الأمم المتحدة: تغير المناخ يتخذ منحى كارثياَ.. والإنسان هو السبب!
خلص تقرير صادر عن جامعة الأمم المتحدة إلى أن الكوارث المناخية والأوبئة لها مسببات واحدة، بالرغم من تباعد أماكن حدوثها، ورسم التقرير صورا مأساوية لتبعات هذه الأزمة في حال اهمال معالجتها بشكل جدي وعاجل.
باتت التغيرات المناخية على غرار موجة البرد في ولاية تكساس الأمريكية وأسراب الجراد الذي ألحق الضرر بشرق إفريقيا وانقراض أنواع من السمك في الصين من المؤشرات المنذرة بتطورات سلبية في مجال المناخ. ورغم أن هذه الكوارث البيئية وقعت في أماكن مختلفة من العالم وتفصلها حدود ومحيطات، إلا أن لها القاسم المشترك ذاته المتمثل في التأثير على النظم البيئية والمجتمعات بأكملها.
هذه نتيجة تقرير نشرته جامعة الأمم المتحدة ،ومقرها طوكيو، اليوم الأربعاء (9 أيلول/ سبتمبر 2021)، فقد توصل العلماء إلى أن بعض أسوأ الكوارث في العامين الماضيين متعلقة ببعضها البعض، وفي كثير من الحالات مصدرها التصرفات البشرية.
وفي هذا السياق تقول زيتا سيبيسفاري، العالمة البارزة في جامعة الأمم المتحدة والمؤلفة الرئيسية للتقرير: “عندما يرى الناس الكوارث في نشرات الأخبار، فغالباً ما يبدو الأمر بالنسبة لهم بعيداً، ولكن حتى الكوارث التي تقع على بعد آلاف الكيلومترات ترتبط ببعضها”.
أزمات متداخلة
وبحسب التقرير، فهناك ثلاثة أسباب جذرية تؤثر على تطور هذه الكوارث البيئية، وهي حرق الوقود الأحفوري وإدارة المخاطر البيئية بشكل سيء وعدم أخذ موضوع التغييرات البيئية بجد، عند اتخاذ القرارات.
وتم ربط العديد من هذه الأسباب بعوامل المناخ، فقد أدى الاحتباس الحراري إلى تفاقم موجة الحر في القطب الشمالي التي ربما تكون قد أدت إلى موجة باردة في ولاية تكساس الأمريكية، علما أن العلماء ما زالوا يناقشون هذه النظرية.
وفي فيتنام، تسببت سلسلة من تسع عواصف منفصلة وأمطار غزيرة وفيضانات في إحداث الفوضى في جميع أنحاء البلاد على مدى شهرين فقط. بالإضافة إلى الإعصار المميت الذي ضرب بنغلادش بسبب تغير المناخ ناهيك عن تأثيرات جائحة كورونا على الحياة العامة.
جاك أوكونور من الفريق المؤلف للتقرير في جامعة الأمم المتحدة يرى أن مثل هذه الكوارث “تؤثر على بعضها البعض”. فملاجئ الطوارئ لحماية الأشخاص من الطقس القاسي لا يرغب الكثيرون في استخدامها خوفا من عدوى فيروس كورونا. وعندما يضرب الإعصار يلحق الضرر بالمستشفيات ويعطل خطوط الإمداد اللازمة لعلاج المرضى، ما يزيد الطين بلة. ويضيف أوكونور: “من الصعب التفاعل مع الإعصار ووضع الجائحة في الاعتبار، ما يضعنا أمام تحدي جديد في المستقبل”.
الطقس القاسي على نحو متزايد
ويأتي تقرير جامعة الأمم المتحدة بعد أسبوع من نشر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) تحليلا يُظهر أن كارثة مرتبطة بالطقس حدثت كل يوم في المتوسط على مدى السنوات الخمسين الماضية. وجاء في تقرير المنظمة العالمية أيضا أن الكوارث من الأعاصير والجفاف تسببت كل يوم في مقتل 115 شخصا وتسببت في خسائر فادحة.
ورغم ذلك فالعدد الإجمالي للوفيات بسبب الطقس آخذ في الانخفاض ويرجع ذلك في الغالب إلى التقدم في أنظمة التنبؤ والإنذار المبكر، ويقوم المسؤولون بإجلاء الناس قبل أن تحل العواصف والفياضانات. لكن من غير الواضح ما إذا كان الوضع سيبقى على ما هو عليه إذا استستمر ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض وتداخل الكوارث مع بعضها البعض.
ومن المحتمل أن يكون التأثير البشري قد زاد بالفعل من حدة الوضع منذ الخمسينيات، وفقا لتقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) الذي نُشر في أغسطس. فعلى سبيل المثال، تحدث موجات الحر والجفاف في انسجام أكبر في جميع أنحاء العالم، وفي بعض المناطق، يمكن رؤية اتجاهات مماثلة للأمطار الغزيرة وعواصف وحرائق. وعلى الرغم من تعهد قادة العالم بالحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى درجة ونصف درجة مئوية بشكل مثالي بحلول نهاية القرن إلا أن سياساتهم الحالية تسير في الاتجاه المعاكس.
الأزمات البيئية والمناخية
يسلط التقرير الضوء على ثلاثة أمثلة للأزمات البيئية التي ترتبط ارتباطا وثيقا أيضا بتغير المناخ. حوالي 25 في المائة من الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا تعرض للتلف بشدة العام الماضي وأيامه أصبحت معدودة. وسوف تنخفض الشعاب المرجانية بنسبة 70 إلى 90 في المائة إذا وصل الاحترار العالمي إلى درجة ونصف درجة مئوية تقريبا، وستنقرض جميع الشعاب المرجانية في العالم إذا وصل الاحترار العالمي درجتين مئويتين.
وفي غابات الأمازون المطيرة تم حرق مساحات من الأشجار لتلبية الطلب العالمي على اللحوم، سواء باتاحة الأراضي لرعي الماشية أو زراعة فول الصويا لتغذيتها. وقد أدى ذلك إلى تقليل كمية التلوث الكربوني الذي يمكن للغابة أن تمتصه من الغلاف الجوي. وتشير بعض الدراسات إلى أن إزالة الغابات والاحترار العالمي سيسرعان “موت الغابات” ونقطة تحول غابات الأمازون إلى سافانا جافة.
في نهر اليانغتسي بالصين تم القضاء على سمكة المجداف الصينية العام الماضي بعد عقود من الصيد الجائر والتلوث وبناء العديد من السدود التي قطعت الطريق عن الأسماك للوصول إلى الأماكن التي تضع فيها بيضها. وكما هو الحال مع الشعاب المرجانية يمكن أن يكون فقدان نوع ما في النظام البيئي كافيا للتأثير سلبا على توازنه.
آييت نيرانجان / ع.اع/ ع.أ.ج