الأربعاء , سبتمبر 4 2024
شام تايمز
اللاذقية السورية تحتضن أول تلفريك سياحي على الحدود التركية... فيديو

اللاذقية السورية تحتضن أول تلفريك سياحي على الحدود التركية… فيديو

شام تايمز

اللاذقية السورية تحتضن أول تلفريك سياحي على الحدود التركية… فيديو

شام تايمز

بعد سنوات طويلة من الحلم الذي رافقهما لأربعين عاماً، نجح الأخوان السوريان، أوهان وجورج بدوريان، بإنشاء “تلفريك” في بلدتهما “كسب” الواقعة على الحدود السورية – التركية، أملا بأن يصبح قبلة المصطافين للتمتع بخوض هذه التجربة بين خبايا الطبيعة الساحرة للبلدة التي بدأت تستعيد نشاطها السياحي تدريجياً، عقب تحريرها من الإرهاب.

شام تايمز

عملهما كمهندسي محولات كهربائية، شرّع لهما الباب واسعاً أمام تحقيق حلمهما الذي أراداه مشروعاً للتقاعد، فبعد أن استطاعا استيراد بعض التجهيزات

التي لم يستطيعا تصنيعها محليا، كان إنجاز مشروع التلفريك هيناً على الأخوين اللذين استثمرا فيه كل خبرات السنين الطويلة، مدعّمة بالشغف واللهفة ليصير الحلم واقعاً.

كان من المفروض أن يبصر “تلفريك كسب” النور قبل نحو ثمانية أعوام، عندما انتهى الأخوان بدوريان من إنشائه وكانا بصدد تجريبه، لكن اجتياح المجموعات الإرهابية متعددة الجنسيات من “ألبان وصينيين وذئاب رمادية” للبلدة عبر الحدود التركية، دمّر حلم السنين الطويلة بعد أن تعرض للنهب والتهريب.

بعينيين دامعتين تارة وابتسامة عريضة تارة أخرى، تستحضر ملامح أوهان بدوريان كل تجارب وعثرات السنين الماضية بحلوها ومرها، وهو يرسم ويحلم بكل تفصيل في مشروعه الذي تجاوز مساحة المشتهى وبات حقيقة أمام عينه.

ويروي جورج بدوريان لـ”سبوتنيك”: قبل 15 عاماً، بدأت أنا وأخي بتنفيذ حلمنا بإنشاء تلفريك، وقد تجاوزنا معاً الكثير من الصعوبات لناحية شراء عقارات تقع ضمن المسار المستقيم الذي سيمر فوقه خط التلفريك، باعتبار أنه من الممنوع المرور من فوق عقارات الغير بدون موافقتهم، وبعد ذلك قمنا بشراء التجهيزات والمعدات اللازمة من محركات وكابلات وكبائن.

ويضيف بدوريان: في عام 2014 انتهينا من تنفيذ المشروع، وكنا بصدد البدء به عندما اجتاحت المجموعات الإرهابية (المسلحين الصينيين والألبان) بلدتنا عبر الحدود التركية، واضطررنا للنزوح.

وتقع بلدة “كسب” على بعد مئات الأمتار من الحدود التركية التي تتحلق حولها من 3 جهات: شمالا وغربا وشرقا.

ملامح بدوريان استبقت كلماته لتشي بمرارة ما كان يحاول استحضاره من ذاكرته لتكملة ما حدث معه، ليشرح بغصة: بعد تهجير أربعة أشهر، عدنا إلى كسب بعد تحرير البلدة من الإرهاب، وكانت صدمتي كبيرة عندما رأيت الخراب دمّر حلمي، فالمعدات التي استطاع الإرهابيون حملها قاموا بسرقتها، والتي فشلوا بنقلها خربوها ودمروها، مشيراً إلى سرقة مولدات، محركات، كابلات، كبائن، لافتا إلى أنه بلغت قيمة خسارته آنذاك 100 مليون ليرة سورية.

الأكثر مرارة من الخسارة المادية، حسب بدوريان، هو ضياع فرحة اكتمال الحلم الذي تبدد فجأة وكأنه لم يكن.

بدوريان كان أمام خيارين، إما نسيان مشروع تلفريك والتفكير بحلم آخر أو إعادة إحيائه، إذ يقول: آنذاك كنت أستطيع أن أغادر كسب وأبدأ من جديد خارج سوريا، ولكني لم أستطع أن أغادر وأتخلى عن حلمي الذي أسست له هنا على هذه الأرض.

ويضيف بدوريان: الخوف من عودة الكرة لهجوم الإرهابيين، جعلني أتريث قبل البدء من جديد بمشروع تلفريك، وقبل أربعة أشهر قررت أنا وأخي إحياء هذا المشروع والبدء من نقطة الصفر، وبالفعل قمنا بشراء التجهيزات والمعدات ونفذنا مشروع تلفريك الذي بات حقيقة.

وتعد “كسب” واحدة من أجمل المصايف السورية، وهي تتربع على سفوح الجبل الأقرع وتطل على البحر الأبيض المتوسط، ويمر الطريق المؤدي إليها من اللاذقية عبر غابات ومحميات جبال الساحل السوري وأشجار الزيتون والتفاح وشجر الغار.

ورغم الاعتقاد السائد بأنها بلدة حديثة، إلا أن البعثات عثرت في “كسب” على آثار تعود إلى ما قبل الميلاد، وهي تحتفظ بالعديد من الكنائس والمباني الأثرية.

