هل حسم الأسدُ انتصارَه؟!
في العروبة والوطنيّة:
-يعتبر الرئيس الأسد أنّ هناك فرقاً بين العروبة وبين العرب، باعتبارهم أمّة أو باعتبارهم عرقاً، فهو يريد تثبيت أنّ العروبة حالة أكبر من العرق العربيّ، وأكبر من الأمّة العربيّة..
-فهو يرى أنّ العروبة مفهوم حضاريّ، أنتجته ظروف تاريخيّة هامة، اجتماعيّة واقتصادية ومعرفيّة واسعة، اقترن تاريخيّاً بالأمّة العربيّة، منذ الرسالة الإسلاميّة، وقيام الدولة العربيّة الإسلاميّة..
-يردّ الرئيس الأسد على بعض الذين يخلطون بين بعض الحكومات العربيّة، وبين العروبة، بأنّ الحكومات العربيّة لا تمثّل العروبة الحضاريّة، وإنّما تمثّل حالات سياسيّة، وأدواراً لعبتها بعض الجماعات والأفراد المحسوبين على الأمّة العربيّة، عرقاً!!..
-وهو يفصل بين العروبة الحضاريّة، بمعناها القيميّ، وبين العروبة السياسيّة، باعتبار أنّ العروبة السياسيّة هي عبارة عن نماذج سلطة، مرّت بتاريخ الحضارة العربيّة الإسلاميّة، لكنّها نماذج لا تعبّر عن كامل العروبة الحضاريّة، ولا يمكن أن تُختصر بها..
-يعتقد الرئيس الأسد أنّ قيَمَاً هائلة وكبيرة جدّاً، تحقّقت بفضل قيام دولة العرب المسلمين، فتحوّلت هذه القيم إلى جاذبٍ إنسانيّ، معرفيّاً وأخلاقيّاً وروحيّاً وأدبيّاً وعلميّاً، وشكّلت حلقة مهمة في البنيّة التحتيّة لتطوّر العالم، وعلى جميع المستويات..
-وسيادتُه عندما يدعو للتمسّك بالعروبة، فهو يدعو للتمسّك بالنمط الحضاريّ الذي أنتجته الدولة العربيّة، وبالقيمة الحضاريّة الهامة التي أنتجتها الحضارة العربيّة الإسلاميّة، خلال فصولها المتلاحقة، بعيداً عمّا حصل في سلطة الدولة، وفي مطبخ الخلافة والوراثة، والتي يعتبرها عروبة سياسيّة لا يمكن الأخذ بها، أو الحكم على العروبة الحضاريّة من خلالها، أو حتّى اختصار العروبة الحضاريّة بها..
-العروبة عند الرئيس الأسد نمط قيمة خاص، يجب التمسّك به، من قبل ورثة الحضارة العربيّة الإسلاميّة، وهؤلاء الورثة ليسوا بالضرورة جميعهم من العرب عرقاً، وإنّما منهم العرب ومنهم الفرس ومنهم الأكراد ومنهم بعض الشعوب الأخرى التي ساهمت بقيام الدولة، وإنتاج قيمتها الحضاريّة..
-في حين أنّه يرى الوطنيّة نمط وجود عامّاً، وهو لا يخصّ السوريّين فقط، بمقدار ما يخصّ جميع أهل الأرض، باعتباره العلاقة الخاصة بين كلّ مواطن والوطن الذي ينتمي له..
-وهنا يرى الرئيس الأسد، خاصة في إطلالاتٍ سابقةٍ، أنّ معيار قيمة الوطنيّة عند عامة المواطنين، غير متساوية، فهي متفاوتة، وهو يقرنها بالمعرفة، فكلّما ازدادت المعرفة عند الأفراد، كلّما ازداد معيار الوطنيّة عندهم، في حين أنّها تتراجع عندما تتراجع المعرفة، وفي أوساط الجهل، تتراجع قيمة الوطنيّة ونسبتها، إلى حدودها الدنيا..
-في خطاب القَسَم، لفت الرئيس الأسد إلى واحدةٍ هامةٍ في هذا السياق، خاصة عندما فصّل في ربط المعرفة بالوطنيّة، حيث أشار إلى أن الوطنيّة ترتقي عندما يرتقي المواطن معرفيّاً، وعندما يكون له رأيه في كلّ الحالات والظواهر المجتمعيّة، من فهمه ومحاكمته للتاريخ، إلى فهمه للدين وللعقيدة، وعلاقة كلّ منها بالمجتمع، مروراً بمفاهيم اجتماعيّة وروحيّة عديدة..
-لهذا فإنّ مفهوم الخيانة يظهر عند الأفراد الذين يمتلكون المعرفة، أكثر من الأفراد الذين تتراجع لديهم المعرفة، باعتبار أنّ الخيانة ليست رأياً، أو جهة نظر، وإنّما هي موقف فردٍ واعٍ بفعل الخيانة ذاته..
“يتبع”..
خالد العبود
اقرأ ايضاً:وزيرة تفرض رسوماً على من يرغب في التقاط “سيلفي” معها