هل نحن بصدد ظاهرة: «عـبدو مشتاق»..؟
كتب د . سعـد بساطة
انقضت انتخابات رئاسية نزيهة نتيجة الاستحقاق الدستوري؛ وتمخضت عـن فوز مرشح الشعـب بأكثرية ساحقة ؛ وهو صاحب الشعـار المبشر (الأمل بالعـمل)؛ الآن.. الشعـب يحدوه الأمل في انتظار حكومة جديدة تقوم بالعـمل الشاق الدؤوب لإعادة الإعـمار.
انتهت فترة الحرب الداخلية؛ وتبعـتها حرب اقتصادية أدهى وأمر؛ وها نحن عـلى أبواب حقبة البناء والازدهار.
ننتظر من الحكومة الجديدة أن تسن تشريعـات جاذبة للاستثمارات؛ وأن تشرف عـلى حسن تطبيقها؛ وهنا فعمل أي وزير أو مدير عام «هو تكليف لا تشريف»؛ ولكن، هنالك البعـض بانتظار المنصب، وهذا ما دعـي بظاهرة «عـبدو مشتاق»؛ التي ابتدعـها الكاتب المصري اللامع «أحمد رجب»! «عبدو مشتاق»: هي الشخصية المتفائلة، التي تسعى دائماً من دون كلل أو ملل وراء الأخبار التي تتناول التعديلات الوزارية؛ آملاً أن يكون هو القادم، و«مشتاق» يعيش يحلم بالجلوس على كرسي الوزارة، وليتغير بعدها مجرى حياته.
شخصية «عـبدو مشتاق» موجودة داخل الكثير من الموظفين الواصلين إلى أعلى السلم الوظيفي؛ حيث ينتفخ زهواً كلما سمع كلمة إطراء؛ ويظهر التواضع المصطنع مع تشديده أنه لا يهتم بأي منصب إداري مهما عـلا شأنه؛ قدر اهتمامه بأداء المهمة عـلى أفضل وجه؛ وخدمة المواطن! كلام فيه من السذاجة تفوق أفلام الخيال العـلمي المخصصة للأطفال!
أتذكر حكاية واحد لبناني عايش بأميركا؟
يقول ذهبت لشراء بطيخة من أحد الأسواق الأميركية!
وكالعادة بدأت أطبطب على البطيخة حتى اخترت واحدة!
يقول رأتني امرأة أميركية كانت قريبة مني فقالت لماذا تطبطب عليها؟
قلت لها حتى اختار واحدة حمراء وحلوة، نحن من عاداتنا نطبطب على البطيخ قبل أن نشتريه؟
يقول سألتني: ممكن تطبطب لي على بطيخة وتختارها لي!
يقول فرحت بطلبها وحسيت إني صرت خبيراً بالبطيخ وبدأت أطبطب عليهم واحدة واحدة حتى اخترت لها بطيخة!
قالت شكراً وفتحتها ووجدتها حمراء قاسية وحلوة مثل العسل فقالت لي: ممكن أعرف أنت من أي بلد؟
قال لها أنا لبناني!
ابتسمت وقالت يا ريت تطبطبوا على المديرين والوزراء اللي عندكم قبل ما تختاروهم!
علشان كثير منهم قرع… (والحكي ينطبق عـلاوة عـلى الجارة لبنان؛ عـلى بلدان أخرى)!
أعـود فأنوّه بأن المرحلة المقبلة تتطلب منا الحديث بلغـة القرن (21)؛ فالعـامل الرخيص أضحى تعبيراً من الماضي؛ بحثنا الآن عـن العـامل الماهر. وبالمثل: مدير متمكن من تقانات العـصر؛ لأننا في سباق زمني لا يرحم؛ ومعـركة الاقتصاد التنافسية شرسة لا هوادة فيها.
هذا من ناحية الكفاءات الفنية؛ فهل أنا بحاجة الآن للحديث عـن النزاهة ونظافة ذات اليد؛ ومكافحة الفساد؟ أذكر غـلاف العـام – قبل سنوات مضت – لمجلة عـالمية «الإيكونيميست» يظهر تفاحة يانعـة؛ ولكن.. دودة – الفساد – تتغـلغـل فيها؛ إنه الموت الصامت؛ وهو السوس الكفيل بتقويض أهم بنيان. هو داء يرهق ميزانية الدولة وكاهل المواطن؛ والفاسد الذي يرى غـيره ينجو بفعـلته؛ يتمادى في ممارساته؛ فلا بد من يد من حديد تحاسب وتعـاقب!
لابد من أن أعـرّج في هذه العـُجالة عـلى مبادرة الصديق الغـالي وزير الصناعة الأسبق «د. فؤاد عـيسى الجوني»؛ الذي كان صاحب مبادرة طرح أول إعلان بطلب مدير عـام لإحدى المؤسسات المهمة بوزارة الصناعة؛ وكانت شروطه الشهادة والكفاءة والخبرة فقط؛ بصرف النظر عـن أي مقاييس بالية كانت تعـتمد في السابق!
وفي الختام؛ دعـوا هدفنا المشترك بإعادة إعـمار البلاد يوحـّدنا؛ خلينا «نشتغـل بعضنا مع بعـضٍ.. مو نشتغـل ببعـض!».
الوطن
اقرأ أيضا: أسعار الخروف الحي تنخفض 25 بالمئة.. وأسعار اللحوم الحمراء على حالها