مشروع قانون إنقاذي للمصارف اللبنانية…ماذا يستفيد السوريون؟؟
تحضّر السلطات اللبنانية لقانون وصفه المختصون هناك بأنه إنقاذي للبنوك اللبنانية..لتبدأ التساؤلات هنا في سورية حول أثر هذا القانون على مليارات السوريين الضائع هناك؟
رغم ان مطلعون يؤكدون أن الأموال السورية قد تم سحبها بعد أن تنازل أصحابها من الأفراد على نسب تصل إلى 50% من قيمها..
إلا أن هناك إيداعات لمؤسسات وشركات مساهمة كشركات التأمين السورية والمصارف الخاصّة خصوصاً تلك ذات الرساميل التأسيسية العائدة لشركات أمّ لبنانية، لكن يبقى التفاؤل الحذر هو السائد في ظل هذه الظروف الصعبة.
فملامح قانون الكابيتال كونترول بدأت تتّضح.. لا خلاف في أنّه بعد فوات الأوان وتهريب مليارات الدولارات، لم يبق له من فائدة سوى إنهاء الاستنسابية بين المودعين. لكن مع ذلك، فإنّ جمعية المصارف لم ترضَ.
وضعت ملاحظات على المسوّدة الأوّلية تدعو فيها إلى تمويل الاستثناءات التي تكلّف نحو ٩٠٠ مليون دولار سنوياً من قبل مصرف لبنان.
ذلك خط أحمر بالنسبة إلى النواب والمصرف المركزي الذي يؤكد أنّ على المصارف أن تتحمّل المسؤولية وإلا تتحمّل العواقب
أيام قليلة وتقدّم اللجنة غير الرسمية التي تعكف على درس قانون الكابيتال كونترول مسوّدة نهائيّة إلى لجنة المال النيابية.
اللجنة مؤلفة من النواب: ابراهيم كنعان، إدي معلوف، علي فياض، ياسين جابر، ألان عون، محمد الحجار، نقولا نحاس وفيصل الصايغ،إضافة إلى ممثلين عن مصرف لبنان وهيئة الرقابة على المصارف وجمعية المصارف.
بحسب ما تسرّب من معلومات من اللجنة التي اتفق أعضاؤها على سرية المداولات، فإن كل الأطراف مقتنعة بأن من يفترض به أن يموّل الاستثناءات المتعلقة بالقانون، هي المصارف.
الموقف الذي يفترض أن يكون بديهياً، كون المصارف هي التي تحتجز أموال الناس، ليس كذلك بالنسبة إلى جمعية المصارف التي ترفضه بشدة بحجة عدم توفر الأموال، بعدما أقرضت معظمها إلى مصرف لبنان، وأقرضت نسبة ضئيلة منها إلى الدولة.
رئيس الجمعية سليم صفير قدّم ملاحظاتها إلى رئيس اللجنة ابراهيم كنعان في ٢١ نيسان الحالي. تلك الملاحظات غُلّفت بقالب حقوقي، يوحي بأن القيّمين على المصارف حريصون على الانتظام العام، والأهم حريصون على «احترام مبدأ عدم التمييز بين المودعين».
يتناسى صفير هنا أن المصارف نفسها متّهمة بتحويل نحو 9 مليارات دولار بشكل استنسابي، وعلى حساب صغار المودعين الذين طبقت بحقهم قصاً تعسّفياً للودائع («هيركات») يصل إلى نحو 70 في المئة من دون وجه حق.
ثم يكمل نصائحه بالإشارة إلى أن المساواة يفترض أن تتجلّى «بالحظر الكامل للتحويلات إلى الخارج ولو لفترة محدّدة، وبمنع التحويل إلى العملات الأجنبية في الداخل».
بين هذا الموقف وذاك، يتناسى المصرفيّون أيضاً أنّهم متّهمون بتهريب الأموال بشكل استنسابي، وهو مبرر درس لجنة المال لاقتراح يسمح باستعادة بعض هذه الأموال المهرّبة لمصلحة المحظيّين والسياسيين من أصحاب المصارف وشركائهم.
الازدواجية لدى المصارف لا تقف عند حد. جشع أصحابها الذي جعلها تقامر بأموال المودعين، من دون أي اعتبار لما يمكن أن يسببه ذلك للمجتمع والاقتصاد، يدفعها إلى أن تنصح بأن «يندرج القانون، لكي يكون ذا فعالية، ضمن أهداف اقتصادية واجتماعية تؤدي إلى الاستقرار المالي في البلد من جهة، وإلى إعادة تنشيط الدورة الاقتصادية من جهة أخرى». لكن هذه النصيحة ليست سوى خديعة أخرى يراد منها تأكيد الحرص على عدم حصول أيّ مودع على أمواله.
زبدة الرسالة ترد في ملاحظات الجمعية على الاستثناءات التي يفترض أن تطال التحويلات إلى الخارج. بشكل مباشر، تشير إلى أنه «لا يمكن للمصارف أن تموّل هذه التحويلات من سيولتها في الخارج». وتبرّر ذلك بالإشارة إلى أن الفارق بين موجوداتها الخارجية والتزاماتها الخارجية سلبي ويقارب ١,٧ مليار دولار.
