تزايد الجرائم في مناطق سيطرة الجيش الأمريكي شرقي سوريا
سجلت مناطق سيطرة الجيش الأمريكي والمسلحين الموالين له في تنظيم “قسد” بمحافظة الحسكة السورية، ازديادا كبيرا في نسب جرائم الخطف والقتل والسرقة ومظاهر الفلتان الأمني والفوضى، على الرغم من الانتشار الكثيف لحواجز ودوريات مسلحي التنظيم.
وأفاد مراسل “سبوتنيك” في محافظة الحسكة بأن مناطق سيطرة المسلحين الموالين للجيش الأمريكي في مناطق شرقي سوريا، التي تتعرض لجرائم نهب منظمة لثرواتها، أصبحت بيئة خصبة لجرائم القتل والخطف بهدف السرقة والسلب مع انتشار المخدرات والحبوب المخدرة ومادة الحشيش بشكل علني، وباتت هذه الأعمال هاجساً يؤرق الأهالي الذين يقصدون المدينة للتزود بحاجياتهم خلال ساعات النهار، في حين لا يمكنهم الخروج ليلاً من قراهم لأن جميع الطرق وبكل الاتجاهات غير آمنة.
وأكدت مصادر محلية لــ”سبوتنيك” أنه خلال الأيام القليلة الماضية سجلت محافظة الحسكة حوادث جنائية وأمنية تثبت تدهور الواقع الحالي من أعمال سلب بوضح النهار عن طريق إقامة حواجز مفاجئة (سيارة) على الطرقات من قبل مسلحين تابعين لتنظيم “قسد”، حيث أقدموا على سلب ونهب عدد من المواطنين أجهزة خلوية ومبالغ مالية بعد توقيف سياراتهم على الطرقات العامة.
تفشي جرائم القتل
وأفادت مصادر محلية بمحافظة الحسكة لــ”سبوتنيك” أن مدينة الحسكة وريفها سجلت جريمتي قتل خلال يومي الخميس والجمعة، وسبقهما حالة طعن وسلب تعرضت لها شابة من ذوي الإعاقة في حي المشيرفة بمدينة الحسكة بطريقة متوحشة من قبل أشخاص يتعاطون المخدرات ومنتسبين لقوات “الأسايش” وهي الذراع الأمني لتنظيم “قسد”.
وتابعت المصادر بأنه عُثِر صباح الجمعة 3 أيلول/ سبتمبر، على جثة سليمان رمضان الحمادي على طريق الحسكة – الدرباسية القديم، بالقرب من جسم السد الشرقي بريف الحسكة الشمالي، هو من مواليد 1959، وكان شرطيا متقاعدا، ويعمل سائق سيارة أجرة في مدينة الحسكة، وكان قد خرج في طلبٍ خاص خارج مدينة الحسكة.
كما أضافت المصادر بأنّه تمّ فقدان الاتصال معه بعد خروجه من المدينة بمدةٍ قصيرة، وتمّ العثور على جثته مرميّةً على طريق السد في ريف الحسكة الشمالي.
وعُثِر صباح يوم الخميس الماضي على جثة السيدة فاطمة شيخموس أحمد، من سكان حي العزيزية بمدينة الحسكة، على طريق الحسكة – عامودا شمالي الحسكة مقتولة بطلق ناري في البطن في وضح النهار.
وقال مصدر من عائلة المغدورة لمراسل “سبوتنيك” أنّه تمّ العثور على جثة فاطمة شيخموس أحمد عند مفرق بكو على طريق الحسكة – عامودا، مرمية بعد قتلها بطلق ناري مع سرقة مصاغها الذهبي ومبالغ من المال، موضحاً أنّها استقلّت سيارة خصوصيّة للعودة إلى مدينة الحسكة حيث أنّها كانت في زيارةٍ بمدينة القامشلي، لتتعرّض للخطف وسرقة مصاغها ومن ثم قتلها ورمي جثتها في المكان المذكور، محملاً تنظيم “قسد” المسؤولية الأخلاقية عن الجريمة لوجود عشرات الحواجز التابعة له على الطريق.
أما يوم الأربعاء الماضي فقد عثر على الفتاة آية سليمان الهجيج من سكان حي المشيرفة وهي من ذوي الإعاقة مرمية في غرفة مهجورة بعد تعرضها للطعن بالرقبة والضرب على الرأس ما سبب لها نزيفا حادا. وبينت مصادر محلية لــ”سبوتنيك” أن الفتاة آية ترقد في العناية المشددة حالياً في أحد مشافي مدينة الحسكة الخاصة بعد تعرضها للضرب والطعن من قبل عدد من الأشخاص بينهم منتسبي قوات “الأسايش”من جوار ذويه بهدف سرقة جهاز جوال ومصاغ ذهبي.
وقبل أيام لفتت مصادر إلى أن مجهولين خطفوا مدنياً من أبناء حي الصالحية في مدينة الحسكة وعثر عليه مقتولاً ومقطعاً إلى أشلاء عند مقبرة حي غويران الأمر الذي أثار الخوف والذعر بين السكان في المنطقة.
السرقة في وضح النهار
وأضافت المصادر أن عدداً من حوادث السرقة تتم عبر الدراجات النارية حيث يقوم لصوص بسرقة الحقائب النسائية والجوالات من المارة على مقربة من قوات ما يسمى (الأسايش) إضافة إلى حوادث أخرى سجلت لنساء امتهن السرقة من محلات الصاغة والعديد من الفيديوهات التي نشرت تبين كيف تقوم النساء بالسرقة من هذه المحلات عدا عن تعرض فعاليات اقتصادية كبيرة للسرقة رغم أن حواجز تنظيم”قسد” لا تبعد عنها أمتاراً قليلة.
