إيران 2021: معركة رئاسية بين “مثلث لاريجاني ـ رئيسي ـ جهانغيري”
الكل ينتظر القائمة النهائية لمرشحي الرئاسة التي سيعلنها مجلس صيانة الدستور في الخامس والعشرين من أيار/ مايو الحالي، على أن يعطي بعدها خمسة أيام (حتى 30 أيار/ مايو) للبت بالطعون لمن لم تنطبق عليهم مواصفات تحدّد أهلية المرشحين، وفور البت بالطعون تُعلن رسمياً القائمة الأخيرة من المرشحين المتوقع أن تتضمن ما بين 8 إلى 10 أسماء ينتمون إلى معسكرات الإصلاحيين والمعتدلين والمحافظين.
نظرياً، يفترض أن يعتمد مجلس صيانة الدستور، في تحديد الأهلية ومراجعة الطعون، قاعدة توفر مشاركة أوسع في الانتخابات، خاصة وأن إيران تواجه تحديات إقتصادية وإجتماعية عديدة، فضلاً عن التحدي الأبرز المتمثل بمواصلة المفاوضات النووية في فيينا.
وإلى أن يُعلن مجلس صيانة الدستور قراره النهائي، تشعر التكتلات الإصلاحية والمعتدلة بالقلق إزاء إحتمالات رفض أهلية مرشحيها للإنتخابات الرئاسية، الأمر الذي يمكن أن يؤثر سلباً على مشاركة الناخبين في الانتخابات.
وفي ضوء هذه التطورات، يمكن أن تنجلي صورة الإقبال على صناديق الإقتراع، وهل ستكون كثيفة، كما شاهدنا في الدورات السابقة أم أن الناخب الايراني سوف يُقاطع العملية الإنتخابية إحتجاجاً على إقصاء مرشحين أو بسبب الموجة الجديدة من جائحة كورونا في ايران؟
ومن المعروف أن عوامل عديدة تؤثر على نسبة المشاركة الشعبية في الإنتخابات، وأبرزها المصادقة على أهلية المرشحين؛ لذلك، ثمة رهان على أن تتوفر مروحة من الترشيحات تحاكي كافة التيارات والأحزاب، وهذا الأمر من شأنه أن يُحفّز الإيرانيين على مشاركة ستترك بصمتها على مستقبل بلادهم، أما إذا كانت وظيفة تحديد القائمة الأخيرة هي وظيفة إقصائية، فإن نسبة المشاركة الشعبية في الإنتخابات سوف تكون أقل بكثير من الدورات السابقة.
أية منافسة انتخابية سنشهد بين الإصلاحيين والمعتدلين والمحافظين؟
يمكن القول أنه من أصل 592 مرشحاً للانتخابات (بينهم 40 سيدة)، يمكن رصد عشرة أسماء بارزة هي الآتية:
1ـإبراهيم رئيسي (رئيس القضاء).
2ـ محسن رضائي (القائد السابق للحرس الثوري).
3ـ سعيد جليلي (السكرتير السابق لمجلس الأمن القومي الإيراني).
4ـ إسحاق جهانغيري (النائب الأول للرئيس).
5ـ محسن هاشمي رفسنجاني (رئيس مجلس بلدية طهران).
6ـ علي لاريجاني (رئيس البرلمان الإيراني السابق).
7ـ محمود أحمدي نجاد (رئيس إيران السابق).
8ـ عبد الناصر همتي (محافظ البنك المركزي الإيراني).
9ـ حسين دهقان (وزير الدفاع الإيراني السابق).
10ـ سعيد محمد (قائد مقر خاتم الأنبياء الذراع الإقتصادية للحرس).
أما أبرز المرشحين الغائبين عن المنافسة فهو محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني.
وعلى الرغم من أن الأجواء التنافسية بين المرشحين تتحرك خلال أيام الحملات الانتخابیة وصولاً إلى لحظة نهاية المناظرات التلفزيونية، يعتقد معظم المحللين السياسيين الإيرانيين أن المنافسة الرئيسية ستجري بين إسحاق جهانغيري وعلي لاريجاني وإبراهيم رئيسي، وهو الأمر الذي أشارت إليه بصراحة صحيفة “سازندكي” التابعة للمعتدلين بقولها إن رئيسي وجهانغيري ولاريجاني “يمثلون مثلث الانتخابات الرئاسية”.
