ما قصة ضابط الاستخبارات العربي الذي اخترق “تنظيم الدولة” بسوريا؟
أكدت صحيفة غارديان أن أجهزة مخابرات غربية استخدمت مصنعاً للإسمنت في سوريا كواجهة للتجسس وجمع معلومات عن رهائن غربيين محتجزين لدى داعش.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن ضابط مخابرات أردني لعب دوراً محورياً في جهود التجسس، أن مصنع لافارج للإسمنت شرق حلب، كان بمثابة قاعدة انطلاق لجهود إقليمية تهدف لإنقاذ ما يصل إلى 30 رهينة غربياً لدى داعش بما في ذلك الصحفي الأمريكي جيمس فولي والمصور البريطاني جون كانتلي والطيار الأردني معاذ الكساسبة.
وأضافت أنه طوال ذروة سيطرة تنظيم داعش على المنطقة، كان الجاسوس الأردني أحمد الجالودي يتنقّل بانتظام بين المصنع الذي استمر في العمل بعد اجتياح داعش، وبين عمّان لإطلاع رؤساء المخابرات الإقليمية والعالمية على المكان المحتمل لوجود الرهائن، ومن ثم تعقبهم في مرحلة ما إلى معمل نفطي قرب مدينة الرقة شرق سوريا.
جالودي الذي تم توصيف وظيفته كمدير أول للمخاطر في مصنع لافارج شرق حلب، سافر أيضاً إلى الرقة للتعامل مع أحد كبار قادة داعش لمحاولة تأمين الإفراج عن الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي تحطمت طائرته المقاتلة من طراز F-16 بالقرب من الرقة، قبل أن يتم حرقه حياً من قبل داعش.
وفي اتصال مع الغارديان، أكد الجالودي، الضابط المخضرم في مديرية المخابرات العامة الأردنية، أنه فخور بدوره وبالعمل الذي قام به لمحاولة إطلاق سراح الرهائن، ولاسيما الطيار الأردني، مؤكداً أنه قدم معلومات استخبارية دقيقة وقابلة للتنفيذ كان من الممكن أن تؤدي إلى إنقاذ المحتجزين.
على مدى ثلاث سنوات، قام الجالودي بزيارات متكررة للرقة وكان ينتقل قرابة كل شهر إلى تركيا ثم عمّان لإطلاع المسؤولين بما لديه من معلومات، وقد كان دوره معروفاً من قبل الجواسيس في فرنسا وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والأردن، وقد ساعدوا جميعهم في تسهيل تنقله من وإلى إحدى أخطر مناطق العالم، مروراً بنقاط التفتيش التابعة لتنظيم داعش وأجهزته الاستخباراتية.
ووفقاً للغارديان، أكدت مصادر استخبارية أن الجالودي لم يلعب أي دور في العمليات التجارية للشركة بل تم تسهيل دخوله وخروجه من وإلى سوريا عبر الحدود التركية، من قبل جهاز المخابرات التركي، وكان تواصله المباشر مع رئيس المخابرات العامة الأردني، فيصل الشوبكي.
كما أكدت المصادر أن الجالودي كان من أهم العملاء بمناطق داعش وكان يقدّم معلومات منتظمة عن تحركات التنظيم وقيادته، وعلى وجه الخصوص مكان وجود الرهائن.
في أوائل عام 2014، ساعد الجالودي في تأكيد أن الرهائن بمن فيهم صحفيون وعمال إغاثة، كانوا محتجزين في حقل العكيرشي النفطي جنوب شرق الرقة، نتيجة معلومات حصل عليها من قبل سائقي التوصيل إلى الحقل، وهو ما أكده مصدر ثانٍ من داخل داعش لصحيفة الغارديان.
وفي نيسان من ذلك العام، بدأت عملية لإنقاذ الرهائن المحتجزين لكن تنظيم داعش قام بنقلهم قبل أيام فقط من تنفيذ المهمة.
ويأتي تقرير الصحيفة البريطانية بعد يومين على إعلان أعلى محكمة في فرنسا الأسبوع الماضي عن حكم يقضي بأنه يمكن التحقيق مع لافارج بشأن مزاعم التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية بسبب تعاملاتها مع تنظيم داعش في سوريا.
واتُهمت شركة لافارج بدفع ما يصل إلى 13 مليون يورو كضرائب ورسوم لتنظيم داعش للحفاظ على عمل المصنع، ولم تعترض الشركة على الرقم، وأقرّت بدفع رسوم للوسطاء لكن قالت إنها لا تعرف الوجهة النهائية للأموال.
ومن شأن الدور الاستخباراتي الذي لعبه ضابط المخابرات الأردني أن يثير أيضاً تساؤلات حول تأثير أجهزة المخابرات على القرارات التجارية الحساسة، التي تتخذها الشركات الكبرى ظاهرياً، وحول وجود دور غير مُعلن للحكومة الفرنسية في الحفاظ على تشغيل المصنع.
قال مصدر استخباراتي رفيع: “كان هذا قراراً أكبر من لافارج، والقضية المذكورة في أروقة القضاء لا تروي القصة كاملة”.
وكان تنظيم داعش استولى على المصنع، بالقرب من قرية الجلبية أقصى شرق حلب، أواخر عام 2014 لينتهي بذلك وجود الشركة الفرنسية التي بلغت قيمة استثمارها في سوريا في عام 2007 حوالي 600 مليون يورو.
وكالات
اقرأ ايضاً :أمين سلام.. وزير الاقتصاد اللبناني الجديد يثير ضجة بسبب وسامته.. شاهد!