وبحسب المصادر فإن تفشي حالات الفلتان الأمني في مناطق سيطرة تنظيم “قسد” ناتج عن تواطؤ ومشاركة مسلحي التنظيم مع مجموعات بدأت تأخذ شكل مجموعات منظمة ترتبط في النهاية مع مسلحين أو متنفذين في التنظيم تقوم بارتكاب جرائمها في وضح النهار دون خوف.
وقد سجلت أحياء العمران والنشوة الشرقية وغويران والنشوة الغربية والزهور في مدينة الحسكة أكثر من 100 حالة سرقة وسطو مسلح في يوم واحد، وترافقت هذه المظاهر مع انتشار كبير للحبوب المخدرة التي باتت تجارة رائجة في ظل انعدام الضوابط واختفاء القانون.
المخدرات في كل مكان
وانتشرت مؤخّراً وبشكلٍ كبير، ظاهرة تعاطي الحبوب المخدّرة ومادة الحشيش بين فئة الشباب في مدينة الحسكة، حيث تنتشر تجارة المواد المخدرة في سوريا بشكلٍ عام، إذ تشكّل هذه التجارة بوصلة تربط المجموعات المسلحة ببعضها، وتوفّر مردوداً مالياً جيداً لهم.
ويُعتبر تنظيم “قسد” الموالي للجيش الأمريكي، ومناطق سيطرته من أبرز المزوّدين لهذا المجال عبر وكلاء وتجّار محليين، عبر الحدود الشمالية والشرقية من سوريا، وينتشر تداول المواد المخدرة في مناطق “قسد” في شمال شرق سوريا (دير الزور والرقة) بشكلٍ مباشر، حيث يتمّ استيراد الحبوب المخدّرة كالكبتاغون والتفاحة إلى مناطق سيطرة قسد عبر مهربين مرتبطين بشكل مباشر مع قياديين في التنظيم، بحسب مصادر محلية لــ”سبوتنيك”.
وقال أحد سكان حي الغزل بمدينة الحسكة فضل عدم الكشف عن اسمه لمراسل “سبوتنيك”: انتشرت ظاهرة بيع المواد المخدّرة والحشيش بشكلٍ شبه علني في مدينة الحسكة، حيث يعتمد التجّار على البنات المراهقات في بيعها مما يسهل عليهن توريط فئة الشباب، أو عبر عناصر وحدات تنظيم”قسد” العسكرية والأمنية.
وأكّد أنّه شاهد أكثر من مرة فتيات بمقتبل العمر يروّجن للمواد المخدّرة والحشيش ويعرضن تلك المواد لبيعها على أصحاب المحلات، لافتاً إلى أن شقيقه الشاب أحد ضحايا الحبوب المخدرة التي يشتريها من شخصين منتسبين لتنظيم”قسد” في حيهم الشعبي، حيث أصبح شقيقه مصدر قلق وخوف لعائلته.
من جانبها أكّدت مصادر محلية أنّ ظاهرة بيع المواد المخدّرة تنتشر بين الطلاب أيضاً بشكلٍ كبير حيث يتم إعطائها بشكلٍ مجاني في الفترة الأولى، بحجة أنّها أدوية مهدّئة وتؤدّي للفرح من قبل المروجين، مستغلين عمر المراهقة وبعض الأزمات النفسيّة للمراهقين، حتى يصبح الشاب مدمناً ولا يستطيع الاستغناء عن شرائها.
وانتعشت زراعة الحشيش وتجارة الحبوب المخدّرة في مناطق سيطرة “قسد” بشكلٍ كبير منذ 2012م، حيث تعتبر مدينتا منبج والحسكة المصدر الأساسي للحصول على الحبوب المخدّرة والحشيش، حيث يعمل عناصر من” قسد” بتسهيل الطريق أمام التجّار، كما يقوم بعضهم بحمل المواد المخدرة بسياراتهم، كي لا تتعرّض للتفتيش على الحواجز، بحسب مصادر محلية لــ”سبوتنيك”، ولفتت المصادر أن زراعة الحشيش المخدر في مدن مثل عامودا والدرباسية والمتالكية شمالي الحسكة بدأت تنافس زراعة محصول القمح الاستراتيجي في هذه المناطق.
وتتنوّع طرق بيع وانتشار الحبوب المخدّرة، ولا تقتصر على التناقل من أشخاص إلى آخرين في أماكن معينة، بل انتقلت إلى الصيدليات التي تعمل على بيع حبوب (الترامادول والكبتاغون)، بشكلٌ غير علني وعشوائي.
وتعتبر الأسباب الرئيسية لانتشار هذه المظاهر تسلط تنظيم “قسد”على كل قطاعات الحياة ومرافقها في المنطقة، مازاد من جمع الأتاوات وأعمال السرقة والنهب والاختفاء بشكل مفاجئ بعد سرقة أموال طائلة بالعملات الصعبة فخلال الأيام القليلة الماضية سجلت أكثر من حادثة لفرار قيادات لدى تنظيم”قسد” باتجاه الأراضي التركية وآخرين فروا إلى إقليم شمال العراق وتركيا بعد نهب أموال طائلة.
سبوتنك