رسائل حافظ الأسد – صدام حسين السريّة الجزء 2
تناول الجزء الأول من الرسائل التي رُفعت عنها السرية ، مبادرة العراق لعودة العلاقات مع سوريا ، و ترحيب سوريا بالموضوع ، و بداية حذرة لعودة المياه لمجاريها بين البلدين .
و الآن سأعرض عليكم ملخص الجزء الثاني من الرسائل ، و أهم ما جاء فيه :
– نيسان 1996 ، الرئيس العراقي صدام حسين يرسل برقية عاجلة إلى الرئيس السوري حافظ الأسد طالباً منه عقد قمة طارئة على مستوى الرئاسة ، على خلفية العدوان الإسرائيلي على لبنان بعد معركة عناقيد الغضب .
– الرئيس العراقي خاطب الرئيس السوري قائلا :
” نتمنى منكم إعطائنا الفرصة للمشاركة بالتصدي للعدوان الإسرائيلي على لبنان ، إن إمكانيات العراق العسكرية تحت تصرفكم أخي الرئيس ، و نتمنى عقد قمة عاجلة على مستوى الرئاسة قبل عطلة العيد ”
– الرئيس السوري رد بالتحيّة للأخ الرئيس أبو عدي ، مؤكداً أن الوضع تحت السيطرة و قوى المقاومة و التحرر في طريقهم لتحقيق الانتصار في لبنان .
– الرئيس السوري قاد عملية مد جسور للعلاقات بين إيران و العراق ، و قد قابل الجانب العراقي الموضوع بترحيب حذر ، لكنه اصطدم بتباطؤ إيراني متكرر .
– الرئيس العراقي أعطى موافقته على مقترح سوريا تبادل النفط العراقي بالسلع الإيرانية كجزء من عملية فك الحصار عن العراق ، و أبلغ الجانب السوري أن العراق على استعداد لمد جسور تواصل مع إيران لكنه يصطدم بانقسام القيادة الإيرانية فيما بينها على فتح علاقات مع العراق و يقترح حل بديل .
– الرئيس صدام حسين يراسل الرئيس حافظ الأسد طالبا منه مد أنبوب نفط مباشر من البصرة في العراق إلى بانياس السورية ، لتصدير النفط العراقي عن طريق سوريا ، و الرئيس السوري يعطي موافقته .
– الرئيس السوري يراسل نظيره العراقي :
” إن قيام تعاون بين العراق وسوريا سيؤدي إلى تحسين مناخ العمل في المنطقة، ويبعث الأمل في نفوس الجماهير العربية، ويفشل التآمر الحالي الذي يستهدف سوريا والعراق وإيران معاً، خصوصاً بعد التحالف التركي – الإسرائيلي، والأردني – التركي، والذي يريد إحكام الطوق على سوريا والعراق معاً، إن التآمر التركي أصبح مكشوفاً، خصوصاً بعد أن تقدمت تركيا بعرض أن تتولى القيام بالاستكشاف الجوي على شمال العراق بدلاً من القوات الأميركية والبريطانية، و نحن ننظر إلى ذلك بمنتهى الخطورة، خصوصاً بعد الاتفاق العسكري التركي – الإسرائيلي، وذلك لأن المعلومات المجموعة عن العراق وسوريا ستكون في متناول السلطات الإسرائيلية ” .
– الوزير العراقي محمد سعيد الصحاف يزور دمشق و ينقل رسالة للرئيس الأسد مفادها حرص العراق على تسهيل الأمور و عدم وضع أي عراقيل بوجه مشروع إمداد النفط العراقي عبر سوريا ، مؤكداً أن العراق يعتبر الموضوع ذو أهمية استراتيجية كونه سيؤدي مباشرة لتخفيض مستوى العلاقات مع الأردن المشترك بالمؤامرة على العراق ، حيث لا حاجة للعراق بعدها بخط الشحن البري العراقي الاردني .
