ما قصة “مثلّث التوتّر” واستهداف روسيا؟!
نشرت شبكة “سكاي نيوز” تقريراً تناولت فيه دوافع استهداف تنظيم “داعش” الإرهابي لروسيا وتركّز هجماته في مناطق معيّنة فيها وذلك بعد إعلان جهاز الأمن الروسي إحباط عدد من الهجمات التي كانت عناصر تنظيم “داعش” الإرهابي بصدد تنفيذها.
ووفقاً للتقرير، فقد كان لافتاً أنّ الهجمات التي جرى إحباطها كانت تسعى لاستهداف العاصمة موسكو، بالإضافة إلى منطقة استراخان وجمهورية قباردينو بلقاريا، الواقعتان في منطقة القوقاز، التي تُعتبر الخاصرة الأمنية الرخوة بالنسبة لروسيا في مواجهة التنظيمات المتطرفة.
وكانت القوات الأمنية الروسية في أواخر شهر نيسان الماضي قد اعتقلت “إسلامبيك إجايف”، بتهمة دعم تنظيم داعش بمبلغ 34 مليون روبل (حوالى نصف مليون دولار)، وكان “أسلامبيك” يُدير مؤسسة “أمة” للإعلام والناشر، الأوسع انتشاراً في أوساط المسلمين في روسيا.
وتوصلت التحقيقات التي أعلنت عنها اللجنة التحقيقية فيما بعد إلى أنه كان ينفذ خطة دعائية لصالح التنظيم منذ عام 2012، وأنه عقد اجتماعات سرية مع نظرائه الآخرين من العديد من مناطق البلاد، منهم من ارتكبوا جرائم إرهابية أو ساهموا فيها، وأدت التحقيقات اللاحقة إلى كشف شبكات من عمل التنظيم في مختلف مناطق روسيا.
وقبل تلك الحادثة بأربعة أشهر فحسب، أعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي في شهر كانون الأول من العام الماضي إحباطه لهجمات منسقة في جمهورية داغسان القوقازية التابعة لروسيا، مشدداً على أن المخططين كانوا يستهدفون شن هجمات منسقة على مراكز وزارة الداخلية والبنوك والمدارس والمراكز الثقافية، وأن كمية الأسلحة التي تم العثور عليها في مدينة غروزني عاصمة جمهورية الشيشان فيما بعد، وبعد إلقاء القبض على المجموعة، كانت الأكبر التي يتم اكتشافها منذ سنوات طويلة.
وهكذا فإنه ثمة حوادث متزامة يُكشف عنها كل عدة أشهر تقريباً في روسيا، حتى أن مراقبي المشهد الروسي يعتبرون الأجهزة الأمنية الروسية تتجهز كل فترة لمواجهة موجة جديدة من الهجمات.
“مثلث التوتر”
تشكل الجمهوريات القوقازية الثلاث الشيشيان أنغوشيا وداغستان، ذات الأغلبية السكانية المُسلمة والمُرتبطة مع روسيا عبر اتحاد فيدرالي، مركزاً للأعمال التي يسعى تنظيم داعش الإرهابي لتنفيذها، إذ ينشر دعايته المتطرفة بين الأوساط الأقل تعليماً والأكثر هامشية من جاليات تلك الجمهوريات السوفيتية السابقة.
وتقول الباحثة والكاتبة الروسية المختصة بشؤون الإرهاب، تاتيانا ساباتشيه، لـ”سكاي نيوز”: ” يستفيد تنظيم داعش الإرهابي من ثلاثة عوامل متراكمة في تلك المنطقة، إذ ثمة وضع سياسي خاص لتلك الجمهوريات، تتعامل معها السلطات الإدارية والأمنية المركزية بحساسية بالغة”.
وتابعت: “كذلك فإن الظروف الاقتصادية هي الأقل بمثابة محرض ودافع تحفيزي، لأن التنظيم يستخدم مجموعة ضخمة من الأموال لإغراء أفقر الطبقات في تلك المناطق. فوق الأمرين فأن التنظيم يغذي الصراع الديني بين المسلمين والمسيحيين في البلاد، ويعمل بشكل منتظم للاصطياد في تلك الثنائية”.
آثار النقمة
المراقبون الروس لظاهرة الهجمات التي يسعى “داعش” لشنها في روسيا، ومن خلال تحليل مضامين الأدبيات والنقاشات التي تدور على المنصات الإعلامية القريبة من التنظيم المتطرف، استنتجوا بأن التنظيم يشعر بنوع “النقمة” تجاه روسيا، شيء شبيه بما كانت تشعر به التنظيمات المتطرفة اتجاه الولايات المتحدة في تسعينات القرن المنصرم.
فالأعضاء الفاعلون في التنظيم يعتقدون بأن روسيا كانت الفاعل الأكبر في القضاء على التنظيم في أكثر من منطقة من العالم، خاصة في سوريا. وأن بقاء روسيا بشن هجمات جوية على بقايا وخلايا التنظيم في المناطق الصحراوية من سوريا يزيد من مستويات تلك النقمة، وتحاول دوماً أخذ نوع من الثأر، وبالذات داخل روسيا.
التقديرات التي اعتبرت أن نسبة المقاتلين من حملة الجنسية الروسية في تنظيم داعش الإرهابي كانوا الأكبر على الإطلاق.
وتفيد بعض هذه التقديرات بأن النسبة تصل إلى ثلث المقاتلين الأجانب في صفوف داعش.
لكن الباحث الروسي في مركز جامعة فولغا، أندريه سمالايج، شرح في حديث مع “سكاي نيوز” إمكانية نجاح روسيا في مواجهة داعش.
وأوضح: “تعرف الأجهزة الأمنية الروسية بأن الأساس ليس في السيطرة أو القضاء عدد كبير من المتطرفين الحاليين من مواطني روسيا، لكن فقط بضبط ومراقبة الدعاية الدائمة التي تُرسل لمواطني روسيا لجذبهم وتجنيدهم إلى خلايا التنظيم، وهو أمر أصبح أكثر صعوبة خلال السنوات الماضية، بسبب انفجار أشكال الدعاية والتواصل خلال السنوات الماضية”.
وأضاف “الأمر الآخر يتعلق بالبدائية التي تتعامل بها وسائل الإعلام الروسية والأجهزة التربوية في التعامل مع الظاهرة”.
إقرأ أيضاً: حاملة الطائرات الروسية المحدثة تجلب مفاجآت للأعداء… وسوريا خير دليل
وكالات