هل بات “التطبيع” مع سوريا امرا واقعاً؟
علي منتش
بالرغم من كل التسريبات التي تعلن ان وفدا وزاريا لبنانيا يستعد لزيارة العاصمة السورية دمشق من اجل بحث مسألة جر الكهرباء من مصر الى لبنان عبر الاردن وسوريا ، الا ان الشكل الذي يعطى لهذه الزيارة لبنانيا، فيه الكثيرة من الالتباس السياسي.
ربط المسؤولون اللبنانيون زيارة دمشق بقضية واحدة فقط هي مسألة الكهرباء، محاولين الايحاء بأن ما بحصل ليس “تطبيعا” سياسيا مع دمشق بل مجرد تفاعل مع المسعى الاميركي المرتبط بالكهرباء والغاز.
الا ان العارفين بالجو السوري يقولون ان سوريا اليوم ليست ذاتها سوريا الامس، ويتابعون قائلين، مَنْ قال ان دمشق ستتعاطى بلامبالاة مع تظهير الزيارة لبنانياً؟ ومن قال انها لا تريد مقابلا من مرور الكهرباء الاردنية والغاز المصري عبر اراضيها؟ سوريا اليوم، وبحسب مصادر مطلعة ستكون لها شروط علنية وضمنية لتسهيل اقتراح السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا، وقد لا تقبل بمجرد زيارة خجولة لرفع العتب.
لكن يبدو ان المسار السياسي العام في الاقليم قد سبق لبنان، اذ ان العلاقات السياسية بين دول الخليج وسوريا تسير بشكل مستقر والسفارات فتحت، كما ان دولا في الاتحاد الاوروبي تعيد فتح سفاراتها في العاصمة السورية، في حين لا يزال لبنان مرتابا من اي خطوة جدية بشأن علاقته مع سوريا.
ليس معلوما ماذا سيكون عليه مصير اقتراح شيا الكهربائي، لكن الاكيد ان ضغوطا سياسية ستمارس في المرحلة المقبلة من قبل “حزب الله” ورئيس الجمهورية ميشال عون من اجل استعادة العلاقة الطبيعية مع دمشق، سواء سار اقتراح شيا نحو التنفيذ العملاني او لم ينجح .
قبل الاحداث الاخيرة، وقبل السفينة الايرانية وتصريح السفيرة، حاولت حكومة تصريف الاعمال القيام بخطوة جدية تجاه دمشق لكن العراقيل جاءت من داخل الحكومة حيث تمت فرملة الخطوة، لكن عملية الانقاذ الاقتصادية ليست مرتبطة فقط بجر الكهرباء.
من الواضح ان واقع التعامل الاقليمي مع سوريا سيتبدل بسرعة خلال الاشهر المقبلة، الامر الذي سيفتح باب الاسئلة امام لبنان الرسمي، عن امكانية التعاطي الجدي الايجابي مع دمشق، ما سيشكل مدخلا واقعيا للمشاركة في اعادة الاعمار فيها وللاستفادة من موقعها الجغرافي للتواصل مع العمق العربي تجاريا.
لبنان 24