الجمعة , نوفمبر 22 2024
الاتفاقات الروسية بين الشمال والجنوب السوري.. لصالح مَن وماذا حققت لسوريا؟

الاتفاقات الروسية بين الشمال والجنوب السوري.. لصالح مَن وماذا حققت لسوريا؟

الاتفاقات الروسية بين الشمال والجنوب السوري.. لصالح مَن وماذا حققت لسوريا؟

ما بين الجنوب والشمال السوريين جبهات محتدمة بمعادلات وحسابات مختلفة، إلا أن بين تلك الجبهات عوامل مشتركة عديدة فإلى جانب أن كلاهما أراضي سورية فهناك لاعب مشترك بين هاتين الجبهتين وحضوره قوي وفعّال رعى عدة اتفاقيات.

منذ دخولها إلى سوريا، توجهت موسكو إلى خلق اتفاقيات مع العديد من الأطراف في مختلف المناطق السورية، حصدت الدولة السورية من خلالها نتائج إيجابية عديدة على الصعيد العسكري، فتم عبرها تهدئة بعض الجبهات واستعادة بعض المساحات، وتجميع المسلحين في أماكن محددة، لكن وبعد مرور سنوات عليها تبين أن هذه الاتفاقيات لا تزال عاجزة عن حل الأزمات بشكل كامل ونهائي، وكان آخرها خارطة الطريق الروسية-السورية في درعا، واتفاق تركي –روسي لإيصال المياه إلى الحسكة.

اليوم تعود الاتفاقيات الروسية إلى الصدارة مجدداً، فمع احتدام المعارك العسكرية بين “قسد” والقوات التركية في ريف الحسكة الشمالي وموجات نزوح المدنيين التي تشهدها تلك المناطق وسط الحديث عن عمل عسكري تركي قد يُشن قريباً فيها، أعلنت موسكو عن اتفاق مع تركيا يقضي بإيصال المياه إلى المدنيين من خلال تشغيل محطة علوك من قبل قوات الاحتلال التركي المسيطرة عليها، مقابل أن تسمح “قسد” بوصول الكهرباء إلى المناطق التي تحتلها تركيا من محطة توليد الكهرباء في تل تمر،

وعلّق المحلل السياسي كمال جفا في تصريح لـ “أثر” على هذا الاتفاق بقوله: ” هناك معلومات تؤكد أن هناك هجوم تركي قريب على بعض المناطق لاستكمال ما يسمى بالمنطقة العازلة فالتركي استكمل نقل قوات وهم ينتظرون ضوء أخضر أو تفاهم أمريكي لبدء المعركة، ما يعني أن الموضوع متعلق بعدم استقرار وتفاهم دولي وإقليمي عما ستؤول إليه الأوضاع في الشمال السوري وكل ما يقال عن استثناء المدنيين والحالات الإنسانية واستثناء أزمة المياه فهو عبارة عن محاولات ضغط، فكل جهة تُحاول تضغط بما لديها من أوراق ضغط لتحصيل مكاسب سياسية على الأرض أو مكاسب ميدانية”.

وأضاف الجفا أن “الروسي يحمل راية المدافع عن حقوق المدنيين وعن الوضع الإنساني والوقوف إلى جانب المدنيين وفي بعض الأحيان عندما تحدث تفاهمات في موقف ما أول من يدفع الثمن هم المدنيين لسبب أنه يعتبر نفسه أنه في منطقة صراع دولي إقليمي وليس صاحب قرار حاسم فيها أولاً وأخيراً وروسيا ليست اللاعب الأساسي في الشمال السوري”.

وبالرغم من الصدى الإعلامي الذي تحظى به هذه الاتفاقيات الروسية، فهي لا تزال عاجزة عن حل العديد من الأزمات المحيطة بالملفات السورية، ما يشير إلى أنها قد تحتكم إلى تفاهمات غير مُعلنة، حيث يقول الجفا في هذا الصدد: “هذه اتفاقات آنية متبدلة ولا تعمل على حل أزمات أو وضع حلول مديدة أو مستقرة لحماية المدنيين ولا تأخذ بعين الاعتبار وضع الأهالي، وكل الجهات الدولية تضع المدنيين هدف لها ولا تهدف إلى استخدامهم كواجهة لتحقيق مكاسب ميدانية على الأرض”.
أما المشهد الأكثر احتداماً هو في درعا، بعدما قررت الدولة السورية حسم ملفها، فاقترحت اتفاق على المسلحين يضعهم بين خيارين إما تنفيذه أو عملية عسكرية حاسمة.

وأمام هذا القرار السوري حضرت روسيا بقوة في منطقة خاضعة أساساً لاتفاق برعايتها، فاقترحت خارطة طريق استمر التفاوض حولها لأكثر من أسبوعين وانتهى الأمر بتوقف المفاوضات بالكامل والبدء بعمل عسكري، لتعود الأطراف مجدداً وبعد أقل من 48 ساعة إلى طاولة التفاوض مجدداً، ليدخل حيز التنفيذ.

وتعقيباً على هذا الحضور الروسي في ملف الجنوب ذو الحساسية العالية لدى العديد من الأطراف الدولية قال عضو مجلس الشعب خالد العبود في حديث لـ”أثر”: ” الأصدقاء الروس بعد 3 سنوات من الاتفاق الأول أدركوا بأن الطرف الثاني لا يمثل طرفاً نداً للدولة بمقدار ما هو عبارة عن مجموعات فوضى، في حين ندرك أن الدور الروسي هو مهم على مستوى الإقليم، نتيجة الفراغ الأمريكي الذي حدث، من خلال الصمود العظيم الذي أبداه السوري، فالروسي طبيعي أن يستثمر هذا الصمود وهذا الانتصار وهذا الحضور، لجهة نفوذ جديد على مستوى المنطقة”.

وحول التمسك الروسي بملف الجنوب يقول العبود “الروسي اليوم صاحب نفوذ، ويريد أن يؤثر بهذا النفوذ على علاقته مع الإسرائيلي والأردني، وعلاقته مع دول الخليج ككل، وعلاقته الجديدة حتى مع سوريا ومع إيران” مشدداً على أن الجانب السوري يجب ألا يتعامل مع روسيا باعتباره صديقها الوحيد، مؤكداً على أن الدور الروسي هو دور إقليمي ودولي، وهو أمرٌ طبيعي نتيجة ما حصل على مستوى المنطقة، وتحديداً بعد دخول روسيا”.

وفي ظل هذا الاهتمام الروسي بالجنوب لا بد من الالتفات إلى علاقات روسيا الجيدة مع أطراف أخرى معادية لسوريا، حيث أشار عضو مجلس الشعب خالد العبود في هذا الصدد قائلاً: “يجب ألا تكون مصالح الروسي القوميّة، في المنطقة، على حساب مصالحنا القوميّة، فالروسي اليوم موجود على الأرض، وعلاقته مع الإسرائيلي مفتوحة، وعلاقته مع أغلب دول المنطقة أيضاً مفتوحة، باعتبار أنّه يتطلع إلى دور جديد على مستوى المنطقة”.

زهراء سرحان-أثر برس

اقرأ ايضاً:لقاء أمريكي- روسي مرتقب.. هل نشهد صفقات وترتيبات جديدة حول سوريا؟