هل ساهمت قوات “فاغنر” الروسية في تحرير مدينة دير الزور؟
بحلول ال17 من نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2017، أعلن الجيش السوري استكمال عملية تحرير مدينة دير الزور بالكامل من قبضة تنظيم داعش الإرهابي, الذي كان قد استولى على أجزاء كبيرة من المحافظة الواقعة على ضفاف نهر الفرات منذ عام 2014 والتي اعتبرت العاصمة الاقتصادية للتنظيم، حيث توجد حقول النفط والغاز الرئيسية فيها.
وكان المتحدث باسم قوات الجيش السوري قد صرّح في يوم الجمعة ال3 من نوفمبر/ تشرين الثاني من العام ذاته أن “الجيش العربي السوري أعاد الأمن والاستقرار إلى كامل مدينة دير الزور, بعد القضاء على آخر معاقل تنظيم داعش الإرهابي فيها”.
في الوقت الذي كان فيه المرصد السوري المعارض قد أكد منذ اليوم السابق لإعلان القوات السورية أن “قوات النظام والمقاتلين المتحالفين معها بالإضافة إلى دعم جوي روسي يسيطيرون بشكل كامل على مدينة دير الزور”
وجاء تحرير المدينة بعد سلسلة طويلة من المعارك الشرسة التي بدأت منذ سبتمبر/ أيلول 2017، بدأت بفك الحصار عن المدينة بعد تقدم واسع في ريف حمص الشرقي، وريف الرقة الجنوبي، وسط تغطية صاروخية وجوية روسية.
لتتسارع الأحداث بعدها وتبدأ خطوات الحسم، ويبدأ الجيش السوري بالزحف غرباً محاولاً الوصول إلى الحقول النفطية، بالتزامن مع إطلاق قوات سورية الديمقراطية (قسد) حملة عسكرية أيضاً للسيطرة على المدينة، ثم كانت النقطة الفارقة بتحرير مطار دير الزور العسكري واللواء 137 في الجزء الغربي من المدينة، ليتمكن بعدها الجيش السوري من السيطرة على المدينة بالكامل بعد شهرين من المعارك التي تكبدت فيها كل الأطراف المشاركة خسائر في العديد والعتاد، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة في أرواح وممتلكات المدنيين من سكان المدينة.
وعلى الرغم من مرور أربع سنوات على تحرير المدينة إلا أن الأنباء لا تزال متضاربة حول تفاصيل سير المعركة والقوات التي شاركت فيها، والطريقة التي تم عبرها تحرير المدينة، وفيما يلي سنستعرض الآراء المختلفة التي تناولتها وسائل الإعلام ووكالات الأنباء المحلية منها والعالمية.
المصادر الموالية للحكومة السورية
أكدت وسائل إعلام الحكومة السورية أن تحرير مدينة دير الزور هو ثمرة بطولات وتضحيات الجيش العربي السوري والقوات الرديفة والحليفة له، على لسان الناطق العسكري باسم الجيش السوري، الذي قال أن ” بعد سلسلة من العمليات الدقيقة أنجزت وحدات من الجيش العربي السوري بالتعاون مع القوات الرديفة والحليفة مهامها في إعادة الأمن والاستقرار إلى مدينة دير الزور بالكامل”.
وسائل الإعلام العالمية
كانت وكالة “رويترز” قد ذكرت في وقت سابق أن قوات سورية الديمقراطية والجيش السوري يتقدمان بحملتين منفصلتين في دير الزور مما زاد من الضغط على المساحات التي لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر عليها في مناطق غنية بالنفط قرب الحدود مع العراق، وأضافت الوكالة أن قوات سورية الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تضم مقاتلين عرب وأكراد، قامت بشن هجوم على داعش في شمال محافظة دير الزور في عملية استهدفت السيطرة على مناطق تقع شرقي نهر الفرات، وعلى الرغم من أن الهدف كان مشتركاً وهو القضاء على تنظيم داعش، إلا أن الخلافات بين الجيش السوري وقوات سورية الديمقراطية كانت واضحة على لسان وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي قال أن قوات سورية الديمقراطية هي “داعش جديدة”، وأضاف أن قوات سوريا الديمقراطية يجب أن تكون جزءاً من الجمهورية العربية السورية.
رواية المعارضة السورية
بالمقابل ذهبت وسائل الإعلام والصحف المعارضة للحكومة السورية إلى أبعد من ذلك، واعتبرت أن الجيش السوري لم يكن لينتصر في معركة دير الزور لولا زجه بتعزيزات جديدة في المعركة، حيث ذكر موقع “عنب بلدي” المعارض أن مصادره تحدثت عن مشاركة عناصر من “حزب الله” اللبناني، وقوات من “لواء القدس” الإيراني في المعركة.
