الجمعة , نوفمبر 22 2024

تحذيرات: سوريا تخسر أطباء التخدير.. هل سنضطر لاستيراد أطباء أجانب؟

تحذيرات: سوريا تخسر أطباء التخدير.. هل سنضطر لاستيراد أطباء أجانب؟

تعود مشكلة نقص أطباء التخدير في “سوريا”، لأعوام كثيرة خلّت، ازداد تفاقمها اليوم، كون المعنيين لم يستجيبوا لتلك التحذيرات في أوانها، خصوصاً أن راتب الطبيب في “سوريا” 124 ألف ليرة تقريباً، بينما يصل إلى 2088 ألف دولار في اليمن مثلاً!.

اليوم حذرت رئيسة أطباء التخدير وتدبير الألم في نقابة الأطباء، الدكتورة “زبيدة شموط”، من أن البلاد دخلت دائرة الخطر، مع غياب كامل لوجود أطباء تخدير في بعض المحافظات، مثل “الرقة” و”إدلب”، وأضافت في تصريحات نقلتها البعث المحلية، أن «عدد أطباء التخدير -ممن هم تحت سن الثلاثين- أربعة فقط في طول البلاد وعرضها، مع هجرة كل الخريجين الجدد، بينما لا يتجاوز عدد الأطباء الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عاماً الـ 65 طبيباً، وقرابة 300 طبيب للأطباء من أعمار بين 40 و50 عاماً، ما يعكس خطورة المشهد»، أي أن عدد أطباء التخدير في عموم البلاد 369 طبيبا فقط.

قلة أعداد أطباء التخدير يزيد الضغط عليهم، وفق “شموط” مضيفة أنه «طبعاً ما حدا سائل، نحن اليوم نضرب أخماساً بأسداس، والمعنيون لا يستشعرون حجم الخطر بسبب وجود أطباء يغطون النقص الحاصل في أكثر من مشفى، على الرغم من أن هذا الأمر مخالف للقانون، مع العلم أن هناك مشافي لا يوجد فيها طبيب تخدير واحد كـ “التوليد”، و”الزهراوي”، والحديث اليوم عن مشاف مركزية حكومية تابعة للتعليم والصحة باتت تفقد أطباء التخدير وتعاني من نقصٍ واضحٍ جداً كـ “المجتهد” الذي يحوي 13 غرفة عمليات عدا الاستقصاءات، مع عدد أطباء تخدير أقل، خاصة في ظل سفر طبيبي تخدير هذا العام من المشفى المذكور الذي يعتبره البعض من المشافي المرفهة».

قد نصل لمرحلة نكون مضطرين لاستيراد أطباء ندفع لهم بالعملة الصعبة رئيسة أطباء التخدير في نقابة الأطباء الدكتورة زبيدة شموط

الطبيبة حذرت من الوصول إلى «مرحلة قد نجد أنفسنا فيها في أية لحظة مضطرين لاستيراد أطباء ندفع لهم بالعملة الصعبة، كما تفعل دول كالصومال والعراق واليمن»، علماً أن تلك الدول اليوم أبرز وجهات الأطباء السوريين للسفر والعمل، بهدف الحصول على أجر مرتفع في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمرّ بها البلاد، وانخفاض قيمة الليرة دون أي زيادة منطقية على الرواتب.

تتساءل “شموط”: «لماذا نترك أطباءنا الذين يكلّفون الدولة ملايين الليرات لدول أخرى كي تستفيد مما قدمناه نحن؟ لماذا نقدمهم على طبق من فضة؟ ألا نستطيع أن نعطي الطبيب جزءاً مما يستحقه لنحتفظ به؟ أليس من حق الطبيب الذي يعمل أن يكون على سوية معينة من الدخل؟».

“شموط” كشفت عن وفاة طبيبي تخدير بعمر صغير (لم تذكره)، نتيجة تعرضهما لأزمة قلبية، لافتة أن عدد الوفيات في ازدياد بسبب الضغط، مضيفة أن اختصاص التخدير غير مرغوب لعدة أسباب «أولها الضغط الناتج عن العمل به نتيجة الخطورة الكبيرة والمسؤولية العالية المترتبة على الطبيب، ما يجعله طوال الوقت في شدة نفسية، إضافة إلى طريقة العمل وقلة المردود».

