إقليم صناعي سوري عراقي موحد لمنافسة إيران وتركيا والخليج
رفع وزير الصناعة العراقي “منهل عزيز الخباز” من سقف طموحات الشراكة مع سوريا حين وطأت قدماه مدينتها الصناعية حلب،
ولم يخف تفاؤله أثناء لقاء جمعه مع وزير الصناعة السوري، زياد صبحي صباغ، بصناعيي العاصمة الاقتصادية السورية (حلب)
وتجارها، والرغبة الجدية بتدعيم تبادل الخبرات وتعزيز التعاون المشترك بين البلدين.
وشدد الوزير العراقي على ضرورة ترك “السياسة للسياسيين” والاتجاه صوب الماكينات الثقيلة، ونحو تحقيق مصالح سورية
عراقية مشتركة تنعكس لصالح الشعبين الشقيقين.
وبالرغم من أن الوزير الضيف قد أتى من بلد دارت على تراب أراضيه رحى الحرب قبل عقدين من الزمن، ويسعى بكل ما أوتي من
قوة للتعافي والنهوض بصناعة جديدة للحاق بركب الاقتصاد المتطور في المنطقة، يجدُ الصناعيون السوريون أنفسهم، ول اسيما
صناعيي حلب، تواقين إلى مد جسور التواصل والتبادل التجاري وهم يعيشون تداعيات الضربات الثقيلة جراء العقوبات الأوروبية
والأميركية التي أنهكت البلاد، ومنها على وجه التحديد منع وصول مدخلات الإنتاج.
إقليم صناعي موحد
بالمقابل، يرى الوزير العراقي الخباز أن الوقت حان لإيجاد آلية عمل بخلق صناعات عديدة غادرت كلاً من البلدين لا سيما
التكنولوجية منها، وأهمية عودتها تتأتى حسب قوله “بمردود كبير في تقليل النفقات وسرعة الإنتاج” وأردف في مستهل حديثه:
“حجم تطلعاتنا كبير جداً وما زال هناك عوامل أساسية كبيرة كمحرك للعمل هي الإرادة والتخطيط، ونتمنى خطوات حقيقة للأمام
بإقامة مشروع إقليم صناعي في المنطقة تشارك فيه دول مجاورة تدفع نحو تحسين القوة الصناعية والاقتصادية”.
وعرج الوزير العراقي على ما وصفها بالقوى الصناعية التي تحيط بالبلدين الشقيقين منها تركيا ودول الخليج وإيران، ويعتقد أنه من
حق دمشق وبغداد أن تبحثا عن أسواق ومصالح صناعية واقتصادية ويكونان شراكة متينة، مع عمل متوازن وكبير جداً، وقال: “لابد
من تفعيل إقليم صناعي موحد يضمهما معاً، ويمكن أن تضم معها دول أخرى بالمنطقة، سوريا بدأت تنهض بالمجال الصناعي،
ولاسيما حلب ولها خبرات كبيرة جداً في هذا المجال”.
صعوبات الفيزا!
من جهتهم، أعرب الصناعيون السوريون في حديثهم لـ “سبوتنيك” عن مبادلتهم الرغبة بتعزيز التبادل التجاري، وزيادة حجم
الاستثمار من مدينة حلب الصناعية، للارتقاء لمستوى الطموح المطلوب، إلا أنهم في الوقت ذاته يعانون من صعوبات التنقل
والحصول على فيزا وسمات السفر والتنقل.
وفي السياق ذاته طالب بعض أعضاء الغرفة تحقيق أعلى درجات التعاون التجاري المطلوب لابد من منح تسهيلات في نقل
البضائع منها إعطاء 48 ساعة للسائقين داخل الأراضي العراقية على سبيل المثال لإيصال المنتجات والعودة، إذ وبحسب صناعيون
يتم تحميل البضائع من الشاحنات السورية إلى نظيراتها العراقية على الحدود.
