السبت , نوفمبر 23 2024

درعا وخلفية التحركات الأخيرة.. أهداف مشبوهة

درعا وخلفية التحركات الأخيرة.. أهداف مشبوهة

الدكتور حسن مرهج
لا مجال للشك بأن ملف درعا في جنوب سورية، له حساسية سياسية وجغرافية، نظرا لقرب درعا من الحدود الفلسطينية، الأمر الذي يضع كافة اللاعبين الإقليمية والدوليين، أمام مقاربة تختلف نوعاً ما، عن باقي مناطق الجغرافية السورية، وعطفاً على ذلك، فإن درعا تُعد وبحسب مراقبي الشأن السوري، بوابة ما سُمي “الثورة السورية”، الأمر الذي يعطي محافظة درعا بُعداً مرتبط وبشكل مباشر، بالأجندات الإقليمية والدولية التي حيكت ولا تزال ضد الدولة السورية، لكن في المقابل، فإن درعا تلك المحافظة الوادعة ذات الخيرات الكثيرة، وأهلها الذين يتمتعون بالطيب والكرم والأصالة، لا يُمكن أن تبقى رهينة الصراعات الإقليمية والدولية، ولابد في المقابل، أن تعود المحافظة كاملة، للسلطة السورية، وهذا ما يريده أنباء تلك المحافظة، والتي رفض أهلها الشرفاء كل ما يجري في محافظتهم، وضاقوا ذرعاً بممارسات غريبة عنهم.
في صيف عام 2018، وبمبادرة روسية، تم التوصل إلى اتفاق مع مسلحي درعا، يقضي بتسليم كافة المسلحين لأسلحتهم الثقيلة والمتوسطة، وتم نقلهم بموجب الاتفاق إلى محافظة إدلب، كما سلمت خلال الاتفاقية عدد من الجماعات المسلحة بعض الأسلحة الثقيلة، لكنها فضلت الانضمام إلى عملية المصالحة الوطنية والبقاء في المناطق الجنوبية بقبول شروط موسكو ودمشق ووفق معايير معينة، وكذلك تأمين أجزاء من محافظة درعا بمشاركة القوات الروسية والسورية.
خلال العامين الماضيين، ساد هدوء نسبي في الجنوب السوري، لكن عناصر مسلحة خرقت الاتفاق مع حكومتي موسكو ودمشق بذرائع مختلفة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة عدد من قوات الجيش السوري في هجمات متفرقة واغتيالات عمياء.
ورغم عودة الإرهاب بصوره وعناوينه المختلفة إلى درعا وأبناؤها، إلا أن الدولة السورية أبدت حُسن نيتها من خلال معادلة الصبر الإستراتيجي، وبالتوازي فقد حاول الوسيط الروسي، منع عودة الأعمال العسكرية إلى محافظة درعا، لحسابات مرتبطة بمصالح إقليمية ودولية، مع الخشية من تداعيات أي عمل عسكري في درعا، من شأنه إعادة الأوضاع إلى مربعها الأول، ورغم ذلك، فإن الفصائل الإرهابية استمرت في عملياتها ضد الجيش السوري، واستمرت أيضاً بنقض بنود الاتفاق الذي وُقع عام 2018.
ما حدث مؤخراً في درعا، يتخلص بقيام الإرهابيين وبضوء أخضر أمريكي وغربي، بالاعتداء على حواجز الجيش السوري، واستهداف طرق الإمداد العسكري عبر عبوات ناسفة، الأمر الذي خلق حالة من عدم الاستقرار وانعدام الأمن، فضلاً عن الحوادث الأمنية التي طالت المدنيين، وخاصة أولئك الذي يعملون في المصالحة الوطنية، كل ما سبق، لم يحدث إلا بعد مساعدة استخباراتية ولوجستية من الولايات المتحدة وبعض الأنظمة الإقليمية، الأمر الذي لم يعد ممكناً السكوت عنه من قبل الدولة السورية.
في القادم من الأيام، ستكون هناك تطورات متسارعة في ما يتعلق بملف درعا، وكذا عموم الجنوب السوري، لكن لابد من الإضاءة على جُزئية تتعلق بمسار التطورات في درعا، والتي تؤكد بأن الجماعات الإرهابية لا ترغب بتلبية مطالب دمشق وموسكو، وما يؤكد هذه المقاربة، عودة تلك الفصائل الإرهابية وبأوامر إقليمية ودولية، للمطالبة بخروج الجماعات المدعومة من إيران من المناطق الجنوبية، لكن هذه أحد المزاعم التي لا أساس لها من الصحة، والتي تدعيها الجماعات المسلحة في محافظة درعا، والتي تنفيها جملة وتفصيلا دمشق وموسكو، لكن ترغب الفصائل الإرهابية وداعميها في درعا، ومن خلال تلك الادعاءات، بخلق فتنة جديدة.
ولا بد من التنويه في هذا الإطار، إلى أنه ومع تزايد تحركات الجماعات الإرهابية، يجب على الجيش السوري تأمين مناطق مهمة واستراتيجية بشكل كامل، بما في ذلك طفس وداعل، حيث تقع هاتان المدينتان على طول طريق دمشق- درعا الرئيس، ويمكن للمسلحين بهجماتهم تعريض امن هذا الطريق للخطر، ومن الممكن أن تقوم تلك المجموعات في المستقبل القريب، وبمساعدة مباشرة من المحور الأمريكي، بإغلاق الطريق الاستراتيجي “دمشق – درعا”، ومهاجمة المناطق الوسطى والجنوبية لمحافظة درعا ومركز محافظة مدينة درعا وإعادة احتلالها، ما يعني ضرورة أن يكون هناك عمل عسكري استباقي شامل وواسع، بُغية كسر المخطط الإرهابي، الذي يُحاك ضد الدولة السورية أولاً، وضد درعا وأهلها ثانياً.
رأي اليوم