فيما أورد موقع “العربي الجديد” أن التقدم الذي أحرزته القوات الحكومية السوية لم يكن ممكناً لولا الدور العسكري الروسي. في الوقت الذي اكتفت فيه وسائل الإعلام العالمية مثل DW الألمانية وفرانس 24 الفرنسية بنقل الخبر الذي ورد عن الإعلام الرسمي السوري.
رواية جديدة
وبقيت الروايات الثلاث السابقة هي الوحيدة المعتمدة بالنسبة للإعلام، حتى برزت في الآونة الأخيرة رواية جديدة حول تحرير المدينة، يقدمها شخص معروف باسم “محمد هنتر“، والذي يقول أنه مقاتل سابق في إحدى فرق القوات الخاصة السورية والمعروفة باسم “صائدوا داعش”. ويزعم “هنتر” أنه شهد الكثير من المعارك ضد داعش في العامين 2017- 2018.
ولعل أكثر ما يثير الاهتمام في تغريداته هو حديثه عن مشاركة قوات “فاغنر” الروسية جنباً إلى جنب مع الجيش السوري في معارك تحرير دير الزور.
وبحسب كلامه فإن قوات “فاغنر” كانت من بين قوات المقدمة التي قاتلت في ضواحي دير الزور، مقتحمين مواقع داعش في أقسى ظروف الصحراء سيراً على الأقدام، بالإضافة إلى الخفة العالية في استخدام الآليات المدرعة.
وأكد “هنتر” أيضاً أن أياً من المقاتلين لم يرتدي شارات رسمية تشير إلى كونهم يتبعون للقوات المسلحة الروسية.
وينشر هنتر في حسابيه على “تويتر” و “تلغرام” فديوهات تظهر عناصر ترتدي الزي العسكري وتتحدث باللغة الروسية في البادية السورية بالقرب من دير الزور، إلى جانب فيديو آخر لمقاتلي فاغنر أثناء تقديمهم الإسعافات الأولية لمقاتلين من الجيش السوري، وكذلك تسمع اللغة الروسية بوضوح في الفيديو، ووفقاً لتغريدات “هنتر” فإن قوات فاغنر كانت إلى جانب الجيش العربي السوري في السيطرة على أكبر مراكز داعش مقاومةً في المدينة ووصلت حتى نهر الفرات.
https://twitter.com/MuhHunter/status/1438780950725500929?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1438780950725500929%7Ctwgr%5E%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Fshaamtimes.net%2F352296%2FD987D984-D8B3D8A7D987D985D8AA-D982D988D8A7D8AA-D981D8A7D8BAD986D8B1-D8A7D984D8B1D988D8B3D98AD8A9-D981D98A-D8AAD8ADD8B1D98AD8B1-D985%2F
وبحسب هنتر فإنه وفي ال18 من أيلول/ سبتمبر بدأت قوات فاغنر بعبور نهر الفرات لملاحقة فلول داعش في الضفة الشرقية، كذلك بهدف منع قوات سوريا الديموقراطية من التقدم إلى الضفة الغربية.
وفي الوقت الذي كان فيه الجيش السوري يحافظ على مواقعه شمال وغرب مدينة دير الزور، كانت قوات فاغنر تطهر الضفة الشرقية للفرات من داعش بحسب هنتر.
وبعد أن عبرت المجموعة الأولى النهر بالقوارب واتخذت موطئ قدم بالقرب من “مظلوم” حاولت قوات فاغنر إنشاء مايشبه الجسر، حيث كانت المجموعة على الضفة الأخرى تتعرض لهجمات شرسة من داعش الذين كانوا يحاولون استعادة السيطرة، إذ قام عناصر التنظيم الإرهابي باستخدام المدنيين كدروع بشرية، إضافة إلى هجمات انتحارية، بالتزامن مع قصف جوي من طائرات مسيرة.
قد تفاجئ معلومات “محمد هنتر” العديد من الأشخاص الذين تابعوا الصراع في سوريا سابقًا. ولكن حتى الآن، من الصعب تأكيد كلامه بطريقة موضوعية.
لكن مقاطع الفيديو المنشورة تبدو معقولة ومقنعة بشكل كبير. فهل قوات “فاغنر” كانت تحارب داعش في دير الزور؟
مصدر الصور: https://t.me/Hunter_confession