الأربعاء , مايو 8 2024
شام تايمز
استراتيجية لتنمية وتطوير قطاع الدواجن

خبير يقترح استراتيجية لتنمية وتطوير قطاع الدواجن تختصر 70% من التكاليف وتكفل فائضاً بالإنتاج

خبير يقترح استراتيجية لتنمية وتطوير قطاع الدواجن تختصر 70% من التكاليف وتكفل فائضاً بالإنتاج

شام تايمز

مؤمنون وبشكلٍ عميق أن مشكلاتنا الاقتصادية والخدمية في هذه البلاد يمكننا أن نحل الكثير منها جذرياً، والتخفيف من الكثير الآخر منها أيضاً، عندما نطلق العنان لثروتنا البشرية وكوادرنا الوطنية ونشجعها على ابتكار الحلول.

شام تايمز

كما نرى فإن الارتفاع المذهل الذي حصل سريعاً لأسعار اللحوم بأصنافها المختلفة أثرت بشكلٍ كبير على غذاء المستهلكين السوريين، ولاسيما ذوي الدخل المحدود – إن كانت التسمية ما تزال مفهومة لأن الدخل بات يقترب من الانعدام أمام التضخم الكبير الذي ما تزال الحكومات المتعاقبة تبدي عجزاً أمام حل مشكلته – وكان من أبرز الآثار التي تلمّسها أصحاب ذلك الدخل يتركّز حول لحم الدجاج، الذي كان يعتبر متاحاً أمام الجميع وبأرخص الأسعار، فالفروج الواحد المشوي اليوم والذي تحدد مديرية التجارة الداخلية بدمشق سعره رسمياً بمبلغ / 16 / ألف ليرة مع فنجان ثوم ورغيف خبز، كنا نشتريه بمبلغ / 150 / ليرة بعد بدء الأزمة بسنة في عام 2012، أي أن السعر قد تضاعف أكثر من / 106 / أضعاف.

ومن نوافل الكلام ولفت الانتباه نذكر هنا أن الراتب الذي كان متوسطه في عام 2012 بحدود / 10 / آلاف ليرة، من الطبيعي أنه يحتاج اليوم إذن إلى / 106 / أضعاف ( أي مليوناً واحداً و 60 ألف ليرة ) وذلك حتى تكون الحالة التي نحن عليها اليوم مشابهة لحالتنا عام 2012 م ( فرّوجيّاً ) مع أننا لسنا طماعين فلتأخذ الدولة متوسط رواتبنا اليوم كله / 60 / ألف وتعطينا المليون ونحن نرضى بذلك.

على كل حال .. فكي لا نشطح بعيداً عن المحور الأساسي يكفي أن نقول بأن هذا الفرق الكبير في تبدل الأحوال بالنسبة للحم الدجاج الذي كان في متناول جميع الأسر السورية، وقد خرج اليوم فعلياً من السلّة الغذائية لأغلب السوريين، يوضح لنا مدى أهمية الوصول إلى استراتيجية كفيلة بإيقاف هذا الخروج، وعودة اللحم الأبيض إلى السلة الغذائية التي ينهشها الغلاء.

يقول خبير الإنتاج الحيواني المهندس الزراعي عبد الرحمن قرنفلة:

إن المنعطف الأساسي في رسم استراتيجية قطاع الدواجن يجب أن يبدأ من مصلحة العاملين فيه ، كل العاملين في القطاعين العام والخاص ، سعياً لخدمتهم .

والقطاع الخاص يستطيع أن يأخذ على عاتقه أكثر المسؤوليات تعقيداً ، شريطة أن يكون طريقه ممهداً خالٍ من العراقيل وأن يكافأ مكافأة عادلة على مجهوداته . فإذا لم تَحِكْ الحكومة قراراتها وقوانينها مستندة إلى مصلحة كل شرائح المربين بالتساوي ، بمن فيهم المتوقفة مداجنهم قسرياً عن العمل ، فأنه من الصعب أن يتحقق التطور، وبإمكان الحكومة قبل وضع استراتيجيتها تنفيذ استبيانات ميدانية تحدد معاناة اكبر شريحة ممكنة من المربين ، لتحديد أهدافها ومسارات الاستراتيجية المطلوبة ، وليس عبر ممثليهم الذين يحضرون الاجتماعات الحكومية لأن من يصل الى تلك الاجتماعات هم من المربين أصحاب الحيازات الكبيرة وتجار القطاع ، وهؤلاء ليسوا مثقلين بأعباء وهموم المربين أصحاب الحيازات الصغيرة الذين يشكلون 95 % من اجمالي المربين ، حيث انه من الثابت ان أصحاب الطاقات الإنتاجية الصغيرة هم المربون الأكثر تعرضا للمعاناة كونهم الأضعف من حيث الإمكانات المادية .