حلم العمر

شرارة الحلم التي تملّكت بدوريان لإنشاء تلفريك، كانت قبل أكثر من أربعين عاماً عندما زار لبنان بعمر 19 عاماً، إذ يروي لـ”سبوتنيك”: أكثر ما شد انتباهي حينها هو مشروع تلفريك، فكانت ومضة الحلم الأولى التي تقاسمتها مع شقيقي جورج لننسج أولى خيوط المشروع، ونكرر زياراتنا إلى لبنان حيث التقينا المهندسين هناك واطلعنا على كيفية إنشاء المشروع بكافة تفاصيله، مشيراً إلى أن عملهما كمهندسي محولات كهربائية سهّل عليهما الكثير في تنفيذ المشروع.

الحلم الصغير الكبير كان يحتاج للكثير من المال، ولم يكن بحوزة الشقيقيين آنذاك ما يكفي لجعل الحلم حقيقة، ويضيف بدوريان: سافرت إلى السعودية وعملت هناك لسنوات، حيث جمعت المال ثم عدت إلى بلدتي كسب وبدأت بأولى خطوات تحقيق حلمي الذي لم يفارقني يوماً بل كان حافزي الدائم على العمل للعودة إلى بلدي والبدء بتنفيذ مشروع تلفريك.

ويتابع الحديث بشغف وهو ينظر باتجاه الزوار الذين ينتظرون أن يحين دورهم لتجربة تلفريك: لا أعرف إن كنتم تصدقون أنني كنت أحلم حتى بهذا المشهد الذي ينتظر الناس فيه دورهم للصعود الى تلفريك وينظرون إلي باعجاب لأنني أدخلت هذا المشروع السياحي إلى سوريا، خاصة إلى كسب لنقول للعالم بأسره أن الحياة أقوى من الإرهاب وأننا لن نتخلى عن أرضنا وأننا سنترجم أحلامنا إلى واقع يساعد بنهضة بلادنا.

عن الصعوبات التي يعاني منها، أشار بدوريان إلى الانقطاع الطويل في الكهرباء نتيجة الحصار والعقوبات، ما يجعلهم في حاجة دائمة لشراء المازوت وتشغيل المولدات.

ولفت بدوريان إلى وجود إقبال كبير من الزوار وخاصة يومي الجمعة والسبت حيث تكون أعداد الزوار كبيرة مقارنة ببقية أيام الأسبوع.

مشروع التقاعد

بالشغف ذاته يتحدث جورج بدوريان شقيق أوهان، وشريكه في مشروع التلفريك: كان حلمنا الذي رافقنا منذ كنا شباناً لم تتجاوز اعمارنا عشرين عاماً، وكبر الحلم معنا حتى تحقق أخيراً رغم كل الظروف التي تعاني منها البلاد من حصار وعقوبات.

ويضيف: كنا نريده أن يكون مشروعنا التقاعدي في بلدتنا التي تستحق أن تحتضن هكذا مشروع لما تتمتع به من طبيعة ساحرة ومناخ معتدل تستقطب ااسياح من جميع المحافظات، معرباً عن تفاؤله بأن الأيام القادمة ستكون أجمل وستستقطب كسب الزوار حتى من خارج سوريا كما كانت سابقاً.

رغم بساطة المشروع بهيئته الحالية، إلا أن بدوريان يشرح عنه بشغف حيث أشار إلى وجود أربع قاطرات، تسيران وفق خط مستقيم بطول 400 متر، كل اثنتين تسيران بوجهة مختلفة وبنفس التوقيت، ويربط المسار المستقيم للتلفريك بين تل اسكوران وتل قرية الصخرة المقابلة له ويتوسطهما واد.

وأكد بدوريان أن التلفريك آمن مئة في المئة، فقد تم إجراء تجارب لمدة 10 أيام متواصلة للتأكد من جاهزيته قبل إتاحته للزوار، مبيناً أنه تم إجراء تجارب باختبارات وأوزان مضاعفة، مدللاً بأنه تم وضع 600 كيلو غرام في كل قاطرة رغم أن الوزن المحدد لكل قاطرة 300 كيلوغرام، كما تم إجراء اختبار قطع الكهرباء فجأة عن القاطرات أثناء سيرها على مسارها ومن ثم تشغيل المولدة الكهربائية، مؤكداً أنه تم اجتياز جميع الاختبارات بنجاح.

بداية لتنشيط السياحة في كسب

إيلينا بيطار أحد الزوار، قالت لـ”سبوتنيك”: كسب بلدة ساحرة تشمل قبلة السياحة الحبلية في اللاذقية حيث تتمتع بالطبيعة الخلابة والطقس البارد، وتضيف: جئنا اليوم إلى كسب لنعيش تجربة تلفريك وبالفعل كانت تجربة جميلة جداً حيث شعرت وانا انظر من نوافذ القاطرة أني أحلق في السماء، واصفة المشروع بأنه مهم جداً لتنشيط السياحة في كسب.

بدوره، قال الزائر عمر قعقع من محافظة حماه: لم أتوقع أن يكون تلفريك بهذه الدقة والجودة في التصميم، أنا مهندس ميكانيك اطلعت بداية على الكابلات والبكرات، ولو لم اتأكد من أنه متقن وآمن مئة في المئة ما كنت صعدت أنا وعائلتي، بالفعل كانت رحلة قصيرة مشوقة.

من جهته، قال جاك داؤود مغترب سوري يعيش في روسيا: مشروع جميل كتير، ويشكل بداية مهمة لتنشيط السياحة في اللاذقية وخاصة في كسب، آملاً أن يكون هذا المشروع بداية لمشروع أكبر، داعياً إلى تعميم التجربة في أكثر من منطقة على امتداد الجغرافية السورية.

سبوتنيك

اقرأ ايضاً:تداعيات جرصة جامعة الفرات.. إيقاف الدكتور عن العمل وبدء البحث عن “رورو”

شام تايمز
شام تايمز