كيف تحوط بوتين ضد العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الروسي؟
من المرجح أن يرد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الجولة الأخيرة من تهديدات العقوبات الأمريكية كما كان يرد على مثيلاتها في الماضي، وذلك عبر تسريع مساعيه لجعل الاقتصاد الروسي مكتفياً ذاتياً بشكل أكبر.
فخلال السنوات السبع التي تلت ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، قلصت حكومة بوتين والبنك المركزي تعرض البلاد للدولار، وحولت الأصول إلى خارج الولايات المتحدة، وباعت حصة أقل من ديونها للأجانب.
وفي هذا السياق، قالت إلينا ريباكوفا، نائبة كبير الاقتصاديين في “معهد التمويل الدولي” الذي يتخذ من واشنطن مقراً له: “الأمريكيون يقولون: “كونوا حذرين وإلا يمكننا فعل المزيد”، لكن روسيا ستواصل السير على الطريق نحو الاكتفاء الذاتي الاقتصادي”.
تواصل إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التهديد بفرض عقوبات على روسيا حتى بعد جولة شاملة من العقوبات فرضت الأسبوع الماضي. إذ حذرت الولايات المتحدة يوم الأحد من “عواقب” في حال وفاة الناشط المعارض أليكسي نافالني في السجن.
تحوطات روسيا ضد العقوبات
في العام الماضي، قفزت حصة الذهب في الاحتياطيات الدولية لروسيا البالغة 581 مليار دولار فوق حصة الدولار للمرة الأولى على الإطلاق بعد حملة استمرت عدة سنوات لتقليل التعرض على الأصول الأمريكية. وشكل هذا المعدن الثمين 24% من مخزون البنك المركزي في نهاية سبتمبر 2020، وهو آخر تاريخ تتوفر فيه الحسابات ذات الصلة. وبلغت حصة الأصول الدولارية 22% ما يشكل انخفاضاً أكثر من 40% عن 2018.
ويظهر هذا الاتجاه أيضاً في حصة الاحتياطيات الدولية لروسيا المحتفظ بها في الولايات المتحدة، والتي انخفضت إلى أقل من 7% بقليل في نهاية سبتمبر، أي انخفاضاً من حوالي 30% قبل ضم شبه جزيرة القرم. وحدث معظم هذا التحول في الربع الثاني من عام 2018 بعد أن كشفت العقوبات المفروضة على شركة الألمنيوم العملاقة “يونايتد روسال” (United Co. Rusal) عن مدى ضعف روسيا أمام العقوبات.
وحسب اقتصاديين
توفر مرونة روسيا في مواجهة موجات متتالية من العقوبات شعوراً زائفاً بالأمن. وفي ظل نفاد الخيارات الأمريكية، قد تكون الجولة التالية معرقلةً بشكل أكبر، وإن التدابير المعمول بها حالياً تعوق التجارة والاستثمار. -سكوت جونسون، “بلومبيرغ إيكونوميكس”.
بالطبع، هناك الكثير مما يمكن لروسيا فعله دون عزل نفسها تماماً عن الاقتصاد العالمي. لكن المسؤولين في واشنطن مقيدين أيضاً بحقيقة أنهم إذا ذهبوا بعيداً (كما فعلوا مع عقوبات “روسال” التي تم إلغاؤها لاحقاً)، فإنهم يخاطرون بإرسال هزات عبر الأسواق العالمية.
وبناءً على تعهد بوتين بـ”إزالة الارتباط بالدولار” في التجارة، كانت روسيا تقلل ببطء من استخدام العملة الخضراء في صادراتها مع الاتحاد الأوروبي والصين والهند. حيث تجاوز اليورو تقريباً الدولار في تجارة روسيا مع الاتحاد الأوروبي وتجاوزه بالفعل في الصادرات إلى الصين. في غضون ذلك، يتم دفع حوالي ثلثي الصادرات الروسية إلى الهند بالروبل الروسي.
وتضمنت عقوبات الأسبوع الماضي حظراً على شراء السندات في السوق الأساسية، وبالتالي فإن الأهداف الكبيرة التالية قد تكون ديون السوق الثانوية ووصول البنوك الروسية إلى نظام الرسائل المالية المستخدم في معظم التحويلات المالية الدولية. من جهتها، تبحث روسيا بالفعل عن بدائل للنظام، المعروف باسم “سويفت” (SWIFT)، لجعل نفسها أقل عرضة للخطر، على الرغم من أن محاولاتها حتى الآن لم تؤد إلى نتائج كبيرة.
إن أحد أسباب عدم قلق وزارة المالية بشأن الإجراء الأخير للعقوبات على الديون الحكومية هو أن روسيا كانت على أي حال تبيع في الغالب للبنوك المحلية في مزاداتها الأسبوعية. ولقد تم تكثيف الاقتراض خلال الوباء على الرغم من ضعف الطلب الأجنبي، مما أدى إلى زيادة الحجم الكلي للسوق وخفض حصة الأجانب.
لا يزال بإمكان البنوك الأمريكية شراء ديون جديدة في السوق الثانوية بعد دخول العقوبات حيز التنفيذ في منتصف شهر يونيو. وقالت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني في مذكرة بحثية نشرت في وقت متأخر من يوم الجمعة إن روسيا “في وضع جيد” بخصوص اضطراب السوق على المدى القريب لأن لديها احتياطي نقدي مرتفع والطلب من البنوك المحلية “قوي”.
اقرأ أيضا: تاجر: شركات الصرافة لا تموّلنا بالقطع الأجنبي بنسبة 100 بالمئة