لقد فهمت الدول المتطورة هذا المبدأ منذ زمن طويل . فلجأوا إلى دعم مزارعيهم بكل فئاتهم وبدأوا بالمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة ، لإبقائهم عاملين بحماس ودون هموم ومتاعب ، لتأمين غايات وحاجات أوطانهم من الأمن الغذائي ، والإبداع وتحسين الإنتاجية وسلامة الغذاء، وتخفيف الكلفة وحماية البيئية . ففي بعض الدول هنالك ” قانون الزراعة ” الذي يعاد النظر به مرة كل خمس سنوات من أجل التأكد من المعاملة العادلة والدخل الملائم لهؤلاء المزارعين ، بينما هم يسعون للوصول إلى الأهداف المرسومة . وفي دول ثانية ، هنالك ما يسمى ” بالسياسة الزراعية العامة ” ، التي أنشئت منذ أربعين عاماً و التي تعاد صياغتها وزيادة المبالغ المخصصة لها من حين إلى آخر إلى أن فاقت الخمسين مليار يورو سنوياً .

الأهداف الاستهلاكية من منتجات الدجاج :

إن بناء الاستراتيجية يستند الى :

الأهداف الاستهلاكية المحلية .
تحقيق فوائض تصديرية توفر قطع اجنبي يساهم بتغطية احتياجات القطاع منه.

حاجة سورية من منتجات الدجاج :

وفقا لتقدير منظمة الصحة العالمية للاحتياجات الأساسية للفرد من المنتجات الحيوانية فإن احتياج المواطن يبلغ / 150 / بيضة سنويا وحوالي / 32 / كغ من اللحوم المختلفة منها 9 كغ من لحوم الدجاج ، وحيث ان البلاد تعاني حاليا من نقص في انتاج اللحوم الحمراء ولحوم الأسماك ،يصبح من المنطق ان تتم مضاعفة احتياج الفرد من لحوم الدواجن بحيث تبلغ حصة المواطن منها 18 كغ بدلاً من 9 كغ

1.حاجة سورية من بيض المائدة :

استناداً الى عدد سكان سورية / حوالي 24 مليون مواطن / وفق بيانات المكتب المركزي للإحصاء . فإن حاجة الاستهلاك المحلي تبلغ 3.6 مليار بيضة مائدة وإنتاج هذا العدد يحتاج 16.3 مليون دجاجة بياضة من القطعان التجارية . وإنتاج هذا العدد من الدجاج التجاري البياض يحتاج الى تربية 350 ألف دجاجة انثى من قطعان الامات

2.حاجة سورية من لحم الفروج :

اما بالنسبة للحوم الفروج فإن الاحتياج يستلزم انتاج / ذبائح جاهزة / حوالي 431 الف طن وتحقيق هذا الانتاج يتطلب تربية 452.6 مليون فروج ، وتوفير هذا العدد يستوجب تأمين 565.7 مليون بيضة تفريخ وتكون الحاجة من امات الدجاج اللاحم 7.07 مليون أم انثى، وهذا العدد يحتاج تأمينه الى 202 الف جدة دجاج بياض .

حاجة المداجن من الأعلاف :

اما حول حاجة البلاد من اعلاف الدجاج فان القطعان اللازمة لإنتاج الكفاية المحلية من لحم الفروج تحتاج إلى نحو /2.224/ مليون طن . وحاجة قطعان البياض بمختلف فئاتها تبلغ / 1.076 / مليون طن .أي ان الاحتياج الكامل لقطعان الدجاج تبلغ /3.3 / مليون طن علف .

حاجة التصدير :

ومن جانب اخر يجب ان تأخذ بعين الاعتبار أهمية اخذ حجم صادرات القطاع، نظراً لأن امامه فرص تصديرية وفي حال التوجه الى تصدير 25% من حجم الاستهلاك المحلي / وهي نسبة حجم صادرات سورية من اجمالي انتاجها من البيض عام 2009 / فذلك يقتضي زيادة كافة الأرقام المشار اليها أعلاه بنسبة 40-50 % على الأقل لتلبية الأهداف التصديرية .

