إنعاش الاقتصاد الأزرق
ما يزال الخوض في مجال الاقتصاد الأزرق في سورية متواضعاً جداً وبطيئاً، على الرغم من امتلاكنا لعناصر كثيرة يمكن أن تساهم في تعظيم هذا النوع من الاقتصاد وتسريعه.
والاقتصاد الأزرق الذي يعني فيما يعنيه الاستثمار الأمثل للبحار والمحيطات والأنهار ومختلف السدود والمسطحات المائية صناعياً وإنتاجياً وسياحياً ونقلياً ومختلف العمليات الاقتصادية والخدمية التي يمكن أن تنتعش بوجود تلك العناصر المائية الزرقاء، مع الحفاظ على بيئة نقية ونظيفة.
فالساحل السوري الذي يبلغ طوله / 185 / كم ما يزال قابلاً للمزيد من الاستثمارات الكبرى، صحيح أن هناك العديد من الاستثمارات السياحية كالمنتجعات والمطاعم والشاليهات، ولكنه ما يزال قابلاً للمزيد، ففي مجال النقل يمكن إقامة خطوط بحرية متبادلة بين المدن الساحلية الأربع ( اللاذقية – جبلة – بانياس – وطرطوس ) وهذا استثمار سيكون شيقاً وممتعاً ومجدياً اقتصادياً وقليل المخاطر، حيث يجري هذا النمط من النقل باستمرار بين طرطوس وجزيرة أرواد، وتشير تجربته إلى مثل هذه الميزات فعلاً.
وفي مجال الصناعة والإنتاج يمكن إلى حد كبير تعزيز صناعة السفن والتشجيع عليها، لاسيما وأن لدينا في الساحل السوري خبرات وكوادر متخصصة في هذا المجال مشهود لها عالمياً، ككوادر جزيرة أرواد على وجه الخصوص.
ويمكن أيضاً صناعة حفظ الأسماك وتعليبها التي تفتقر إليها سورية على الرغم من هذا الساحل الطويل، وما يقابله من مياه إقليمية، وكذلك على الرغم من إمكانية الصيد في أعالي البحار ضمن الاتفاقيات الدولية بهذا الشأن، فصيد الأسماك في بحرنا ما يزال متواضعاً جداً، إذ يبدو وكأنه متصحّر فعلاً ويحتاج إلى عناية فائقة والبحث عن الأسباب التي تجعله غنياً بثمار البحر سمكاً وأعشاباً، فمن غير المعقول أننا على هذا الشاطئ الطويل، وأن لدينا في سورية نحو / 160 / سداً، تنفرش خلفها / 160 / بحيرة من المياه العذبة القابلة في أغلبها لتربية الأسماك، ولا نزال حتى الآن من أقل دول العالم استهلاكاً للأسماك، فالمعروف أن حصة الفرد السوري لا تتعدى الكيلو غرام الواحد في السنة، والأنكى من ذلك أنه رغم هذا الانخفاض الكبير في الاستهلاك فإن أغلب الأسماك الموجودة في السوق هي أسماك مستوردة في حين أن مقدراتنا المائية بحراً وفي المياه العذبة تؤهلنا لأن نكون دولة مُصدّرة للأسماك.
على كل حال ما يبعث على الأمل حالياً في هذا المجال تلك الاتفاقية التي وقعت مؤخراً بين سورية والوكالة الفيدرالية الروسية للمصايد من أجل بحث التعاون مع سوريا في مجال الثروة السمكية، حيث تعتزم الوكالة إرسال خبرائها إلى سوريا لتقييم احتياطيات الثروة السمكية، وتقديم اقتراحات لعدد من المشاريع في هذا القطاع والمساعدة في تعافي الاقتصاد السوري.
وهذه في الحقيقة انعطافة هامة ستكون باتجاه الاقتصاد الأزرق والتي نرجو أن تتعزز أكثر فأكثر وصولاً إلى اقتصاد أزرق سوري وفعال يليق بحجم المقدرات السورية القابلة للاستثمار الأزرق.
سنسيريا – علي محمود جديد
اقرأ أيضا: ” التبويس العكسي “