هل سمعت بالمرأة التي نجت قبل 40 عامًا بعد أن تجمدت تماما لست ساعات؟
تعود أحداث القصة إلى عام 1980 في ولاية مينيسوتا الأمريكية، حين عثر رجل يدعى والي نيلسون على جثة مستلقية في الثلج على بعد أمتار قليلة من باب بيته.
الجثة كانت تعود لفتاة تدعى جان هيليارد وتبلغ من العمر 19 عامًا، كانت عائدة إلى منزل والديها، في درجة حرارة تحت الـ 30 مئوية. كانت ذاهبة لطلب مساعدة صديقتها، وفي نقطة ما وعند عودتها تعثرت وفقدت الوعي. لمدة ست ساعات كان جسد هيليارد مستلقيًا في الثلج القارص، ليجعلها “مجمدة صلبة”.
قال نيلسون بعد سنوات في مقابلة إذاعية “أمسكتها من ياقتها وقمت بجرها إلى الشرفة” “اعتقدت أنها ميتة، كانت متجمدة أكثر من اللوح الجليدي، لكنني رأيت بضع فقاعات تخرج من أنفها”.
وبفضل استجابة نيسلون السريعة، عاشت هيليارد لتصبح قصتها جزءًا من المعرفة الطبية والفضول العلمي.
ولكن كيف يمكن للجسد أن يعيش متجمدًا لست ساعات؟
إدراكنا أن انخفاض حرارة الجسم الشديد لا يعني بالضرورة نهاية الحياة أصبح أساس العلاجات. في ظل ظروف خاضعة للرقابة يمكن أن يؤدي خفض درجة حرارة الجسم إلى إبطاء عملية التمثيل الغذائي وتقليل استهلاك الجسم النهم للأكسجين.
في الأوساط الطبية – وفي حالات نادرة – يمكن للجسم البارد أن يقلل من سرعة عملية الاحتضار لمدة كافية للتعامل مع النبض المنخفض لفترة من الوقت.
في قصة هيليارد، كانت درجة حرارة جسمها بالكاد 27 درجة مئوية أي أقل بـ 10 درجات كاملة من درجة حرارة جسم الإنسان السليم. وكان وجهها شاحبًا، وعيناها متصلبتان وبحسب ما ورد كان جلدها متجمدًا للغاية بحيث لا يمكن ثقبه بإبرة.
وبحسب ما قاله جورج ساثر الطبيب الذي عالجها “كان الجسد باردًا متصلبًا تمامًا مثل قطعة لحم خرجت من التجميد”.
ومع ذلك في غضون ساعات قليلة بعد تدفئته بواسطة وسادات التدفئة عاد جسد هيليارد إلى حالته الصحية. وكانت تتحدث بحلول الظهيرة وسرعان ما خرجت لتكمل حياتها، غير متأثرة بالليلة التي كانت فيها كمثلجات بشرية.
ما هو موقف علم الأحياء من هذه المسألة؟
على عكس العديد من المواد السائلة، فإن الماء عندما يتجمد يأخذ حجمًا أكبر من حجمه كسائل. وهو أمر سيئ لأنسجة الجسم التي تتعرض للبرد، حيث أن ما تحتويه من سوائل قد تعرضها لخطر التورم إلى درجة التمزق أو تحوله إلى بقع سوداء من الجلد الميت والعضلات، وهو ما نعرفه عادة باسم لسعة الصقيع.
وبما أنه لم يكن هناك أكثر من الملاحظات الخارجية كان من الصعب أن نقول على وجه اليقين كيف قاوم جسم هيليارد التجمد. هل كان هناك شيء فريد في كيمياء جسدها؟ أو طريقة تكوين أنسجتها؟
وعلى الرغم من انخفاض درجة حرارة جسدها، إلا أنها كانت لا تزال أعلى بكثير من درجة التجمد.
وحقيقة أن جسم هيليارد كان متصلبًا هي علامة شائعة على انخفاض درجة حرارة الجسم الشديد، حيث تزداد صلابة العضلات إلى الحد الذي يمكن أن يشبه تصلب جثث الموتى.
وكون أن جسدها كان باردًا وأبيض وعيناها بدتا زجاجيتين و متصلبتين، قد لا يكون مفاجئًا أيضًا. حيث أن الجسم سيعمل على إغلاق قنوات الأوعية الدموية تحت الجلد للحفاظ على عمل الأعضاء مما يؤدي إلى برودة الجسم وشحوبه.
وبغض النظر عن الروايات الأخرى، لا يسعنا إلا التفكر والتأمل بجسد هيليارد الفريد بشكل غريب الذي استطاع تحمل مثل هذا التغيير. كما لا يوجد أدنى شك في أنها كانت محظوظة للغاية للعودة للحياة.
كلما عرفنا المزيد عن الأشياء المدهشة التي يمكن لجسم الإنسان فعلها، قل اعتمادنا على الحظ لإنقاذ أرواح أشخاص مثلها في المستقبل و أحرزنا المزيد على التقدم في الطب و الاستجابات السريعة.
عربي21
اقرأ ايضاً:باحثون يكتشفون النظام الغذائي الخاص بالرومان القدماء