جوهر استراتيجية القطاع ينبع من صعوباته :

من الثابت محليا وعالميا أن أشد المربين فقراً هم الأقل تقدما من الناحية التكنولوجية، وقطاع الدواجن السوري يعتبر متخلفا من الناحية التكنولوجية بنسبة 85 % ، حيث تعتبر التربية التقليدية ( الأرضية ) والحظائر المفتوحة التي تغيب عنها ابسط مبادئ الامن الحيوي هي السائدة ، كما ان الأبنية التي تؤوي الدجاج في معظمها متهالكة وليست مصممة فنياً لهذا الغرض.

ويرى المهندس قرنفلة أنه فضلاً عن ذلك هناك عوز فني عريض ونقص في المعلومات الفنية بين صفوف المربين، وغياب الدور العملي والفعلي للفنيين الزراعيين من مهندسين وأطباء بيطريين، هذا من جانب .

ومن جهة أخرى تعتبر تكاليف الاعلاف وتوفرها باستمرار بمواصفات فنية قياسية قدر الإمكان المحور الأساس وعامل التمكين الاول لتنمية وتطوير القطاع وقدرات العاملين فيه، كما أن غياب معلومات السوق وفوضى الإنتاج وعدم وجود جهة تضبط إيقاع تشغيل المداجن يقود الى اضطرابات عميقة تنعكس على كافة حلقات الإنتاج بالقطاع / جدات – امات – مفاقس – قطعان تجارية – العاملون بالسلاسل التسويقية لمنتجات الدواجن / . فضلاً عن المعاناة المستمرة للمربين من حيث تأمين مستلزمات الإنتاج وفي مقدمتها مازوت التدفئة وتشغيل المداجن الحديثة وكذلك تأمين المياه الصالحة للشرب للمداجن في معظم الحالات .

عوامل دعم الاستراتيجية :

وحول اهم المحاور التي تتطلبها استراتيجية تنمية وتطوير القطاع يؤكد المهندس قرنفلة من خلال خبرته بأن خفض تكاليف انتاج منتجات الدواجن بنسبة 70% يمكن تحقيقها من خلال :

خفض تكاليف إنتاج لحم الدجاج بنسبة 30% عما هي عليه اليوم عبر :

  • خفض معدّل نسبة النفوق بالقطعان المرباة على مدار السنة إلى ما يقـل عن 5 %
  • تخفيض عامل تحويل العلف إلى ما دون 1.7
  • تحسين إنتاجية أمات دجاج التسمين إلى ما يزيد عن 135 صوص لكل أم بدأت بالإنتاج .

ويمكن تحقيق الجزء الأعظم من هذه البنود عبر تنفيذ سياسة صارمة للأمن الحيوي بالمداجن، والتأكد من سلامة الخلطات العلفية المقدمة للدجاج ومدى تحقيقها للمتطلبات الفنية، وكذلك الاشراف الفني الفعلي والمستمر على مزارع أمات الفروج وعلى مفاقس تفريخ البيض المخصب وعلى مصانع الاعلاف ومصانع أكساب البذور الزيتية.

أما تخفيض الـ 40 % المتبقية يعتمد على إمكانية إنـتاج او تأمين مواد علفية أقّــل سعـراً مـن كلفة استيرادها الراهنة . وهذا الامر يستلزم من مراكز البحث العلمي والجامعات تركيز اهتمامها على خلق بدائل محلية عن الاعلاف المستوردة أو البحث عن بدائل ارخص يمكن تأمينها من السوق العالمية . وهو امر لن تعجز عنه مراكز البحث العلمي بالتأكيد .

التغير التكنولوجي اهم عامل منفرد في زيادة عرض منتجات الدواجن

من جانب اخر يجب التنويه – حسب قرنفلة – أنه من العوامل الأساسية الداعمة للاستراتيجية لا بد من :

