ماذا وراء الاتصال الهاتفي بين الرئيس بشار الأسد والملك عبدالله الثاني؟
من الناحية السياسية وقّع ملك الأردن عبد الله الثاني والرئيس السوري بشار الأسد بموجب اتصال هاتفي مساء الاحد على وثيقة أخلاقية سياسية ضمنية تعلن انتهاء الخلافات بين البلدين بالنتيجة وتوفّر الحماية للمعطيات التي بدأت الحكومتان السورية والأردنية تتحرّكان باتجاههما لصالح فتح صفحة جديدة تماما.
لم يكن ما حصل مساء الأحد مجرد اتصال هاتفي بين زعيمي دولتين متجاورتين.
لكنه اتصال يسمح بتدابير جديدة وفي أعلى المستويات تسبق مشروعا ضخما لتوريد الكهرباء الأردنية والغاز المصري إلى لبنان عبر الاراضي السورية وهو مشروع يحظى بدعم واسناد الادارة الامريكية و الرئيس الامريكي جو بايدن كما يحظى بغطاء دولي بعد حراك مصري ودبلوماسي نشط مع المجتمع الدولي في هذا الاتجاه.
هذا الاتفاق يجعل ملك الأردن والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي طرفا مباشرا مع الرئيس السوري بشار الأسد في إطار حالة من الاحتياج يتم تذليل صعوباتها بغطاء سياسي يجمع لأول مرة وتحت بند تبادل المنافع والمكاسب الاقتصادية للبلدان الثلاث وهو أمر برأي المراقبين الخبراء قابل للتطور باتجاه الإسراع في خطة إعادة اندماج سورية في مسارها بالنظام العربي الرسمي.
وترجمة ذلك هو التقدّم عبر أروقة الجامعة العربية مجددا بفكرة عودة مقعد سوريا في الجامعة العربية إلى الدولة السورية.
بكل حال الاتصال الهاتفي بين الأسد وعاهل الأردن هو الأول بين الزعيمين عمليا بصورة علنية منذ عام 2011 وازمة الربيع العربي، لكن قبل ذلك تؤكد مصادر عليمة ومطلعة جدا بأن الزعيمان تبادلا سلسلة من الرسائل عبر قنوات خاصة ومحايدة ربطتهما معا بخطوات تنسيقية طوال الأسابيع التسعة الماضية وهو ما كان قد ألمح له ملك الأردن في أحد اللقاءات الاجتماعية والسياسية عندما قال بأنه يتواصل مع الرئيس السوري بشار الأسد.
اتصال الاحد الهاتفي المعلن عنه يدشّن مرحلة علنية من ذلك التواصل ويختم فيه محور عمان دمشق سلسلة متّسعة من خطوات التطبيع السريع اثارت المراقبين وطرحت عشرات الاسئلة في الطريق خصوصا وان تجاوب دمشق السريع مع مبادرات او خطوات المصالحة الأردنية حماسية للغاية وسط الاعتقاد دبلوماسيا بأن الأردن يحتفظ ببعض الاسطر المخفية المهمة في سياق موقف الرئيس الأمريكي جو بايدن حصريا من الملف السوري.
وهو موقف على الأغلب استمع اليه عاهل الاردن في الزيارة الشهيرة التي قام بها منذ نحو ثلاثة اشهر الى العاصمة الامريكية واشنطن.
ثمّة الكثير من التفاصيل لها علاقة بالعلاقات الاردنية السورية التي تتطور بصورة غير مسبوقة وخلال اسابيع قصيرة وتتجاوز حتى الخلافات في بُعدها الأمني.
وتلك الخلافات المتعلقة حتى باللاجئين السوريين وحماية الحدود والاتصال الهاتفي تضمّن حسب النص الرسمي الاردني تأكيد الملك على أن بلاده تدعم وحدة الأراضي السورية ووحدة الشعب السوري.
وهو تأكيد يصلح لبناء مستقبل أفضل للعلاقات بين الجانبين.
الاتصال بين الزعيمين أعقب عمليا زيارة مهمة ايضا الى بيروت قام بها رئيس الوزراء الاردني الدكتور بشر الخصاونة وتحدث فيها عن استعداد بلاده للمساهمة في تلبية احتياجات الشعب اللبناني.
لكن استعدادات الخصاونة قد يعقبها وسيعقبها على الأرجح التفكير بخطوات أوسع حكوميا مع الجانب السوري قد تتضمّن وفي وقت قصير ما سبق أن توقعته رأي اليوم بخصوص زيارة يمكن أن يقوم بها رئيس الوزراء الأردني إلى دمشق وأخرى يقوم بها نظيره السوري الى العاصمة عمان في الوقت الذي تتراكم فيه معطيات العلاقة بصيغة سياسية وإن كانت المصادر الرسمية الاردنية تؤكد بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شخصيا ومصر يمثلان الطرف الثالث الذي لا يتحدّث علنا على الخط المباشر وعلى خطوط محور الاشتباك باتجاه التطبيع السريع.
رأي اليوم