من سيكون مستشار ألمانيا المقبل؟
مريم عثمان
أفرزت الانتخابات التشريعية في ألمانيا مشهداً ضبابياً لجهة التركيبة الحكومية وهوية مستشار ألمانيا المقبل. الضبابية هذه لربما كانت مرجحة نظراً لحساسية أي مرحلة انتقالية مع رحيل المستشارة الحالية أنجيلا ميركل عن الحياة السياسية بعد 16 عاماً في الحكم.
التقارب الكبير بين نتائج الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة أولاف شولتس والتحالف الديمقراطي المسيحي بزعامة أرمين لاشيت، قد يفرض ائتلافاً حكومياً مؤلفاً من ثلاثة أحزاب لأول مرة منذ عام 1950. كل من الاشتراكيين والمحافظين بحاجة لتشكيل ائتلاف حكومي مع حزبين آخرين على الأقل لضمان أغلبية مطلقة في البرلمان.
الدستور الألماني لا يسمح للمفارقة لأي حزب بتشكيل الحكومة الألمانية تلقائياً بعد حصوله على أعلى نسبة من أصوات الناخبين بل بعد مشاورات طويلة بين الكتل النيابية، وبالتالي لا يعني حصول الحزب الاشتراكي الديمقراطي على أعلى نسبة تصويت في الانتخابات الأخيرة بأن مرشحه سيكون مستشار ألمانيا المقبل، إلا بعد ترشيح من رئيس الجمهورية وتصويت أعضاء البرلمان على نحو سري.
في هذه المعادلة الحكومية، يصبح الحزبان الأصغران أي حزب الخضر وحزب الليبيراليين “الخيار الإلزامي” لأي تشكيلة حكومية يقوم بها كل من الاشتراكيين والمحافظين، نظراً أن لا وقائع على الأرض ترجح أي تحالف بين الحزبين الرئيسيين وبالتالي العودة إلى الائتلاف الحكومي الكبير الذي عرفته ألمانيا لسنوات.
المرجح أن الاشتراكيين سيلجؤون إلى التحالف مع حزب الخضر والليبيراليين وتشكيل تحالف إشارة السير أو “أمبل” نسبة إلى ألوان الأحزاب الثلاثة، فيما قد يلجأ المحافظون إلى التحالف مع الخضر والليبيراليين وتشكيل تحالف “جامايكا” نسبة إلى علم دولة جامايكا.
وهنا لا تخفى الشراكة التاريخية بين كل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر وبين التحالف الديمقراطي المسيحي والليبيراليين، لتبقى المعضلة الأساس إيجاد أرضية مشتركة بين الحزبين الأصغرين في العديد من القضايا المحورية في ألمانيا.
الضبابية هذه في المشهد الألماني لربما بدأت تتكشف مع أول استطلاع للرأي أظهر تأييد 60% من أنصار الاتحاد المسيحي الديمقراطي استقالة زعيم الاتحاد أرمين لاشيت محملين إياه مسؤولية الهزيمة التي تكبدها الحزب خلال الانتخابات،فيما أوضح الاستطلاع نفسه أن 50% من الناخبين يرون في مرشح الحزب الاشتراكي لمنصب المستشار أولاف شولتس مستشاراً جيداً لألمانيا، فهل سيكون شولتس خليفة ميركل؟ الأسابيع المقبلة قد تعطي الإجابة الشافية لهذا السؤال.
الميادين