  • تعزيز البرامج الإرشادية لتشجيع المربين نحو مزيد من التحول السريع باتجاه تبني تكنولوجيا حديثة في الإنتاج، إذ يعتبر التغير التكنولوجي أهم عامل منفرد في زيادة عرض منتجات الدواجن زهيدة الثمن ، ويشير التغير التكنولوجي الى التطورات والابتكارات في جميع جوانب الإنتاج بدءاً من التربية والتعليف والإيواء الى مكافحة الأمراض والتجهيز والنقل والتسويق .
  • تصميم برامج توليد فرص عمل إضافية من خلال تشجيع التوسع بأنشطة تصنيع منتجات الدجاج ولاسيما البيض وإكسابها قيماً مضافة، واعتماد مبدأ / تنمية الإنتاج الداجني كمقدمة للتصنيع / نظراً لأن أنشطة تصنيع منتجات الدجاج تمتاز بالربحية والثبات والتنافسية والديناميكية .
  • تشميل قطاع إنتاج منتجات الدجاج بمظلة دعم منتجات القطاع الزراعي
  • تشميل قطاع إنتاج منتجات الدجاج بمظلة دعم الصادرات التي تحظى بها منتجات زراعية ذات ثقل اقل في التأثير على الاقتصاد السوري .
  • تغيير دور الدولة في مجال التسعير ومنح عمليات التسعير المرونة الكافية بما يضمن تحقيق مصلحة كل من المنتج والمستهلك، فدعم المنتج كفيل بتوفير دعم تلقائي للمستهلك .
  • تفعيل دور المؤسسة العامة للأعلاف في لعب دور إيجابي في توفير حاجة قطاع الدجاج من المواد العلفية وتشكيل احتياطي يكفي لمواجهة احتياج البلاد لثلاثة أشهر على الأقل
  • إن الحد من استهلاك الادوية البيطرية في تربية الدواجن سوف يساهم في خفض تكاليف الإنتاج بنسبة جيدة . وتوفير كم كبير من القطع الأجنبي الذي يمكن استخدامه في تأمين المواد الأولية للصناعات الدوائية البيطرية ، ولا بد من التشدد في منع استخدام الادوية والمستحضرات البيطرية إلا من قبل الفنيين البيطريين، أو بإشرافهم المباشر لأن كثير من كوارث النفوق الواسع للطيور تحدث نتيجة الاستخدام العشوائي لتلك الادوية والمستحضرات البيطرية ولعله من المفيد الذكر أن كثير من الدول تمنع منعا نهائيا على المربين قيامهم بتقديم المستحضرات البيطرية للدواجن وتحصر هذا الاجراء بالأطباء والفنيين البيطريين وفق ضوابط تضمن تحقيق مصلحة المربي والطبيب البيطري .

وما الفائدة ..؟!

بالفعل ما الفائدة ..؟! فالحكومة التي – إن اقتنعت – ستكون هي المعنية بهذه الاستراتيجية القابلة للتنفيذ وبسهولة، قد بدأت تحزم حقائبها للرحيل، وإن أقنعتها الاستراتيجية فهي لن تعود قادرة أصلاً على أن تفعل شيئاً، فمع إنجاز الانتخابات الرئاسية سترحل، وتأتي حكومة جديدة – دستورياً – ومع أن كل المعطيات تؤكد بأن لا أمل من هذه الحكومة القائمة حالياً أن تفعل شيئاً مؤثّراً، وقد أدركنا ذلك منذ بيانها الوزاري الطنّان الرنّان أمام مجلس الشعب غداة تشكيلها، وجرى الحديث وقتها عن ضرورة تحديد أولويات قابلة للتنفيذ خلال سنة، لأن هذه هي مدتها الدستورية، غير أنها أصرّت على مشاريع وخطط خيالية تحتاج إلى سنوات طوال من أجل تنفيذها، فأدخلت تطلعاتها الوهمية إلى مضمار السباق، وكان من الطبيعي أن تحقق مثل هذا الفشل الذريع، ويكفي للدلالة على ذلك ما آلت إليه الأمور من صعوبة الحياة، ومرارة الحالة المعيشية، وارتفاع الأسعار المذهل، وزيادة الفقر والبطالة، وتردي الخدمات من النقل إلى الاتصالات والكهرباء، وتفاقم الأزمات.

بالفعل لا فائدة .. ولكن سنضع هذا المقترح لهذه الاستراتيجية الهامة لتنمية وتطوير قطاع الدواجن، والتي تعني بالنهاية تعزيز وضع الأمن الغذائي عند عموم الناس، أمام الحكومة الجديدة، التي يمكن لها أن تضمن النجاح عندما تكون بعكس الحكومة الحالية فقط.

سنسيريا  – علي محمود جديد

اقرأ أيضا: جزماتي: تصلنا طلبات من السويد وهولندا على تصاميم الذهب السورية

شام تايمز
شام تايمز