– بتاريخ 3 حزيران 1996 ، اجتماع رئيس جهاز أمن الرئاسة العراقي ” مانع رشيد ” و لقبه أبو أنس ، برئيس فرع الأمن العسكري بالحسكة محمد منصورة ، حيث قام العميد محمد منصورة بإبلاغ الجانب العراقي بوجود معلومات مؤكدة لدى الجانب السوري بتحركات أردنية على مستوى العشائر و الضباط المتقاعدين بهدف خلق تحرك مشبوه على خلفية عودة حسين كامل للعراق .
– الجانب العراقي يبلغ الجانب السوري بجاهزيته التامة للتصدي للتحرك الأردني المشبوه ، و يبلغه قرار تصفية حسين كامل لوأد خطة الملك حسين قبل بدايتها ، و أن العراق قام بتجهيز مجموعات إعدام تخت إشراف الحرس الجمهوري و هو جاهز لاستخدام سلاح استراتيجي في حال تدخل أي قوات أجنبية بعد بدء الأحداث المتوقعة .
– الرئيس العراقي يراسل الرئيس السوري قائلا :
” إن إطّلاع الآخرين على ما سيتم بين سوريا والعراق حالة إيجابية وضرورية، وليست حالة سلبية، وإطلاع إيران عمل إيجابي، رغم كونها دولة أجنبية، وهي تتعرض لضغوط والتنسيق معها مفيد، رغم أن نظرتهم للأمور نظرة قاصرة، لأنهم يريدون تحقيق (كل شيء أو لا شيء)، وحاولنا معهم كثيراً وحققنا بعض النجاح في إقامة علاقات، ولو بسيطة. وقلنا للإيرانيين: نحن جيران، أخطأتم التقدير والتصرف في كذا موضوع، ونحن أخطأنا أيضاً في موضوعات أخرى، ونرغب حالياً في إقامة علاقة طيبة، ونترك للزمن تطويرها باتجاه أفضل. لم يحلّوا مشكلة الأسرى، ولم يعيدوا الطائرات رغم محاولاتنا، وتلقينا بعض الإشارات الإيجابية، ثم السلبية، وهكذا ” .
– الرئيس الأسد يرد على الرئيس صدام بضرورة مواصلة الجهود لإعادة العلاقات مع إيران كـ حليف طبيعي بوجه العداء المشترك مع الغرب ، مؤكداً أن سوريا ستضغط بهذا الاتجاه لما فيه خير العراق .
– الرئيس صدام حسين يراسل الرئيس حافظ الأسد قائلا :
” الملك حسين مخطئ جداً لارتباطه بالأجنبي، وقلت للملك حسين أن يكون حراً في علاقاته ويتصرف وفق ما يسعد بلاده، ولا يؤذي العراق، ولكنه اختار العكس. لفت انتباهي رسالة الاعتذار من الملك حسين إلى الرئيس الأسد، وهي رسالة عجيبة، لأنها تدل على أنه أخطأ عن عمد، وأنه من الحكام الذين لا يخجلون مما يفعلون ”
و أضاف : ” أرجو أن يطمئن الرئيس حافظ أن ظروفنا صعبة، لكننا صبرنا، ونجم عن الصبر فاعلية في العمل الجاد، وتصميم على تجاوز الظروف، ويتحمل كل مواطن دوره، وأثبت المواطن مواطنيته” .
و أنهى صدام رسالته قائلا :
” إن موضوع مرور النفط عبر سوريا «قضية استراتيجية بالنسبة لنا، ولا نحسبها بالربح والخسارة أو غير ذلك من الأمور. المهم أن يمر النفط ويُشغَّل الخط ولو بألف برميل، تحسباً للمستقبل، ونتوقع أن يستمر تدفق النفط بكميات متزايدة» إننا مستعدون للتعاون في هذا المجال، ولإرسال وفد لإنجاز الإجراءات الشكلية اللازمة، وكذلك لدراسة الأمور الفنية والمتطلبات اللازمة لتجهيز الخط، ونأمل أن نتلقى الإجابة سريعاً».
انتهى الجزء الثاني .