وهي إذ تذكر أن «نسبة الـ ٣ في المئة التي تسعى إلى تكوينها لدى المصارف المراسلة محكومة بمجموعة قواعد تحصر استعمالها بتنمية الاقتصاد الوطني ويقابلها موجب الحفاظ عليها لإعادتها إلى أصحابها»، تؤكد أن الإبقاء على حجم هذه السيولة يشكّل ضرورة حيوية للحفاظ على العلاقة مع المصارف المراسلة وله أهمية قصوى لمستقبل القطاع المالي.
مقترح بتحويلات سنويّة بقيمة ٢٠ ألف دولار
ومجدداً، على قاعدة الحرص على عدم التمييز بين المودعين، تدعو الجمعية إلى تضييق الاستثناءات إلى الحد الأدنى منعاً لتزاحم حقوق المستفيدين مع حقوق المودعين.
لكن حتى مع تضييق الاستثناءات، تشير المصارف إلى أنها غير مستعدة لتمويلها، مقترحة أن يتم ذلك حصراً من ودائعها الحرة بالعملات الأجنبية لدى مصرف لبنان. الجمعية تشير هنا إلى أن حجم الودائع بالعملات الأجنبية قد انخفض ما بين تشرين الأول ٢٠١٩ ونهاية شباط ٢٠٢١ نحو ١٢,٥ مليار دولار بما يرتّب انخفاضاً في الاحتياطي الإلزامي بقيمة ١,٨ مليار دولار.
هذا بيت القصيد بالنسبة إلى المصارف التي تدعو إلى استعمال هذا المبلغ لتمويل متطلبات الاستثناءات المنصوص عليها في القانون.
في اللجنة، كان لافتاً، في سياق تبرير المصارف لموقفها، إشارة الأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر إلى أن المصارف لم تتمكن من جمع نسبة الثلاثة في المئة التي طلب مصرف لبنان تكوينها في المصارف المراسلة.
وبحسب ما نقل من اجتماعات اللجنة، فإنه أشار إلى أنها جمعت ٣٣٩ مليون دولار فقط حتى اليوم، استعمل جزء منها لتسديد ديون على المصارف، وبقي نحو ٢٠٠ مليون دولار فقط، يتوقع أن تزداد مع إنهاء بعض المصارف عمليات بيع لفروع خارجية. التوقعات تشير في هذا الصدد إلى أن أقسى ما يمكن أن تؤمنه المصارف هو ١,٧ مليار دولار من أصل ٣,٧ في المئة تشكّل نسبة الثلاثة في المئة.
لكن، في اللجنة كان ممثل المصرف المركزي بيار كنعان واضحاً في الإشارة إلى أن على المصارف أن تلتزم بتمويل الاستثناءات، وكل من يخالف عليه أن يتحمّل مسؤولية قراره.
المسؤولية هنا ستكون قضائية بالدرجة الأولى، فمع إقرار القانون، سيكون أي مصرف لا ينفّذ الاستثناءات معرّضاً لسيل من الدعاوى.
تجدر الإشارة إلى اللجنة، وإن يدرك أعضاؤها أن أي قانون «كابيتال كونترول» فعلي كان يفترض أن يصدر في تشرين الأول 2019 وليس اليوم، فإنهم يعتبرون أن فوائد إصداره راهناً، بعد تهريب أموال طائلة، ستقتصر على إنهاء الاستنسابية في التعامل مع المودعين.
النسب والأرقام المتعلقة بالاستثناءات لم تنجز بالكامل بعد. لا يزال النقاش فيها مستمراً قبل أيام من إعلان المسودة، وسط تكتم شديد من أعضاء اللجنة على تفاصيلها المستمدة من مجموعة من الاقتراحات المعروضة.
بالنسبة إلى جمعية المصارف، فهي تقترح أن لا يتجاوز سقف التحويل إلى الخارج لكل مودِع 20 ألف دولار سنوياً، شرط الحصول على تعهد ملزم من طالب التحويل يقرّ فيه بأن ليس لديه إيرادات كافية في الخارج لتغطية التزاماته في المجالات الآتية:
– التحويلات للطلاب، بما لا يتعدّى ٧ آلاف دولار، والتي جرت العادة على إجرائها.
– حالات الاستشفاء غير المتوفرة في لبنان بناءً على توصية لجنة طبية مستقلة.
– أقساط القروض السكنية المتوجبة في الخارج والتي جرت العادة على تمويلها قبل تشرين الأول 2019.
– سداد الضرائب المتوجبة في الخارج على الدخل في لبنان فقط.
– تسديد أقساط بوالص التأمين تفادياً لخسارة أصحابها حقوقهم الناشئة قبل ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩.
أما في ما يتعلق بالسحوبات النقدية في الداخل، فتدعو الجمعية إلى استمرار تسديدها بالليرة اللبنانية وفق سعر المنصة الإلكترونية، مع تأكيدها على أهمية «تحديد السقوف المسموح بسحبها بهدف ضبط الكتلة النقدية بالتداول منعاً للضغوط التضخمية وانعكاسها على أسعار الصرف في السوق».
تتجاهل المصارف مجدداً أنها كانت جزءاً من مؤامرة إطفاء خسائر القطاع المصرفي على حساب تضخّم الكتلة النقدية وانفلات أسعار الصرف وازدياد معدلات الفقر.
الأخبار اللبنانية
اقرأ ايضاً:نتفليكس تعتزم إنتاج فيلم عن اللاجئتين السوريتين يسرا وسارة مارديني