ما الذي يحتاجه السوق العراقي؟
وعلى الرغم من كون العراق بلد صناعي بزغ نجمه في خمسينيات وستينات القرن الماضي، وتصدر صناعاته كالأقمشة
والمنسوجات والتعدين والمواد الغذائية وإنتاج الثروة الباطنية، إلا أن جزءا كبيرا من الصناعات الهامة كان مصيرها التوقف حسب
الوزير “الخباز”.
ويعزو ذلك إلى تعطل قسم منها بالحرب على العراق، وجزء منها تعطل بحكم تهالك وتقادم الآلات دون أن تؤدي جدواها الاقتصادي
بكفاءة وهدفها بإنتاج منافس، علاوة على وجود معامل كبيرة تعمل الحكومة العراقية باهتمام بها وتبحث عن دعم لعبارة “صُنع
بالعراق”.
واستعرض الوزير الخباز بعض المصانع العراقية المتوقفة، والتي تحتاج إلى دعم خطوط إنتاج مثل الخياطة والغزل والنسيج مع
الحاجة والطلب المتزايد على المبيدات الزراعية وصناعة الجلود “فمصانع الجلود شبه متوقفة عن العمل”.
وأضاف “وكذلك الحاجة إلى مصانع الورق، ومعامل الأدوية في العراق لا تغطي سوى 10% من حاجة السوق خاصة الأمراض
المزمنة كالسرطانية، وتكاليف استيرادها كبير وأسعارها مرتفعة، مع حاجة ماسة للقاحات الوقائية والأدوية البيطرية والمبيدات
الزراعية والاستثمار بالتكنولوجيا”.
ميزات وخطوط مفتوحة
بالمقابل، يمتلك العراق ميزات وخبرات كبيرة في مجال صناعة الورق وتعمل بإمكانيات بسيطة ونشاطات أخرى صناعة الخزانات
وأنابيب المياه والنفط ومصانع كبيرة في مجال الأسمدة.
ونوه الوزير الخباز إلى إمكانية التعاون لافتتاح معمل في طور اقلاعه بشهر أيلول القادم، مع سعي عراقي لإعادة تأهيل
واستثمارات أجنبية لتقديم منتجات تلامس حياة المواطن كالغذاء والملابس والدواء.
اتصال ساخن
اللافت قيام الوزير “الخباز” بإجراء اتصال من قاعة الاجتماع لمعالجة أمور عالقة طرحها بعض الصناعيين السوريين، وكأنها إشارة
عن خطوط مفتوحة بغية تقديم كل التسهيلات، ووصف وزير الصناعة السوري الدكتور، زياد صباغ، نظيره العراقي بالوزير “الميداني
والعملي”.
مع وعود من الجانب العراقي بنقل رغبات الصناعيين والتجار إلى الحكومة العراقية مع اجراء مسوح تجريها غرف الصناعة البلدين
حول الصناعات غير المتوفرة والمحدودة بالعراق والمتوفرة في سوريا وبالعكس لأجل التعاون المشترك على توفيرها.
جولة صناعية
وجال الوفد العراقي في مجموعة من المصانع الحلبية التي عادت للإنتاج بعد ترميمها من مخلفات التنظيمات الإرهابية.
وقال وزير الصناعة السوري، زياد صبحي صباغ، إن الوفد العراقي سيطلع على واقع قطاع الصناعة السورية، معبرا عن تطلعاته
لإطلاق العلاقة الاقتصادية بين البلدين إلى آفاق استراتيجية بما يخدم شعبي البلدين المنطقة العربية عموما.
شراكة استراتيجية
من جهته، قال رئيس اتحاد غرف الصناعة السوري فارس الشهابي، إن العراق عمق استراتيجي لسوريا.
وأعرب الشهابي عن تطلعاته لإقامة سوق مشتركة وإقامة استثمارات مشتركة، مشيرا إلى أن التحديات الكبيرة أمام البلدين،
ومواجهة المنافسة التي تواجههما من تكتلات اقتصادية إقليمية، بما فيها التركية التي تحاول إضعافهما، تتطلب مواجهة موحدة.
وأكد الشهابي عن استعداد الصناعيين السوريين لإطلاق كل ما يخدم المصلحة السورية العراقية المشتركة.