إذا وقع المحظور ستشهد البلاد زيادة في عدد الوفيات حكماً، وفق “شموط”، مضيفة أنها لا تلوم أي طبيب يرغب بالسفر وقالت: «حتى أنا رح احمل حالي وسافر!!».

رغم أنها طلبت لقائه إلا أن وزير الصحة لم يستجب، بحسب “شموط”، مضيفة أنهم أعدوا دراسات طلبت منهم حول الأمر إلا أنها بقيت حبيسة الأدراج، وقالت: «المشكلة الحقيقية تكمن في عمل الوزارات التي تفتقر للرؤية الاستراتيجية، ولو كانت هناك استراتيجيات وخطط مستقبلية لما وصلنا لما نحن عليه الآن».

اقرأ أيضاً: راتبه بالصومال 10 ملايين.. وعود برفع تقاعد الطبيب لـ50 ألف

اليمن أعلنت عن حاجتها التعقاد مع أطباء تخدير عام 2017 براتب 25 ألف دولار سنوياً (يعني 2088 دولار شهرياً)أمين سر نقابة أطباء سوريا آصف الشاهر

حديث “شموط” يبدو منطقياً وفي مكانه، فالتحذير من نقص أطباء التخدير ليس وليد اللحظة ولا حتى وليد السنة، ففي العام 2014، قالت رئيسة جمعية الأطباء المخدرين، “منى عباس“، إن المهنة تعاني نقصاً كبيراً في عدد الأطباء الذي كان حينها 400 طبيب، وبالمقارنة مع عدد أطباء التخدير اليوم في سوريا بالاستناد إلى حديث “شموط” السابق، فإن العدد نقص 31 طبيباً، وهذا يعني أن المعنيين حينها لم يقوموا بأي إجراءات من شأنها علاج المشكلة عوضاً عن تفاقمها.

في العام 2017، قال أمين سر نقابة أطباء “سوريا” حينها الدكتور “آصف الشاهر” في تصريحات نقلتها سبوتنيك الروسية آنذاك، إن عدد أطباء التخدير قليل لدرجة عدم تغطية حاجة المشافي العامة والخاصة، وقال إن عدد الأطباء (حينها) 499 طبيباً فقط، ولفت (عام 2017) إلى أن “اليمن” أعلنت حاجتها للتعاقد مع أطباء تخدير براتب 25 ألف دولار (سنوياً) مع تأمين سكن لهم.

50 دولار راتب الطبيب السوري في المشافي الحكومية

ولكم أن تتخيلوا لماذا بتنا نسمع بعد هذا التاريخ، عن سفر أطباء سوريين للعمل في اليمن، علماً أن راتب الطبيب السوري الذي يعمل في القطاع الحكومي هو كأي راتب موظف من الفئة الأولى، على سبيل المثال تقول طبيبة فضلت عدم ذكر اسمها، وهي اختصاص طب أسرة أن راتبها يزيد عن 124 ألف ليرة بقليل مع كل المتتمات (صورة فيش الراتب أدناه)، أي نحو 50 دولار وفق سعر صرف المركزي، وهي معينة منذ عام 1994، أي قبل 26 عاماً، ولا تختلف رواتب غالبية الأطباء عن هذا الراتب، كما قالت لـ”سناك سوري”.

فرق شاسع ما بين 50 دولار كراتب في “سوريا”، و25 ألف دولار كراتب سنوي في اليمن (2088 دولار شهرياً) ومع سكن، وحتى لا يحصل المحظور وتطلب “سوريا” أطباء تخدير برواتب ضخمة كما في “اليمن” على وزارة الصحة والمعنيين، معالجة الواقع بسرعة، خصوصاً أن باقي الأطباء يستطيعون العمل في عياداتهم الخاصة لترميم مداخيلهم، بخلاف طبيب التخدير الذي لا يستطيع العمل سوى بغرف عمليات المشافي.

سناك سوري