المرحلة الثانية من معركة الغوطة تسيرُ بزخم عسكري كبير
علي حسن
انتهت المرحلة الأولى من العمليات العسكرية في الغوطة الشرقية بنجاح سريع جدًا تمثل بشطر مناطقها إلى قسمين رئيسيين، وبدأ الجيش السوري بتنفيذ المرحلة الثانية، والتي على ما يبدو أنها تسير بذات السرعة القياسية، حيثُ فصل المنطقتين الرئيسيتين في الجزء الشمالي عن بعضهما البعض، الأمر الذي يوحي بأن هذه المرحلة لن تكون صعبة أيضًا، كما يتوقَّع بعض المراقبين، فما يزال زخم العمليات العسكرية مستمرًا، ومواقع الإرهابيين وتحصيناتهم تتهاوى أمام القوة النارية الكبيرة لقوات الجيش، التي بدأ عائقُ وجود المدنيين أمامها بالانكسار، مع بدء خروج أهل الغوطة الشرقية عبر ممر مخيم الوافدين.
وفي هذا السياق قال الخبير العسكري والاستراتيجي العميد هيثم حسون لموقع “العهد” الإخباري أنّ “عملية فصل الغوطة الشرقية لدمشق إلى قسمين رئيسيين قد تمّت بعد التقاء القوات المتقدمة من الشرق مع القوات الآتية من مبنى إدارة المركبات في حرستا، والمنطقتان الأساسيتان في القسم الشمالي بالنسبة للعمل العسكري أيضًا قد فُصلتا عن بعضهما البعض وهما دوما وحرستا، فليس لمزارع الريحان الواقعة شرق دوما تلك الأهمية العسكرية الاستراتيجية مقارنةً بالمدينتين، كما أن قوات الجيش السوري تمكنت من تحقيق إنجاز استراتيجي هام في القسم الجنوبي الممتد من جنوب إدارة المركبات وصولا إلى جسرين وكفر بطنا، تمثَّل بالسيطرة على بلدة أفتريس ومزارعها، التي تُؤمّن السيطرة النارية على مفارق وطرق أغلب بلدات القسم الجنوبي، وهي سقبا وحمّورية وكفر بطنا وجسرين وحزة، التي تتواجد فيها أكبر معاقل التنظيمات الإرهابية من “فيلق الرحمن” و”جبهة النصرة”، وبالتالي فإن الجزء الأكبر من القسم الجنوبي للغوطة قد أصبح بحكم الساقط ناريًا، وهذا الأمر سيتيح لقوات الجيش العمل بسهولة وأريحية كبرى، لأنه يتحكم بتحركات المسلحين، الأمر الذي يعني تمكن الجيش من حسم جزء كبير من العملية العسكرية في القسم الجنوبي”.
يعتقد كثير من المراقبين الميدانيين والمحللين العسكريين أنّ المرحلة الثانية المتمثلة بقتال الشوارع داخل مدن الغوطة الشرقية ستكون صعبةً على الجيش السوري، إلّا أنّ العميد حسون يرى أنّ “هناك أمورًا عديدة ستساهم في تخفيض حدة صعوبتها، إذ إن القوة النارية ونوعية هذه القوة التي سيستخدمها الجيش السوري في حرب الشوارع داخل مدن الغوطة ستُساعد في تدمير كافة تحصينات المسلحين وأنفاقهم وستُصيبهم بحالة معنوية رديئة أكثر من التي يعيشونها اليوم، فضلاً عن أنّ تمرد سكان الغوطة على التنظيمات المسلحة وكسرهم لحاجز الخوف لديهم، والذي بدأ يُثمر نتائجًا جيدة تتمثل ببدء خروجهم، سيُريح قوات الجيش في تكثيف استهدافاتها الجوية والمدفعية والصاروخية، وبالتالي رجحان كفة الجيش في حرب الشوارع القادمة”.
وأضاف حسون لـ”العهد” قائلاً “إن المشهد العام قد يبدو صعبًا في حرستا التي حُوصرت على وجه الخصوص، لكن جزءًا كبيرًا منها قد بات بحكم الساقط ناريًا، وأصبحت مساحتها الجغرافية لا تشكل عقبةً أمام حركة الجيش، فضلاً عن أن القوة النارية التي تمتلكها التنظيمات الإرهابية المتواجدة في حرستا ليست ذات أهمية كبرى تؤدي لوضع عائق أمام العمل العسكري، وذلك إذا ما قورنت بالقوة النارية التي تمتلكها قوات الجيش”، وأشار حسّون إلى أنّ “المنطقة الأساسية من الناحية العسكرية في الجزء الشمالي هي مدينة دوما التي يتواجد فيها تنظيم “جيش الإسلام” الإرهابي، والذي حاولت الدول الغربية الداعمة للإرهاب تصويره على أنه التنظيم المعارض المعتدل، وتعاونت معه استخبارتيًا، وذهبت بممثلين عنه إلى الأروقة التفاوضية وكأنهم ممثلون عن أحزاب سياسية وما هو إلا تنظيم إرهابي قتل وروّع المدنيين واتخذ منهم دروعًا بشرية”.
وأكد حسون أنّ “قرار تنظيف كامل الغوطة الشرقية مُتخذ من قبل دمشق وحلفائها الذين أثبتوا خلال السنين الماضية من عمر الحرب قدرتهم على تنفيذ قراراتهم، كما أنّ العمليات العسكرية مستمرة بشكل دقيق على جزأي الغوطة الشمالي والجنوبي، وستكون دوما المنطقة الأخيرة التي سيستعيدها الجيش السوري، والتي سيُعلنُ منها كامل شرق العاصمة محررًا من الوجود الإرهابي”.
العهد