الأحد , سبتمبر 8 2024
شام تايمز
تاريخ المخلل

تناولته كليوباترا للحفاظ على جمالها!.. تاريخ المخلل الذي بدأ قبل 4000 عام

شام تايمز

تناولته كليوباترا للحفاظ على جمالها!.. تاريخ المخلل الذي بدأ قبل 4000 عام

شام تايمز

يوجد “المخلل” على كل الموائد تقريبًا، وتعرفه جميع الثقافات، ويرافق العديد من الأطباق ويعد أساسيًّا بجانب بعضها، ويمكن القول بأنه محبوب الجماهير على اختلاف أذواقهم، وذلك علاوة على سهولة تحضيره، وكلفته البسيطة، وقدرته على التحمل لفترة طويلة؛ مما جعله من أقدم الأطعمة في العديد من الثقافات.

شام تايمز

وتعد عملية التخليل إحدى أقدم طرق حفظ الطعام، بواسطة إطالة عمر غذاء معين، من خلال نقعه في شكل من أشكال المحلول الملحي المكون عادة من الماء والملح والخل. تعتمد عملية التخليل على إنشاء حمض اللاكتيك الناتج من بعض أنواع البكتريا؛ مما يؤدي إلى حفظ الطعام عن طريق التخمر اللاهوائي. وغالبًا ما يضاف الثوم لإضافة نكهة إضافية والمساعدة في منع نمو البكتيريا غير المرغوب فيها.

وتعود فائدة المخللات إلى بكتيريا حمض اللاكتيك الموجودة في هذه الأطعمة، والتي ترتبط بالعديد من فوائد البروبيوتيك (المعززات الحيوية) الصحية، مثل تعزيز المقاومة الطبيعية للأمراض المعدية في الجهاز الهضمي، والوقاية من التهابات الجهاز البولي التناسلي، ومكافحة السرطان، وتحسين الهضم، وتقليل مستوى الكوليسترول، بحسب ما ذكره موقع «ساينس دايركت».

في السطور التالية، نأخذك في رحلة تاريخية مثيرة لنتعرف إلى قصة الأطعمة المخللة التي عُرفت في البداية على أنها تخليل الخيار، قبل أن تمتد عملية التخليل للكثير من الخضراوات وكذلك الفاكهة، وكيف انتقل بين الثقافات والشعوب، ولماذا كان له محبون كثر، منهم كولومبوس ويوليوس قيصر وكليوباترا.
المخللات في العالم القديم.. تاريخ يعود إلى ما قبل الميلاد

لا شك أن تخليل الأطعمة يجعلها تتميز بقدرتها العالية على الاحتفاظ بطعمها دون أن تفسد لمدة طويلة، بفضل الملح والخل اللذين يعدان من عوامل الحفظ، مما جعلها منذ أقدم العصور الاختيار الأفضل لمؤن الرحلات الطويلة. لكن المثير للدهشة أيضًا أن فوائدها الصحية والجمالية أيضًا كانت سبب حب الملوك لها.

تخليل الأطعمة لحفظها خلال الرحلات الطويلة

على الرغم من أن الأصول الدقيقة لعملية تخليل الطعام غير معروفة تمامًا، فإن علماء الآثار يعتقدون أن سكان بلاد ما بين النهرين القدماء كانوا يخللون الطعام منذ عام 2400 قبل الميلاد، وذلك وفقًا لموقع متحف نيويورك للأغذية. لكن بعد عدة قرون وفيما يقارب عام 2030 قبل الميلاد، فقد بدأ تخليل الخيار في الهند للحفاظ عليه من الفساد لفترة طويلة وحمله على متن على السفن خلال الرحلات.

اشتهر تخليل الأطعمة وفي مقدمتها الخيار في ذلك الزمن، بوصفه وسيلة مفيدة للغاية للحفاظ على الأطعمة غير الموسمية التي يمكن استخدامها في الرحلات الطويلة، خاصة عن طريق البحر. ولم يقتصر التخليل فقط على بعض أنواع الخضراوات، لكن شمل اللحوم والفواكه أيضًا.

لم تكن للرحلات الطويلة فقط.. المخللات سر جمال كليوباترا وصحتها!

اتضح أن تخليل الأطعمة لم يكن فقط للمؤن والرحلات الطويلة، بل كان يخدم فوائد جمالية وصحية أيضًا، فقد اشتهرت الملكة المصرية الأسطورية كليوباترا بحبها للأطعمة المخللة. حتى إنها عزت الفضل إلى الخيار المخلل في نظامها الغذائي، للمساهمة في صحتها وجمالها. حتى إن الفيلسوف أرسطو ردد اعتقاد الملكة بأن المخللات ضرورية لحيوية الشخص. أما حبيبها يوليوس قيصر، فقد أدرج الخيار المخلل ضمن الحصص الغذائية المقدمة لقواته ليأكلوها اعتقادًا منهم أنها ستجعلهم أقوياء.

المخللات في عصر الاكتشاف

حافظت الأطعمة المخللة، وعلى رأسها الخيار، على مكانتها على مر السنين بوصفها أفضل الأطعمة بين مؤن الرحلات وطعام القوات والجيوش لفوائدها الصحية وقدرتها على التحمل. لكن بعد وصولها إلى العالم الجديد وزيادة شهرتها، بدأ المزارعون بتحويل التخليل إلى تجارة رابحة.

وصول التخليل إلى العالم الجديد وتحوله إلى تجارة

بعد انتشار الأطعمة المخللة وزيادة شهرتها في بلاد ما بين النهرين والهند ومصر، كان للمستكشفين والرحالة الدور الأكبر في انتشار شهرة المخللات في بلاد جديدة. ففي رحلته الاستكشافية إلى العالم الجديد عام 1492، حمل كريستوفر كولومبوس الكثير من الخضار والفواكه المخللة على سفنه، للحفاظ عليها لمدة طويلة خلال رحلته.

