
الأخبار