ولكن أين الجنرالات؟
أقدم سبعةُ جنرالاتٍ على إقتحام ميدان الانتخابات الرئاسية الإيرانية.. وهذه سابقةٌ لم تشهد إيران مثيلاً لها منذ الثورة في العام 1979، وقد أثارت علامات استفهام في الشارع الإيراني استغلَها مرشحون آخرون في بياناتهِم الانتخابية، علماً أن قائمة الجنرالات لا تخلو من وجوه بارزة كقائد الحرس الثوري السابق محسن رضائي وقائد مقر خاتم الأنبياء وهوَ الذراع الاقتصادية للحرس الثوري سعيد محمد ووزير الدفاع السابق محمد دهقان، بالإضافة إلى عدد من الضباط وأبرزهم الجنرال رستم قاسمي والجنرال علي رضا الشار. أسماء عسكرية حذرت أحزاب إصلاحية ايرانية من أنّ وصولَها إلى القصرِ الرئاسي “سيعززُ سيطرةَ العسكرِ على كافة مقاليد الحكم في ايران، ويمكن أن يُعطي إشارات لا تتصل فقط بحاضر إيران بل بمستقبلها”!
وعلى الرغم من أن معظم المحللين يحصرون التنافس بمثلث لاريجاني ورئيسي وجهانغيري، لكن قلة قليلة منهم تقول إن الإصلاحيين لديهم فرصة في السباق القادم إذا زاد عدد المرشحين ومن ثم الإقبال العام على صناديق الاقتراع وإلا فإنهم يتوقعون أن يكون التنافس الرئيسي بين ممثلي التيار المحافظ، اي رئيسي ولاريجاني.
وثمة إعتقاد أن قرار وزير الخارجية محمد جواد ظريف بعدم الترشح من شأنه أن يُضعف نسبة المشاركة، خصوصاً وأنه أصبح شخصية إشكالية تشد عصب الإصلاحيين من جهة وتستفز جمهور المحافظين من جهة ثانية، ولذلك شكل قرار إنسحابه نقطة لا تصب في صالح تعزيز المنافسة والمشاركة.
لماذا إتخذ ظريف قرار الإنسحاب؟
في اجتماع لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان تعرض محمد جواد ظريف لإنتقادات شديدة، وأدرك أنه إذا أصر على الترشح للرئاسة، سيواجه طريقًا صعبًا، أوله الإستجواب في البرلمان والثاني عزله عن وزارة الخارجية الإيرانية وهذا سيكون على حساب المفاوضات الجارية في فيننا ومسار التوافق النووي بشكل عام. فأعلن ظريف في الاجتماع أنه لن يترشح للرئاسة بأي شكل من الأشكال..
وبرغم الإجتماع الذي ضم ظريف والسيد حسن الخميني (حفيد الامام الخميني الراحل) والسيد محمد خاتمي (الرئيس الاسبق)، إلا أن الأول أبلغهما أنه يعتقد أنه ليس من المناسب له الترشح للانتخابات، وإعتبر أن ذلك ينسجم مع رسالة إعتذار سيعلن فيها قراره وتضمنت الآتي:
“فكرت كثيراً في خلوتي مع نفسي وفي النهاية توصلت إلى هذه القناعة بأن قدومي (ترشحي) ليس في صالح النظام والشعب”.
وتعكس الرسالة إنزعاج ظريف من عناصر إتهمها بالتلاعب السياسي من وراء الكواليس، بدليل أنه خاطب هؤلاء في هذه الرسالة قائلاً:
“الآن وبعد أن إطمأن أصدقاءنا القلقين من موضوع ترشحي، أرجو أن يصبوا اهتمامهم على أولوياتهم وتعزيز نفوذهم وسلطتهم في الداخل وليتركونا نهتم بأولوياتنا وهي صيانة المصالح القومية وتخليص الشعب من العقوبات والظلم الأميركي”.
وهكذا تم إغلاق قضية المنافس الإصلاحي الأقوى في مواجهة التيار المحافظ في الانتخابات الرئاسية الإيرانية الذي سيخوض معركة بين وجوهه لإختيار الرئيس المقبل.. وحتما لن يكون هذه المرة فقط رئيسا لولاية أو ولايتين، بل سيعطي أولى الإشارات حول مستقبل المؤسسات التي تصنع القرار في إيران.
علي منتظري-كاتب وصحافي ايراني مقيم في طهران
180Post
إقرأ أيضاً:مشروع ايراني ضخم جديد في سوريا