أبو صلاح يسأل الحكومة ..
قبل أن أصل إليه فاجأني أبو صلاح بصوته المرتفع قائلاً: “عمو بحكم وجودكم في الشام أكيد عم تلتقوا بوزراء ومسؤولين. وبجواب الواثق قلت أكيد. فقال لي: فيك تسألي شي حدا منهم ليش مجمعين هالمشاكل وشي بيضرب يمين وشي بيضرب شمال؟. فقلت له ما فهمت فقال: والله غريب منطق هالحكومة. عندها مجموعة مشاكل. طيب لماذا لا تنهي واحدة منها وترتاح؟ أنا ها المواطن البسيط بيتي تعرّض للتخريب بالأزمة. فيه ثلاث غرف كل واحده فيها فتحة من جنب. عطوني مئة بلوكة للترميم فقلت إذا بدي وزع البلوك على الغرف الثلاثة فلن يكون لدي غرفة جاهزة. لذلك رممت غرفة واحدة وسكنت فيها لحين توفر الإمكانيات. القصد عمو الدولة عندها مشكلة بالغاز المنزلي و مشكلة بالبنزين ومشكلة بالكهرباء. فلماذا لا تقوم بتأمين الغاز المنزلي مثلاً وهو أقل كلفة وتحل مشكلة المواطن بالطبخ. ويمكن لحد بعيد بالتدفئة على الأقل بمدن الساحل والعاصمة وكثير من المدن. وهكذا ترتاح من مشكلة الغاز وبيرتاح المواطن من انتظار الكهرباء ليطبخ أو بيرتاح من الطبخ على الحطب بالأرياف. أما أنو يكون هناك جرة غاز كل ثلاثة أشهر. والكهرباء حسب الهلة. والبنزين حسب الناقلة. فهذا يعني قلة تدبير”.
كلام منطقي
ماسبق طرحه لمواطن عادي وبسيط كما أطلق على نفسه ولو فكرنا بكلامه فهو منطقي ويُمكن أن يحل مشكلة كبيرة للناس. فكثير من الناس ليس لديهم سيارات ولا يُفكرون بالبنزين. وستكون مشكلتهم أخف بكثير و لو اضطروا للمشي عدة كيلو مترات. من مشكلة تأمين الغاز لإعداد إبريق من الشاي وسلق بيض لفطور الأبناء قبل الذهاب إلى المدرسة وإعداد وجبات للأطفال الصغار.
تساؤلات مشروعة
أليس التفكير بهذا الأمر أجدى من التفكير بتحديد مدة تسليم جرة الغاز حسب عدد أفراد الأسرة؟ هل فكر المعنيون بكلفة تنفيذ الإجراءات التي أعلنوها وتراجعوا عنها أو عدلوها؟. وكم كان لها انعكاس سلبي على المواطن مادي و معنوي؟. ألا تشبه بعض القرارات مشروع بناء مشفى بجانب الحفرة بدل ردمها؟.
الأمر مسؤولية الحكومة مجتمعة، لا وزارة بعينها. وللتوضيح لمن لا يعرف وهم كثر حسب ما أراه على مواقع التواصل والصفحات فوزارة النفط لا تشتري النفط ولا المشتقات النفطية ولا تبيعها في حال كانت متوفرة. الأمر مرتبط بمكتب تسويق النفط التابع لرئاسة الحكومة مباشرة وهو الذي يبرم العقود ويستورد المشتقات. والمصرف المركزي يمول عمليات الشراء ويقتصر دور الوزارة على توزيع المشتقات لمحطات الوقود فقط.
وليس لها علاقة أيضاً بعمل محطات الوقود فهذا من صلاحية وزارة التجارة وحماية المستهلك. وعندما نقرأ في أخبار الاجتماعات أنه تم الطلب إلى وزارة النفط زيادة التوريدات والكميات فهذا بعيد عن الشفافية والمصارحة. الأمر مسؤولية الجميع ولو لم يشعر أبو صلاح بمسؤوليته في الأمر لما أطلق اقتراحه المنطقي والذي يستحق التوقف عنده.
وكي لا ننكر على الرجل فهذا هو اقتراحه الثاني. فهو كان قد سأل لماذا رفعت الحكومة سعر لتر المازوت. والمازوت له انعكاس على النقل والشحن والصناعة والخدمات والمياه والمشافي والمنشآت السياحية والمدارس وكل شيء. ولم تفكر برفع البنزين بدلاً منه وهو يحقق لها نفس الإيراد للخزينة ولكن انعكاسه على الواقع أقل بكثير؟.
تجميع المشاكل يفاقم من معاناة المواطن ويشتت الدعم الذي تقدمه الدولة و تضيع معه فائدة الطرفين. فلا المواطن انحلت مشكلته. ولا الدولة وصل دعمها. وفقط حلقات المتاجرة بالدعم والفساد تربح.
سنسيريا – معد عيسى
اقرأ أيضا :مديريات المالية تنفذ ما يزيد على 63 ألف عملية بيوع عقارية في المحافظات