استنزاف لخزينة الدولة: من يخدم قرار تمويل المستوردات.. التاجر أم المواطن؟
بعد تجربة مريرة للسوريين مع وعود التجار خلال السنوات الماضية بتخفيض الأسعار أثار قرار رئيس مجلس الوزراء تمويل التجار بالقطع الأجنبي وبسعر مصرف سورية المركزي لاستيراد 70 مادة ردود أفعال كثيرة ورسم إشارات استفهام كثيرة حول الهدف الحقيقي من وراء هذا القرار.
الصناعي عصام تيزيني أكد لصاحبة الجلالة أن تمويل مستوردات التجار بدولار رخيص هو استنزاف لخزينة الدولة وهدر لمواردها والإصرار على الاستمرار به غير مبرر ولا يستفيد منه المواطن …وإنما الذي يستفيد هم المتمولون فقط ..!!!
وقال تيزيني.. ” سأعرض بعجالة ومن واقع السوق نتائج تمويل استيراد ثلاثة مواد متوفرة الآن مع ملاحظة أن هذه المواد (وحسب سياسة التمويل) يجب أن يكون سعرها ثابت (أقول ثابت ..لا منخفض ولا مرتفع المهم ثابت ) لأنها ممولة بسعر دولار ثابت 1250 ليرة للدولار .
أولاً: الأعلاف.. ممولة ولكن أسعارها في السوق تتحرك حسب سعر الدولار الأسود.. وأسعار مخرجاتها في الأسواق كالفروج والبيض واللحوم الحمراء صارت كاوية..!!!
ثانياً: الزيوت النباتية.. ممولة وأسعارها أيضا تلاحق سعر سعر الصرف في السوق السوداء..!!!!.
ثالثاً: حليب الأطفال.. ممولة ولكن حدث ولا حرج !! محتكر وأسعاره مرهقة وهي تتبع سعر الأسود أيضا..!!
وتوجه الصناعي تيزيني إلى رئيس الحكومة بالقول..” معالي السيد حسين عرنوس رئيس الحكومة الموقر… إن المواطن السوري انتظر و لا يزال يأمل وينتظر تمويلاً مباشرا لجيبه الفارغ عبر دعم مادي مباشر (كاش) يستطيع به اللحاق بلقمة عيشه التي تسبقه بمسافات ..
وهو يتفاجأ اليوم أنكم قررتم مساعدته عن طريق دعم مستوردي السكر والرز والمتة وبيعهم الدولار من خزينته بسعر رخيص 2525 ليستوردوا به ويبيعوا مستورداتهم بسعر ثابت وبهامش ربح إضافي فوق هذا السعر …!!”.
وأكد الصناعي تيزيني أن التجربة أثبتت أن الرهان على وعود التجار المتمولين بأن يخفضوا أو على الأقل يثبتوا أسعارهم هو رهان لا يعتد به ومشكوك بكسبه..كما أثبتت أيضا أن الاعتماد على مراقبة التموين والمالية وغيرهم لتحقيق ذلك هو مشوار طويل ومكلف ومليء بالأشواك ولا ينتج إلا فسادا وهدرا وبالتالي فإن تمويل التجار هي سياسة جربتموها ولا تزالون تعملون بها وهي فاشلة بشهادة الأسواق الآن …فلماذا الإصرار على الاستمرار بها وتوسعتها.. حيث المواد لا ولن تباع حسب سعر الدولار الممول والثابت.
وقال تيزيني.. ” السيد رئيس الحكومة .. إذا كانت خزينتنا المرهقة تحتمل. تمويل المستورد وفق قراركم فالأحق أن نقدم هذا التمويل للمستهلك ونحسن قدرته على الشراء وننهي بؤسه وانتظاره ..أما المستوردون فيتدبرون أمرهم ..فقط سهلوا عليهم عملهم وشجعوهم ليكثروا ويتنافسوا عندها يتحقق هدفكم بتخفيض السعر.
بدوره أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور زكوان قريط أن قرار تمويل المستوردات بسعر دولار المركزي (2525) ليرة سورية هو قرار من حيث الظاهر إيجابي ولكنه من حيث العمق يخفي وراءه الكثير من السلبيات في حال تم تطبيقه واستغلاله بشكل خاطىء من قبل بعض التجار .
ورأى الدكتور زكوان أن من تلك السلبيات ازدياد الطلب على الدولار ما سيؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف إضافة إلى إمكانية استغلال التجار لجزء من كتلة الدولار المشترى من المركزي في عمليات المضاربة على سعر الليرة .
وأضاف الخبير الاقتصادي أن من السلبيات أيضا لقرار الحكومة هو مخاوف قيام التجار بالتهرب من الالتزام بلائحة المواد المسموح استيرادها واستيراد بدلا عنها مواد غير ضرورية أو مواد ذات جودة منخفضة مؤكدا أنه على المدى القريب لن يؤثر هذا القرار في انخفاض أسعار المواد الأساسية المدعوم استيرادها بسعر المركزي بل يمكن أن يزيد من احتكار وجشع بعض التجار بالتحكم بالأسعار حسب مزاجهم.
ولفت الدكتور زكوان إلى أنه مضت فترة من الزمن على قانون حماية المستهلك (حوالي شهر) ولكنه لم ينعكس بشكل فعلي على أرض الواقع ولم تنخفض الأسعار بشكل ظاهر وملموس.
ما هو الحل…؟
اقترح الدكتور زكوان عدة حلول منها أن تقوم شركات القطاع العام بهذه المهمة (مهمة التاجر) أو أن يتم تطبيق القرار الصادر المذكور ووضع شروط وغرامات تضمن حق الدولة والمواطن ومحاسبة كل مخالف من التجار منعا للتهرب والتلاعب من قبلهم.
ويبقى السؤال الأهم لمصلحة من تم اتخاذ هذا القرار.. التجار أم المواطنين..؟
صاحبةالجلالة _ ماهر عثمان