وقد اعتبر الطعام المالح عنصرًا أساسيًّا في مطبخ سفينته بسبب قدرته على التحمل، وتأثيره في المساعدة على منع البحارة من الإصابة بمرض الإسقربوط الذي يسببه نقص الفيتامينات.

تحول زراعة الخيار وتخليله إلى صناعة

بعد شهرته الواسعة وبحلول عام 1659، بدأ المزارعون الهولنديون في نيويورك بزراعة الخيار في المنطقة التي تُعرف الآن باسم بروكلين، فاشترى التجار الخيار وخلَّلوه وباعوه من البراميل في الشارع، ليبدأوا ما سيصبح أكبر صناعة مخلل في العالم.

المخللات في القرن 19.. نقطة تحول كبرى

يعد القرن التاسع عشر فترة انتقلت بها صناعة الأطعمة المخللة نقلة نوعية على الصعيد التجاري والمحلي المنزلي، فقد تطورت طرق التعليب مما سمح لتحسين كم الإنتاج ونوعه.

بونابرت يعطي جائزة ضخمة لأفضل طريقة للمخلل

شخصية تاريخية أخرى كانت من عشاق الأطعمة المخللة، هي نابليون بونابرت الذي دفع 12 ألف فرنك (ما يعادل 250 ألف دولار اليوم) للشخص الذي يمكنه أن يأتي بأفضل طريقة لتخليل الطعام وحفظه من أجل قواته في عام 1809.

وقد فاز بهذا المبلغ الضخم الشيف الفرنسي والحلواني نيكولاس أبيرت، الذي كانت فكرته هي وضع نوع الخضار المراد تخليله في زجاجة، وإزالة كل الهواء منها قبل إغلاقها، كما اقترح غلي الزجاجة للاحتفاظ بمحتوياتها لمدة طويلة. وباستخدام عبوات زجاجية محكمة الغلق بالفلين والشمع، تمكن أبيرت من الحفاظ على الخضار والفواكه وتخليلها بشكل أفضل.

شركة هاينز تتفوق في بيع الخيار المخلل!

كان عام 1893 نقطة تحول في تاريخ صناعة المخللات عندما أرسلت شركة هاينز بعض الأطفال المحليين لإغراء زوار المعرض بهدية مجانية لأي ضيف يتوقف عند كشكها ويجرب منتجاتها في المعرض العالمي في شيكاغو.

وبحلول نهاية هذا المعرض، كانت الشركة قد وزعت أكثر من مليون دبوس ملابس على شكل قطعة مخلل محفور عليها اسم الشركة، وبذلك حققت شهرة كبيرة عن طريق هذه الحيلة التسويقية، وأصبحت رائد صناعة المخللات.

واختراعات سهَّلت تعليب المخلل المنزلي

أصبح التخليل في المنزل أكثر أمانًا ويمكن القيام به منزليًّا في منتصف القرن التاسع عشر مع اختراع اثنين من أهم أدوات التعليب الرئيسية. فقد ابتكر الكيميائي الأسكتلندي، جيمس يونج، شمع البارافين، الذي وفر مادة ممتازة لأغطية علب المخللات.

وبعد فترة وجيزة، قدم جون ماسون من فيلاديلفيا، «جرة ماسون» الشهيرة التي تتميز بسماكتها وقدرتها على تحمل درجات الحرارة عند التعليب، وحصل على براءة اختراع في وقتها.

انتهت صلاحية براءة هذا الاختراع في عام 1879، لكن مُصنِّعي الجرار المشابهة استمروا في استخدام اسم «جرة ماسون» وصنعوا مرطبانات منزلية أيضًا تتميز بالسماكة وتحملها درجات الحرارة، والتي لا تزال تستخدم حتى يومنا هذا.

المخللات في القرن 20.. انتصارات في الحروب والمباريات!

بعد صمود هذا النوع من المقبلات اللذيذة وإثباته فوائده الصحية والجمالية والغذائية على مر العصور، فإنه في التاريخ الحديث عاد ليدهشنا بفضائل وفوائد جديدة، أو إن أردنا أن نكون أكثر وضوحًا، انتصارات جديدة!

مؤن في الحرب العالمية الثانية

وزعت الحكومة الأمريكية حصص إعاشة من المخللات على الجنود خلال الحرب العالمية الثانية، وذهب 40% من إنتاج المخلل في البلاد إلى القوات المسلحة.

فريق كرة قدم يفوز بسبب عصير المخلل!

بعد فوزهم بـ41 نقطة مقابل 14، صرَّح فريق «فيلادلفيا إيجلز» لكرة القدم الأمريكية بأن سبب فوزه على فريق «دالاس كاوبويز» في يوم وصلت فيه درجات الحرارة إلى 42 درجة مئوية عام 2000، هو عصير المخلل الذي زاد قدرتهم على التحمل.

ووفقًا لموقع «نيويورك تايمز»، فقد دعمت دراسة علمية لاحقة في جامعة «بريجام يونج» الأمريكية هذا الطرح؛ إذ أظهرت أنَّ شرب عصير المخلل «يخفف التشنجات العضلية بنسبة 37% أسرع من شرب الماء، وبنسبة 45% أسرع من عدم شرب سوائل على الإطلاق».

ومع استمرارها لآلاف السنين، عبر القارات والطبقات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، أثبتت المخللات أنها لن تفقد شعبيتها أبدًا، بغض النظر عن مدى تغير العالم من حولها.

اقرأ أيضا:“آكلة الدماغ” تنهي حياة طفل في 6 أيام

شام تايمز
شام تايمز